الضفة المحتلة- خاص قدس الإخبارية: في اليوم الرابع على استشهاد نجلهم، جلس والدا الشهيد نديم نوارة (17) عاما يقلبا حقيبته المدرسية باحثين عما تبقى من رائحة ابنهم، ليجدوا بين ثنايا كتبه الرصاصة التي اخترقت قلبه وسلبته منهما إلى الأبد، بعد أن ادعى الاحتلال أن ما أطلق تجاه نوارة هو رصاص من النوع المعدني المغلف بالمطاط.
من هنا انطلق صيام نوارة والد الشهيد بجمع الأدلة والإثباتات التي تؤكد إطلاق قوات الاحتلال الرصاص الحي على نجله نديم خلال مشاركته بإحياء ذكرى النكبة الـ 66 بالقرب من معسكر عوفر غرب رام الله، ليتخذ الاحتلال أولى خطواته في 12 تشرين ثاني - أي بعد ستة أشهر - باعتقال أحد جنود الاحتلال المشتبه بهم واحتجازه للتحقيق معه، حسبما كشف الإعلام الإسرائيلي.
[caption id="attachment_53502" align="alignleft" width="280"] الشهيد نديمة نوارة استشهد برصاص الاحتلال في مواجهات قرب رام الله[/caption]نوارة تجمع الأدلة
صيام أوضح لـ شبكة قدس، أنه بدأ بجمع البيانات من كل وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، وأخذ دورة مونتاج لتسهيل مهمته، مشيرا إلى أنه جمع كل الصور التي تظهر تحركات جنود الاحتلال وأماكنهم قرب معسكر عوفر في 1552014،" لم يكن هناك أي خطورة على الجنود، كانوا يتواجدون في مكان عال وبعيد عن المتظاهرين الذين كان معظمهم من طلبة المدارس ويحملون حقائبهم على ظهورهم".
وأكد صيام أن المواجهات التي كانت مندلعة لم تكن تستدعي إطلاق الرصاص الحي، وهو ما أنكره الاحتلال فور استشهاد نوارة والذي دحض ادعاءاتهم الرصاصة التي وجدت في حقيبة نديم وكاميرات المراقبة للمحال التجارية القريبة، ليقوم الاحتلال بعد ظهور الرصاصة بسحب تصريحاته الرسمية.
وبين صيام أن ظهور الرصاصة كان له دورا مهما، وهو الذي استدعى استخراج جثمان الشهيد نديم وإخضاعه للتشريح بعد أربعة أسابيع من استشهاده، حيث كان الجثمان سليم لم يتحلل بعد وقد وجد فيه أربعة شظايا للرصاصة، "تم أخذ قياسات مدخل ومخرج الرصاصة خلال التشريح الذي صور فيديو، في أبو ديس بوجود أطباء فلسطينيين ودنماركي وآخر أمريكي".
وبين خبير المقذوفات النارية الذي شارك في التشريح أن الرصاصة والشظايا من نفس التكوين والمواد، فيما أظهر وزنهم أنهما كانا كتلة واحدة، وأكد على أن الرصاص أطلقت من سلاح M60 وهو سلاح موجود لدى الاحتلال وغير متوفر في أراضي الخاضعة للسلطة الفلسطينية.
وأضاف، أنه تم عمل تقرير واحد للتشريح وتم التوقيع عليه من قبل كافة الأطباء، فيما من المتوقع أن يوقع على التقرير الطبيبين الإسرائيليين.
وأشار إلى أنه طلب حضور أطباء إسرائيليين رغم رفض الجانب الفلسطيني، ليكون هم أيضا دليل أمام محاكم الاحتلال، مضيفا أن ذلك رافقه مشاورات مع جمعيات ومؤسسات حقوق إنسان كـ بيتسيلم، وحقوق الطفل، ومؤسسة الحق، وجمعية حقوق الإنسان التي كانت المستشار القانوني والفني، إضافة للتواصل مع عدد من الإعلاميين الفلسطينيين.
وأشار إلى دلائل أخرى يتضمنها الملف، كشهادة المصور الصحفي سامر نزال الذي ألتقط صور للحظة إصابة نديم ، وصحفي آخر من CNN والذي صور بلقطة واحدة إطلاق النار وإصابة الشهيد.
وأكد على أنه يوجد مادة مصورة تثبت أيضا قيام أحد الجنود - الذي كان موجود بهدف التصوير- بحمل السلاح وإطلاق رصاصة من النوع المعدني المغلف بالمطاط على رأس المسعف الذي حاول تقديم المساعدة لنديم.
[caption id="attachment_53503" align="alignleft" width="400"] استخرجت جثة الشهيد نوارة بعدة حوالي أسبوعين من استشهاده ليتم تشريحها[/caption]من يساند عائلة نوارة؟
"كل الأدلة أحضرناها بطريقة قانونية ومنطقية، ولا يوجد مجال للتهرب منها" يقول صيام، مشيرا إلى أنه تم التواصل من خلال الارتباط الفلسطيني مع الجانب الإسرائيلي حيث تم تزويدهم بكافة الأدلة والمواد والتقارير التي جمعتها العائلة.
وعن من يساند العائلة فيما تقوم به، أوضح صيام،" ما نقوم به هو بتوفيق من الله، والمهم وجودنا كعائلة تطالب وهو لفت انتباه المؤسسات الحقوقية، ويضغط على المدعي العام ليعمل بشكل قانوني"، مؤكد، " كلما كان أهل الشهيد مهتمين ويتابعوا بطريقة قانونية وصحيحة، فذلك يقود لنتائج مختلفة".
عائلة الشهيد نديم نوارة تحدت أصوات ارتفعت من حولها، تطالبها بعد هدر جهودها التي لن تثمر شيئا ولن تُخضع جنود الاحتلال للمحاكمة،" للأسف يوجد ثقافة ووعي لدى البعض أنه لا يمكن لأحد محاكمة إسرائيل وأخذ الحقوق منها، لذلك يجب أن نسكت بدون سعي".
وأضاف،" أقول لكل هذه الأصوات، أصحوا لأنفسكم، فيكفينا شرف المحاولة، حتى لو تثمر جهودنا"، متابعا،" أبناءنا شهداء في الجنة هذا صحيح، ولكن نحن ما زلنا على الأرض وعلينا اتخاذ إجراءات لمحاكمة الاحتلال وللحد من قتل الفلسطينيين".
وقال صيام: "الآن يوجد فرصة أمام إسرائيل لتثبت للعالم أنها دولة قانون من خلال محاكمة الجندي، كما تحاكم الأسرى الفلسطينيين بالسجن المؤبد".
رسالة إلى أمهات الشهداء
والدة الشهيد نوارة وفور تلقيها خبر توقيف الاحتلال أحد الجنود المتهمين بقتل نجلها نديم، ذهبت لقبره لتهمس له ما جرى، ولتعده بالاستمرار في محاسبة قاتله، وقالت لـ شبكة قدس،" أوجه ندائي لكل أمهات الشهداء والجرحى والأسرى، أن لا يسكتن يخرجن للمطالبة بحق أبنائهن".
وأضافت، "بعد أن تفقد الأم مهجة عمرها، ماذا بقي لتخاف منه، على أم الشهيد أن لا تستلم، فلتبكي عليه ولتحزن عليه كما تريد ولكن لا تستلم، فمن هي إسرائيل التي نخاف منها"؟، مؤكدة على أن أهالي الشهداء لو وقفوا وطالبوا بمحاكمة قتلة أبناءهم، سيكون هناك نتائج مختلفة،" ربنا لا يضيع حق ورائه مطالب، أبنائنا ربنا اختارهم شهداء ليكونوا أحبابهم، ولكننا على الأرض يجب أن نكمل واجبنا تجاه أبنائنا الذين يبقوا أحياء في قلوبنا".
وبينت أن أمهات الشهداء يجب أن يضعن حدا لمن تخطى حدوده بالتعامل مع أبنائهم وسلبهم بكل دم بارد،" يجب أن نخرج من الأمومة ونتجرد من هذه المشاعر، ونقول نريد حق أبنائنا ومحاسبة قتلتهم".
http://youtu.be/nEtUQoXu_ao