شبكة قدس الإخبارية

"غزة التي نحب" .. مبادرة لرؤية غزة جميلة

هدى عامر

غزة-خاص قدس الإخبارية: بعيونٍ لا تُبصر سوى الجمال، ينظر شباب ونساء من غزة إلى كل ما هو جميل في مدينتهم، حتى أولئك المغتربون كانوا حاضرين بصحبة حقيبة أمنياتهم تجاه هذه المدينة. الكاتبة الشابة هند جودة، صاحبة فكرة بعنوان " غزة التي نحب "، والتي تُعتبر استكمالًا لمبادرةٍ كانت قد أقامتها في ميناء غزة لتنظفيها وترميمها بعد الحرب الأخيرة عليها، وجعلها تبدو أبهى وأجمل، وكانت تحت عنوان (غزة تستحق)، وهي بصورةٍ عامة دعوة لتكوين صورة جمالية تليق بغزة وعظمتها. وفيما يتعلق بأصل الفكرة، قالت جودة " إنها تنبع من قدرتي على رؤية جمال غزة وحبي غير المحدود لها، بل وشفقتي عليها وشعوري الشديد بالحزن لحالها وحال أهلها، الذين لا يستطيعون في غالب الوقت الانتباه والاهتمام، ويعجزون عن ترك مساحة داخلهم لتذكر الجمال والاستمتاع به رغم وجوده الواضح" وأضافت جودة لـ "قدس الإخبارية"، "أنا أشفق على شعبٍ في الغالب، هو غير مستعد ليرى أو يسمع أو يفعل سوى ملاحقة نشرات الاخبار، أريد له أن يتوقف قليلًا وأن يلتقط أنفاسه وأن يفتح قلبه للحياة التي حوله". وحول الدافع من وراء هذه المبادرات، أكدت جودة أنها تهدف إلى دفع الناس للانتباه للجمال في عالم غزة المتعب، والواقع تحت ضغوط ومتغيرات هائلة، مضيفة " أن الهدف يتمثل بالسعي لإثبات قدرة على الاستمرار والابداع في نواحي متعددة رغم كل شيء". كما أوضحت أنها تسعى لجعل الناس يكسرون حاجز الخجل، للاعتراف بالأشياء التي يحبونها والتي ربما هي عادات يومية لا يشعرون بقيمتها وأهميتها. فيما يتعلق بالتفاعل مع الفكرة، قالت " التفاعل مدهش ومُرضي، ما يدفعني لإنشاء صفحة وتوثيق كل تلك المواقف الجميلة، خاصة أن بعضها مؤثر جدًا من مغتربين في الخارج يشتاقون لغزة، بقدر ما تخيفهم منها نشرات الأخبار وآراء المتشائمين من أهلها والذين يبالغون في لعنها ويعبرون عن رغبة أكيدة في التخلص منها" المدهش بحسب صاحبة الفكرة، هو انتباه الناس لأشياء مختلفة ومتنوعة إن كانت اجتماعية أو ثقافية، أو كطبيعة وأسواق وآثار قديمة، مضيفة بفخر "لقد كنتُ أراها جميلة، وأراها الآن أجمل بكل تلك العيون" كل العيون التي تكلمت عن غزة تنوعت نظرتها، وإن كانت اجتمعت على حب البحر والميناء والطبيعة الجميلة، شروقًا أو غروبًا ومواقف اجتماع العائلة، وضحكات الأمهات وكل ذلك الدفء. بعض الأماكن لها خصوصيتها وتفردها بالعشق المكاني، فلا يوجد أحدٌ سكن غزة أو زارها لم تتعلق روحه على ضفاف بحرها وسفن الصيد في مينائها، كما بعض الشوارع والأبنية القديمة والمساجد الأثرية والقصور التاريخية، الأماكن بتميزها كانت حاضرة في كلمات المجيبين عن السؤال الأساس " كيف ترون غزة وماذا تحبون فيها؟" الكاتبة سماح موسى قالت في إجابتها عن غزة التي تحب إن" أجمل ما رأت في غزة هي تلك الشرفات التي تتدلى منها أصص الزهور المختلفة والتي رغم كل التكدس الإسمنتي تجد مساحة للحياة تنمو". رائحة الطعام وأنواعه، وتميز محاصيلها وحمضياتها وأزهارها، ورائحة التعب على وجوه العاملين الكادحين، والنساء كبار السن وبائعات التوت على أرصفة الشوارع وعبق الماضي في أثوابهن المطرزة. بعض الكتاب والأدباء كانت لهم نصوص فريدة للمشاركة في هذه المبادرة، فالكاتب طلعت شعيبات في الشتات كتب قائلًا،" أفكر بزيارة غزة هذه ليست أمنية لسائح أجنبي يريد أن يكتشف بلدًا جديدًا بل هي رغبة ملحة، لأرى كيف يمكن لمكان واحد بهذه المساحة الضيقة أن يأخذ كل هذه الأهمية في مجرى التاريخ البشري" "وأريد أن ألمس هذه القدرة التي يمكن لمكان صغير كغزة أن يختزلها في جسد نحيل ليواجه كل هذا البطش ولا يموت ولا ييأس، أفكر بزيارة غزة لأكتشف كيف يمكن للفرح وللأمل أن يتسللا رغم كل هذا الضيق والمنع فنبصر كل هذه الإبداعات الخارقة التي تتفتق من رحم كل هذه المعاناة البشرية القصوى" قال شعيبات. وبالحديث عما تحتاجه غزة، اعتبر الكاتب محمود جودة أن غزة بحاجة كبيرة إلى مصنع للحلقوم الملون، ودور للأزياء، وسينما متوسطة البّذخ، وحديقة واسعة جداً بحجم معسكرات التدريب الخاصة بالمقاومة، بحسب رأيه الفن كان حاضرًا أيضًا، فالطفل الرسام محمد قريقع ابن حي الشجاعية بمدينة غزة، يُعتبر اليد التي تعكس رسم الجمال، كما أن المبدع في الستاند اب كوميدي، محمود زعيتر وبرنامجه "بس يا زلمة"، مثلت ضحكة غزة العالية وواقعها بصورة ساخرة، وصولًا إلى الكوميدي الساخر الفنان مؤمن شويخ. كما أن دور السينما القديمة مثلت بقايا جمال باهر، ولوحات لفنانين عرب وأجانب جسدت جمالها وقوتها وتفردها، حتى أن البعض اعتبر أن الفنان الفلسطيني " محمد عساف " رمزًا واضحًا وصريحًا لجمال غزة وصوتها. المقاومة كانت العنصر الأكثر بروزًا في الإجابات، فـالمشاركة لطيفة صلاح اعتبرت أن أجمل ما رأته في غزة هو الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة، متمثلًا بكلمة المقاومة التي هي أجمل ما في غزة ورمز عزتها، كما قالت. تبقى غزة جميلة بعيون كل من رأى في قلبه شعاع حب لها، وان اختلفت زوايا الرؤية، ليس تشتتًا لفهمها، إنما لاكتمال الدائرة حولها ولتتكون صورة غزة كاملة بألوان من جمال.