فلذة كبدي قطعة مني، فلذة قلبي نظر عيني، ولدي الغالي نور دربي، سنين قد طالت وأنت بعيد عني، عساك بخير يا ولدي، ملكت روحي ووجداني، حرمني السجان منك يا وحيدي، كلها مشاعر أم سرق السجان ولدها من بين ذراعيها.
أم عماد تلك الأم الفلسطينية التي حرمها السجان من ابنها الوحيد عماد نعيم الشريف التي تشعر بفراغ القلب، أحشائها أخذت منها, قلبها سحب منها, جسدها ناطق متوقف.
كل ثلاثاء أراها في اعتصام الأسرى الأسبوعي في الصليب الأحمر وقد ظهر عليها الإنهاك ونبرة صوتها يزلزل القلوب والضمائر ترفع صورة ولدها الوحيد وتقول باعتصامها بآهات مسموعة، بدي أشوف ابني قبل ما أموت.
تروي أم عماد قصتها أن ابنها عماد الشريف المقدسي الذي كان بعمر الحادي والعشرين طالب في قسم الهندسة بجامعة بيرزيت قد حضر له الاحتلال الإسرائيلي عدة اتهامات تودعه بالسجن المؤصد.
ظل مطاردا سنتين ونصف لم تشاهده فكانت تشعر بالأسى والقلق لا تنام الليل وهي تفكر به، كان الاحتلال يوميا يأتي إليها ليقيدوه ولكن يوما كان عماد بالمنزل وبمراقبة الاحتلال المنزل عرفوا أن عماد بالمنزل فقرروا هدم المنزل فطلب الاحتلال من أسرة عماد أن يتركوا المنزل خلال عشر دقائق فزرعوا الديناميت حول المنزل ولم تأخذ من المنزل سوى الدواء وطلبوا من الجيران إخلاء الموقع خوفا من الضرر الشامل.
هنا اضطر عماد للخروج من المنزل فأسروه بتاريخ 1/12/2003 اتهموه بثلاث تهم ملفقة وحكموا عليه بالمؤبد في عوفر لكن والده المحامي نعيم الشريف قدم استئناف حتى حصل على حكم سبع وعشرون عاما والآن هو معتقل في نفحة.
ما آلمني أكثر أن أم عماد كانت تنوي له الخطبة لكن بربرية وهمجية الاحتلال لم يأذن له بذلك، وليس من الغريب من أم عماد أن تعيد بناء المنزل ولكن عماد طلب منها ألا يكملوا بناء البيت حتى يخرج من سجنه ليكمل بناءه بنفسه.
المشوق بكلامها كلماتها المؤثرة عن ابنها انه بار ومطيع متفائل محب للخير منزلته منزلة الروح في قلبها نشتاق لرؤيته لسماع صوته تتمنى أن يكون بين ذراعيها. فتقوم الليل تدعي له، وتقول إن ابنها حرم من الكانتين ولكن باب الله لا يغلق يقول عماد عوضه الله بأخوة في المعتقل
ما أحزنني أكثر افتقاد أم عماد ووالده ابنهما على مائدة الطعام والمناسبات والأعياد، فوالدي عماد يحلمان أسوة بباقي الآباء أن يتحرر وتكون له زوجة يرسمان معا طريق الحق والمودة والحرية والعدالة.
تأثرت ودمعت عيناي عند قولها تشتاق لأحفاد من ابنها الوحيد أن يقولوا لها يا ستي التي بعمرها أصبح لهن أحفاد الأحفاد، ومن المحزن كلماتها "شو ضل من العمر"، وبالذات أن أم عماد مريضة تريد أن تعمل عملية زرع مفصل, ووالده يحتاج ولده.
فتطالب بزيارة له وإطلاق سراحه دون قيد أو شرط.ما دفعني إلى الاحترام والتقدير لقولها يا ولدي عماد أنت بطل الأبطال والأوفياء.ولدي الله يحميك ويفرجها عليك ويرضى عليك ويفك أسرك وأسرى جميع الفلسطينيين وافرح فيك وتسر خاطري.
ما أعجبني بهذه المرأة أنها حامدة شاكرة صابرة راضية داعية للرحمن بالفرج القريب. تلك قصة أم فلسطينية كباقي أمهات فلسطين اللواتي أبنائهن في السجون. هن أجمل الأمهات ينتظرن أبنائهن دون كلل أو تعب فيوما ما على أمل أن نهاية طريق الغرفة المعتمة نورا وحرية.