غزة-خاص قدس الإخبارية: قبل أحد عشر عامًا، أطلقت طائرات حربية إسرائيلية في الثاني والعشرين من آذار، عدة صواريخ على الشيخ أحمد ياسين عقب خروجه من صلاة الفجر، فنال الشيخ أمنيته الغالية في الحياة، وهي الشهادة.
الشيخ أحمد إسماعيل ياسين مؤسس حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ولد في قرية "جورة" قضاء المجدل، في يونيو/حزيران عام 1938، ونزح مع عائلته إلى قطاع غزة بعد حرب عام 1948 ميلادية، أصابه الشلل في جميع أطرافه أثناء ممارسته للرياضة في عامه السادس عشر، واستطاع الشيخ احمد ياسين أن ينهي دراسته الثانوية في العام الدراسي 57/1958 ثم الحصول على فرصة عمل رغم الاعتراض عليه في البداية بسبب حالته الصحية.
بدأ الشيخ أحمد ياسين نشاطه السياسي حين بلوغه العشرين، بالمشاركة في المظاهرات التي اندلعت في غزة احتجاجًا على العدوان الثلاثي الذي استهدف مصر عام 1956، حينها أظهر الشيخ قدرات خطابية وتنظيمية ملموسة حيث استطاع أن ينشط مع رفاقه في الدعوة إلى رفض الإشراف الدولي على غزة، مؤكدًا على ضرورة عودة الإقليم إلى الإدارة المصرية.
في عام 1987م، اتفق الشيخ أحمد ياسين مع مجموعة من قادة العمل الإسلامي في قطاع غزة على تكوين تنظيم إسلامي لمحاربة الاحتلال الإسرائيلي بغية تحرير فلسطين أطلقوا عليه اسم ” حركة المقاومة الإسلامية، المعروفة اختصارا باسم "حماس"، وبرز دوره في “حماس” خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي اندلعت آنذاك والتي اشتهرت بانتفاضة المساجد، ومن حينها والشيخ أحمد ياسين يعتبر الزعيم الروحي لحركة حماس.
وتعتبر نكبة 1948 من أهم الأحداث التي رسخت في ذهن الشيخ ياسين والتي جعلته على قناعة تامّة بضرورة إنشاء مقاومة فلسطينية في وجه الاحتلال الإسرائيلي، لذلك نراه يدعو إلى ضرورة تسليح الشعب الفلسطيني والاعتماد على السواعد الوطنية في تحرير فلسطين.
وكان الشيخ ياسين، قال في إحدى لقاءاته الصحفية، "لقد نزعت الجيوش العربية التي جاءت تحارب الاحتلال الإسرائيلي، السلاح من أيدينا بحجة أنه لا ينبغي وجود قوة أخرى غير قوة الجيوش، فارتبط مصيرنا بها، ولما هزمت هزمنا وراحت العصابات الصهيونية ترتكب المجازر والمذابح لترويع الآمنين، ولو كانت أسلحتنا بأيدينا لتغيرت مجريات الأحداث".
بعد تصاعد أعمال المقاومة خلال الانتفاضة الأولى، بدأت سلطات الاحتلال التفكير في وسيلة لإيقاف نشاط الشيخ أحمد ياسين فداهمت بيته في أغسطس/آب 1988 وفتشته وهددت بنفيه إلى لبنان.
وعند ازدياد عمليات قتل الجنود الإسرائيليين واغتيال الفلسطينيين المتعاونين مع الاحتلال، اعتقلت سلطات الاحتلال يوم 18 مايو/أيار1989 الشيخ، مع المئات من أعضاء حركة حماس، وصدر حكم يقضي بسجن الشيخ ياسين مدى الحياة إضافة إلى 15 عاما أخرى عليه، في يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول 1991 وذلك بسبب تحريضه على اختطاف وقتل الجنود الإسرائيليين وتأسيس حركة حماس.
أفرج عن الشيخ أحمد ياسين، بعد مقايضة بعميلين للموساد الإسرائيلي، ألقي عليهم القبض بعد المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في العاصمة الأردنية عمان.
قاد شيخ فلسطين مقاومة فلسطين المسلّحة، ورفع تحدي شعب فلسطين ' الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ' في وجه الاحتلال المجرم، فرفض الاستسلام وبثّ في الضفة والقطاع روح المقاومة وأوجد جيلاً مقاوما شرسا لا يعرف للتراجع والتنازل سبيل، بل قتّال كبير حتى تعود لحيفا ويافا واللد والرملة وبئر السبع وعكا.
في 13 يونيو 2003، أعلنت مصادر عسكرية للاحتلال، أن الشيخ ياسين لا يتمتع بحصانة وأنه عرضة لأي عمل عسكري إسرائيلي، وفي 6 سبتمبر/ أيلول 2003، تعرض الشيخ لمحاولة اغتيال عندما قامت المقاتلات الإسرائيلية من طراز F/16 بإلقاء قنبلة زنة ربع طن على أحد المباني في قطاع غزّة، وكان الشيخ أحمد ياسين متواجداً في شقّة داخل المبنى المستهدف مع مرافقه إسماعيل هنية، فأصيب الشيخ ياسين بجروح طفيفة جرّاء القصف، وأعلن الاحتلال بعد الغارة الجوية أن الشيخ أحمد ياسين كان الهدف الرئيسي من العملية الجوية.
استشهد الشيخ فجر يوم الاثنين 1 صفر 1425هـ والموافق 22 مارس 2004 م وهو يعتلي مقعده المتحرك أثناء عودته من صلاة الفجر، حيث استهدفته طائرات عسكرية إسرائيلية مقاتلة بثلاثة صواريخ.
استشهد الشيخ أحمد ياسين، وهو في عمر الخامسة والستين، بعد مغادرته مسجد المجمّع الإسلامي الكائن في حي الصّبرة في قطاع غزة، بعملية أشرف عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي ارئيل شارون، حيث قامت المروحيات التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي بإطلاق 3 صواريخ تجاه الشيخ المقعد وهو في طريقه إلى سيارته مدفوعاً على كرسيه المتحرّك من قِبل مساعديه، فسقط الشيخ قتيلاً في لحظتها وجُرح اثنان من أبناء الشيخ في العملية، واستشهد 7 من مرافقيه.
وقد لقيت هذه الجريمة الإسرائيلية اشد الإدانة من الرئيس ياسر عرفات والسلطة الوطنية الفلسطينية، ونعته عديد الفصائل والقوى والمؤسسات الرسمية، وافتتح مجلس عزاء في مقر الرئاسة الفلسطينية، التي أعلنت الحداد لمدة ثلاثة أيام.
تمتع الشيخ أحمد ياسين بمنزلة روحية وسياسية متميزة في صفوف المقاومة الفلسطينية؛ وهو ما جعل منه واحدًا من أهم رموز العمل الوطني الفلسطيني طوال القرن الماضي، ورمزًا لكل فلسطين، بمسيحيها ومسلميها، نسائها ورجالهما، من كل التيارات الوطنية ومن كل الأحزاب و من كل فئات المجتمع، لم يكن يرى في نفسه قائدا لحركة أو منتميًا لحزب، بل كان شعاره أن فلسطين هي الأصل و كلنا نحن الفروع، فكان رمزًا للوحدة ورمزًا لحرية فلسطين.