شبكة قدس الإخبارية

الأسير محمد مهدي وصورتان تختزلان سنين طفولة مهدورة

هيئة التحرير

عمّان – خاص قُدس الإخبارية: صورة؛ هو كل ما بقي لمحمد (18 عامًا) في حياة والده مهدي سليمان، صورة لا تتزحزح من جيبه إلا عندما يخرجها ليطمئن عليها ويقبلها، صورة لا يجلس سوى أمامها في المنزل، صورة يرفعها أمام الأردنيين بأي تجمع عفوي أو منظم، متحدثا عن قلب أب مكسور لا يرى طفله ولا يسمع صوته.

فمنذ عامين ومحمد في سجون الاحتلال، ووالده مهدي في الأردن  فكما حرم من فلسطين منذ عام الهجرة، حرم من نجله الذي اعتقل في 15/ شباط 2013 خلال زيارته لأقاربه في قرية حارس قضاء مدينة سلفيت، ليصبح أصغر أسير يحمل الجنسية الأردنية.

يروي والده لـ قُدس الإخبارية نقلا عن عائلته، أن قوات كبيرة من جيش الاحتلال ترافقها الكلاب البوليسية اقتحمت المنزل بعد خلع أبوابه، واعتدوا على العائلة، فيما أبرحوا  محمد ضربا بعد أن احتجزوا عائلته في إحدى غرف المنزل.

يقول، "روت لي والدته، أنه كان يبكي ويصرخ ويستنجد بها لتساعده، إلا أن قوات الاحتلال كانوا يدفعوها ويمنعوها من الاقتراب منه وخاصة أنه أصيب بالإغماء مرات عديدة".

ويبين مهدي أنه وبعد 40 يومًا من اعتقال محمد، عرفت العائلة من محاميها أن نجلها نقل من سجن الجلمة إلى سجن مجدو، وأنه تعرض للتحقيق المكثف الذي تخلله الضرب والتعذيب وذلك قبل إلفاق له لائحة اتهام احتوت على 27 تهمة من ضمنها محاولة قتل وإصابة 17 إسرائيليا.

وكان قد أصيب ثمانية مستوطنين خلال حادث سير وقع قرب قرية حارس، أدعت إثرها سلطات الاحتلال أن الحادث نتج بسبب إلقاء مجموعة أطفال الحجارة تجاه مركبات للمستوطنين، لتشن قوات الاحتلال حملة اعتقالات طالت 10فلسطينيين من ضمنهم خمسة أطفال كان محمد مهدي أحدهم.

وأوضح مهدي، أن محكمة الاحتلال عقدت حتى الآن 55 جلسة قضائية لم يصدر عنها إلا تجديد الاعتقال لمحمد والأطفال الأربعة، حيث تسعى سلطات الاحتلال لمحاكمتهم كباقي الأسرى الشبان ولم تحاكمهم كأطفال حتى لا تتخذ أي إجراءات تخفيفية وهو ما يعتبر مخالف للقوانين والمواثيق الدولية المتعلقة بالأطفال.unnamed (2)

وبين، أنه في كل مرة ينقل نجله محمد للمحاكم تعتدي عليه ما تسمى بقوات "النحشون" بالضرب المبرح، وتسبب له الكدمات والرضوض بوجهه وبكافة جسده، لافتا إلى أن محمد كان عمره حين اعتقل 15 عاما ونصف، والآن يبلغ عمره 18 عاما.

ونقلت المحامية هبة مصالحة حينها إفادة الأسير محمد، عن تعرضه للضرب والتعذيب خلال فترة اعتقاله ونقله إلى مركز التحقيق.

وبين الأسير محمد في إفادته أن قوات الاحتلال أخضعته للتفتيش العاري أكثر من مرة، وأجبروه على ارتداء ملابس السجن، وقاموا "بشبحه" لساعات طويلة، إي إجلاسه على كرسي صغير بعد تقييد يديه وقدميه.

وأضاف، أنه تعرض لتحقيق مكثف وطويل لعدة أيام تخلله الضرب والشبح، كما وضع في غرف العصافير لثلاثة أيام قبل أن يتم نقله إلى زنازين الاعتقال.

وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أصدر إثر الحادث، اوامره لجيش الاحتلال في الضفة بالتعامل الصارم مع الفلسطينيين بعد ادعائه أن إلقاء الأطفال الحجارة كان السبب وراء حادث السير.

وأضاف، "لم أرى محمد ولم أسمع صوته منذ اعتقاله، توجهت لوزارة الخارجية الأردنية مرات عديدة وسمعت الوعودات الكثيرة لإخراج تصريح يمكنني من زيارة محمد، إلا أنها لم تطبقها، وبقية مقصرة بدورها تجاه محمد والدفاع عنه"، مضيفا، أن وزارة الخارجية الأردنية لم تخصص لمحمد محامي ولم تهاتف "إسرائيل" بقضيته ولم تقم بأي دور تقوم به بشكل طبيعي أي دولة يعتدى على مواطنها ويعتقل في دولة أخرى.

ويقول مهدي، "لا أعرف طعم الحياة بدونه، أفتقده في كل شيء وفي كل مناسبة، لا أفكر سوى بمحمد ولا أريد سوى أن استعيده، سوى أن أراه"، مبينا، أن العائلة تشتت حيث تعيش والدة محمد في فلسطين لتتابع قضية نجلها وتزوره باستمرار، فيما بقي الوالد الذي لا يستطيع دخول فلسطين في الأردن.

unnamed

ويهدد مهدي بخوض إضراب مفتوح عن الطعام إذا لم تتحرك المؤسسات الأردنية المسؤولة بشكل رسمي وجاد، "الصليب الأحمر يرفض التدخل وطلب مني التوجه إلى السفارة الإسرائيلية في الأردن، وبدروها طلبت مني التوجه للسفارة الأردنية في تل أبيب، الكل يحولني إلى الآخر ولا يوجد نتيجة على الأرض".

ويبين مهدي أن نجله محمد حرم من أهم سنين حياته، حرم من حقه بالتعليم وتحقيق حلمه بأن يصبح محاميا كأشقائه، كما حرم من حقه باللعب، والأهم أنه حرم من أن يكون بحضن والده يعيش بأمان وحرية، "لو أن طفل إسرائيلي مكان محمد، لتحركت كل الدول وتم الإفراج عنه".

ولا يطالب مهدي إلا بالإفراج عن نجله المعتقل الذي اعتقل طفلا وسيبقى طفلا بعد أن سلب الاحتلال أجمل سنين طفولته، "يأتي رمضان ويذهب، ويأتي العيد ويذهب، تأتي كل المناسبات السعيدة ولا أرى محمد جانبي، لم يعد طعم للسعادة".