رام الله- خاص شبكة قدس الإخبارية: بعد أربعة أعوام ونصف على احتجاز إسلام حسن حامد (30) عاما في سجون السلطة، يشترط جهاز المخابرات الفلسطيني الإفراج عنه مقابل توقيع وثيقة تؤكد خلو مسؤوليتها عن حياته، أي أن ينفي المُوقع سواء كان من (عائلته، حركة حماس، مجموعة مستقلين) احتجاز إسلام طوال السنوات الماضية وتعذيبه وأن يتحمل المسؤولية على حياته في الأيام القادمة.
إسلام أقدم المعتقلين السياسيين في سجون السلطة - وهو أحد عناصر قوات (17) سابقا - أعلن في العاشر من نيسان إضرابه عن الطعام والمدعمات، بعد نقله من سجن أريحا حيث الظروف الاعتقالية شبه المعقولة إلى سجن الجنيد في نابلس في زنزانة لا تتوفر بها أدنى مقومات الحياة الآدمية، على الرغم من مطالبته المستمرة بنقله إلى سجن رام الله ليكون أقرب لعائلته التي تقطن في بلدة سلواد شرق المدينة.
حكم بالسجن 3 سنوات
[caption id="attachment_67025" align="alignleft" width="300"] إسلام قضى حكما بالسجن ثلاث سنوات في سجون السلطة على خلفية تنفيذه عملية إطلاق نار تجاه مستوطنين قرب مدينة رام الله عام 2010.[/caption]بلال حامد شقيق إسلام يروي لـ شبكة قدس، أن المحكمة العسكرية الفلسطينية حكمت على إسلام بالسجن ثلاث سنوات على خلفية تنفيذه عملية إطلاق نار تجاه مستوطنين قرب مدينة رام الله، وذلك بالتزامن مع انطلاق المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية في واشنطن في شهر أيار 2010 .
وبين حامد أن لائحة الاتهام التي حكمت بها المحكمة جاءت ضمن بند “مناهضة السلطة”، مؤكدا على أنه في شهر أيلول 2013 أنهى شقيقه إسلام فترة الحكم، إلا أن أجهزة السلطة ترفض الإفراج عنه بذريعة حمايته من الاحتلال.
العائلة تؤكد على أن اعتقال نجلها ليس حماية له من الاحتلال كما تدعي أجهزة السلطة الأمنية، ولو ذلك صحيحا يكون احتجازه في ظروف جيدة، تحت الحراسة وقرب عائلته، يعلق بلال،" إسلام كان في سجن أريحا الواقع في منطقة حدودية بين فلسطين والأردن، بعيدا عن عائلته وعن مركز المدينة، وهو مكان ليس بالآمن ويمكن للاحتلال اقتحامه بكل سهولة".
ويبين بلال أنه تم نقل شقيقه إسلام من سجن أريحا إلى قسم المخابرات في سجن الجنيد بنابلس عبر شارع (90) الاستيطاني، كما تم نقله بالسابق من رام الله إلى أريحا عن طريق بيت أيل، ما يؤكد للعائلة عدم اتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة لحماية نجلها، كما يؤكد أن احتجازه في سجون السلطة يدلل على تنسيق بين الاحتلال والسلطة.
الإضراب التمهيدي
إسلام وفور نقله إلى سجن الجنيد خاض إضرابا عن الطعام مدة أسبوع، ليتدخل إثرها عدد من الشخصيات المستقلة والفتحاوية للضغط على إدارة السجن والوصول إلى اتفاق تفاهمي بين الطرفين اقتضى بتوفير المخابرات الفلسطينية أهم مطالب إسلام مقابل تعليقه الإضراب، ويؤكد بلال على أن المخابرات لم تلبي مطالب إسلام ما دفعه لاستئناف إضرابه مجددا.
قلة من الحقوقيين والقانونيين من مؤسسات وأشخاص على إطلاع على قضية إسلام، ويوضح بلال أنه وخلال التجارب السابقة للعائلة مع عدد من المؤسسات الحقوقية تبين تعمد المخابرات المماطلة في تواصلها مع أي شخص يحاول الاطلاع على قضية إسلام أو التواصل معه والاطمئنان على ظروف اعتقاله.
وأضاف أن العائلة تشعر بالقلق المستمر على نجلها خاصة في ظل إضرابه عن الطعام وعدم تواصل الحقوقيين معه، مبينا أن العائلة وبعد أيام من إضراب إسلام تمكنت من زيارته، حيث كان في صحة متدهورة، وجه مصفر، وجسد هزيل، غير قادر على الكلام، ضغط منخفض، إلا أنه كان بمعنويات صلبة.
إسلام ومنذ اعتقاله محروم من العناية الصحية اللازمة، وما يقدم هو قياس الضغط فقط، مؤكد على أن العائلة أرسلت إليه ميزان ليراقب وزنه.
إنارة وحرمان من النوم
ظروف اعتقال قاسية مر بها إسلام خلال الأربع سنوات الماضية، يبين بلال أن شقيقه استطاع انتزاع عدد من حقوقه بعد خوضه الإضرابات المتكررة حتى تمكن من الحصول على ظروف اعتقال شبه مقبولة، إلا أنه وفور نقله إلى الجنيد عاد إلى نقطة الصفر مجددا.
وأضاف بلال أن شقيقه وفي بداية اعتقاله لدى مخابرات السلطة، تعرض للتعذيب بالكهرباء والشبح على نوافذ الزنازين، وخلال خمس أيام انتزع ت المخابرات الاعترافات منه ونقلوها للجانب الإسرائيلي الذي شن حملة الاعتقالات في البلدة طالت عددا من الشبان، من ضمنهم بلال الذي أخضع للتحقيق مدة (41) يوم.
وعلى الرغم من ذلك، إلا أنه لم يتبين للعائلة وجود ملف أمني بحق إسلام لدى سلطات الاحتلال، ويؤكد بلال أن العائلة لم تتعرض من قبل الاحتلال لملاحقة أو ضغوط أو تهديدات خلال فترة اعتقال إسلام في سجون السلطة.
وأضاف، أن إسلام لا يملك في زنزانته بسجن الجنيد سوى الفراش، وتم مصادرة كل أجهزة التواصل لديه إضافة لمصادرة بعض الممتلكات الخاصة له، مبينا أن إدارة السجن تبقي أربعة أضواء منيرة في الزنزانة ما سبب له الأرق وعدم القدرة على النوم، "نسمع عن هذه الظروف في زنازين التحقيق في سجون الاحتلال، وليس في الظروف الاعتقال العادية، وهو مرفوض تماما".
احتجاز بحجة الحماية
ويتساءل بلال،" لماذا يعذبون إسلام ويضغطون عليه؟ لقد حصلوا على ما يريدون وتم الحكم على إسلام وها هو قد انهى حكمه منذ عامين"، لافتا إلى أن العائلة ومنذ عامين تتواصل مع المؤسسات الحقوقية المحلية والأجنبية للضغط على السلطة والإفراج عن إسلام إلا أن المخابرات ترفض ذلك.
كلام منمق وجميل هو جل ما يخرج من أجهزة السلطة بما يتعلق باستمرار احتجاز إسلام كطريقة لحمايته من الاحتلال، إلا أن ما يتم بالواقع لا يمت بصلة لهذا الكلام، يعلق بلال،" إسلام غير مقتنع بأن يكون أسيرا لدى ابن بلده، ويتعرض لكل الضغط والتعذيب، ولو كان مسجونا في سجون الاحتلال لكان فهمه لمعادلة اعتقاله أهون عليه".
الأيام تعد والساعات تمضي ببطئ، وإسلام محتجز ظلما في سجون السلطة، إسلام يقول "إن مشكلته ليست مع السلطة وإنما مع الاحتلال، ونحن على يقين أنه وفور الافراج عنه يمكن أن يتم اعتقاله أو قتله".
منذ عام 2002 ووالدة إسلام محرومة من قبلة نجلها على رأسها، الذي قضى خمس أعوام في سجون الاحتلال، ثم عامين قضاهم بين الأحكام الإدارية بين (2008-2010) إلا أن تم الإفراج عنه ثم إعادة اعتقاله في شهر أيلول عام 2010 بعد عقد قرانه بسبعة أشهر.
الضميري: لا نفرط بحياة شبابنا
[caption id="attachment_67026" align="alignleft" width="300"] الضميري يقول إن الاحتجاز من أجل حماية إسلام لأن الأجهزة الأمنية تخاف على حياة الشباب الفلسطينين.[/caption]في مؤتمر صحفي حول الاعتقالات، عقده الناطق الإعلامي باسم الأجهزة الأمنية اللواء عدنان الضميري في مركز الإعلام الحكومي في مدينة رام الله، في السادس من أيار، أجاب عن سؤال حول استمرار اعتقال إسلام حامد، قائلا، "عندما يكون أحد الأشخاص المسجون لدينا صدر بحقه حكم قضائي من المحكمة، فلا يمكن التشكيك بالقرار القضائي"، لافتا إلى أنه يوجد قضيتين كقضية إسلام حامد.
وبما يتعلق باستمرار اعتقاله بعد انتهاء قضائه الحكم الصادر بحقه، علق، "استمرار احتجازه ليس بسبب رغبتنا إطعامه وإشرابه وجعله لدينا، إنما بسبب وضعه الخطر نتاج التهديد باغتياله".
واستشهد الضميري بمثال سابق حصل في الخليل، مع اثنين من المطلوبين تم الإفراج عنهم بعد توقيع أهاليهم ومحاميهم على أوراق تخلي مسؤولية السلطة منهم، مشيرا إلى أنهم وبعد يوم من الإفراج عنهم تم قتل أحدهم واعتقال الآخر.
وعلق، "شبابنا غاليين علينا، حتى الفلسطيني المخالف لنا"، مبينا أن الأجهزة الأمنية على يقين بمخالفة قرار المحكمة العليا باستمرار اعتقال إسلام.
"نحن في حالة فلسطينية فريدة، لا يوجد استقلال حتى الآن ولا يوجد سيادة كاملة، والاحتلال موجود في مطابخنا وغرف نومنا"، مؤكدا على ضرورة وجود مسؤولية وطنية بهذه القضايا.
استصدار قرار إفراج
ضمن سعي عائلة إسلام المستمر للإفراج عن نجلها، استطاعت انتزاع قراري إفراج من المحكمة الفلسطينية العليا والتي تعتبر أعلى الجهات القضائية الفلسطينية.
ويبين بلال أن العائلة انتزعت حكما من المحكمة العليا نص على ضرورة الإفراج السريع والآني عن إسلام، وبعد مماطلة الأجهزة الأمنية في تطبيق أمر المحكمة، رفعت العائلة قضية أخرى في المحكمة العليا ضد النائب العام وجهاز المخابرات، وبت القاضي بعدم وجود أي سند قانوني من قوانين السلطة الفلسطينية، يمكن الأجهزة الأمنية من اعتقال أي شخص بذريعة حمايته من الاحتلال.
وأكد على أن قرار المحكمة الثاني لم يأخذ بعين الاعتبار ولم ينفذ أيضا، "السلطة تدعي أنها دولة قانون، إلا أنها لا تطبقه"، مشيرا إلى أن العائلة توجهت للجنة مكافحة الفساد ورفع دعوى ضد المخابرات الفلسطينية التي لم ترد أي جواب بعد للجنة.
[caption id="attachment_67027" align="alignleft" width="300"] العائلة استطاعت انتزاع قراري إفراج من المحكمة الفلسطينية العليا غير أنهما لما ينفذا.[/caption]الجنسية البرازيلية
إسلام يحمل الجنسية البرازيلية إلا أن ذلك لم يغير من سياسية مخابرات السلطة اتجاهه، فيقول بلال إن السفارة البرازيلية في فلسطين على تواصل مستمر مع العائلة وينفذون زيارات مستمرة لإسلام.
وعلى الرغم من العلاقات الدبلوماسية القوية بين السلطة الفلسطينية والبرازيل التي كانت من أولى الدول الأجنبية التي اعترفت بدولة فلسطين، إلا أن المخابرات تقوم بعمليات تضليل ومراوغة كان من ضمنها إعلامهم بقرار الإفراج عن إسلام خلال أيام بشرط تسفيره إلى البرازيل لعدة سنوات وهو ما وافقت عليه العائلة التي سارعت لاستخراج الأوراق الثبوتية اللازمة لنجل وزوجة إسلام، ليتبين فيما بعد أن تلك لم تكن سوى محاولة تضليل للعائلة والسفارة.
قانوني: احتجاز إسلام غير شرعي
المحامي أنس البرغوثي الموكل بمتابعة قضايا الاعتقال السياسي في مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان، أوضح لـ "شبكة قدس" أنه محاكمة أي مدني أمام القضاء عسكريا هو غير قانوني، مبينا أنه في حال صدور حكم من محكمة عسكرية على شخص مدني فلا يوجد أي طريق قانوني لنقض الحكم.
وأضاف أنه إذا قضى المدني الحكم العسكري الذي صدر بحقه، فيوجد طريقة للطعون باستمرار احتجازه أمام المحكمة العليا، مؤكدا على أن المحكمة العليا قضت أن توقيف إسلام هو غير قانوني ويتنافى مع القانون الأساسي والذي ينص على أن لكل محكمة اختصاصها.
وعن ذريعة الأجهزة الأمنية المتمثلة بحماية إسلام من الاحتلال، بين البرغوثي أنه هذه ليست سوى حجة، "هم أدرى أنهم غير قادرين على حماية أي شخص، ويوجد تجارب سابقة بذلك، كاقتحام قوات الاحتلال لسجن بيتونيا واعتقال من فيه، وسجن أريحا، إلى محاصرة الرئيس أبو عمار وعدم توفير الحماية له".
وأضاف،" استمرار احتجاز إسلام بحجة الحماية هو حجة واهية، تدلل على استمرار التنسيق الأمني وفعاليته، ولا تخدم سوى الاحتلال"، مؤكدا على أنها غير قانونية بالمطلق.
وأكد أنه في حال اللجوء إلى المحكمة العليا في أي حالة مشابهة لحالة إسلام فيتم استصدار حكم فوري بالإفراج، مشيرا أنه في حال عدم التنفيذ يوجد سيناروهين.
الأول هو تقديم شكوى ضد مدير السجن باستمرار الاعتقال، وهو جريمة يعاقب عليها القانون بالعزل الوظيفي والسجن، ويبين البرغوثي أن معظم المعتقلين يتخوفون من تقديم شكوى جزائية ضد مدير السجن، والسبب هو الشعور بالخوف من محاولات الانتقام أو الاعتقال فيما بعد. أما السيناريو الثاني، فيتضمن تقديم شكوى للنائب العام ليقوم بفتح ملف تحقيق وإعطاء أمر بالإفراج، إلا أنه وحسب البرغوثي فكل الشكاوى الماضية كان مصيرها عدم الرد.