شبكة قدس الإخبارية

الشهيدان القواسمي وأبو عيشة من المطاردة حتى الاستشهاد

هيئة التحرير

شاع ذكر الشهيدين عامر أبو عيشة ومروان القواسمي، إبان عمليةأسر ثلاثة جنود قرب مدينة الخليل، واتهامهم بالمسؤولية عنها من قبل "الشاباك" الإسرائيلي، حيث تمكنوا من صفع أجهزة الأمن الإسرائيلية ثلاثة مرات، الأولى في عملية الخطف من مربع يعج بالمراقبة والحذر، والثانية في إخفاء مصير المخطوفين لمدة ليست بالقليلة، والثالثة في المطاردة والتخفي.

فقه الشهيد عامر أبو عيشة، البالغ من العمر (33 عاماً)، معنى المثل "لايفل الحديد إلا الحديد"، من واقع مهنته في الحدادة، وأنتقل هو ورفيقه الشهيد مروان القواسمي في الثلاثينات من العمر يعمل كحلاق، إلى حياة المطاردة ومقارعة الاحتلال.

يسكن الشهيدان في نفس المنطقة التي تعرف بـ"حي الحجر" بمدينة الخليل، متزوجان، عامر لديه ثلاثة من الأطفال، أما مروان رزق بطفلته "راية" مؤخرا خلال مطاردته من الاحتلال.

تجرع الشهيد القوا سمي مرارة الاعتقال منذ صغره، حيث كان الاعتقال الأول وهو في عمر (18 عاما)، وحكم عليه في السجن 20 شهرا، واعتقل بعدها مرات متفاوتة معظمها إدارية، ليطلق سراحه من آخر اعتقال في شهر آذار من عام 2012، وهو أبن عم القيادي الكبير في كتائب القسام الشهيد عبد الله القواسمي.

وكانت عائلة الشهيد أبو عيشة صاحبة تاريخ مشرف في المقاومة والاستشهاد، حيث سبقه  شقيقه الشهيد زيد أبو عيشة في اشتباك مسلح مع جيش الاحتلال عام 2005، واعتقل والده في عام 1995 لمدة 22 شهرا، وهدم منزلهم حينها، أما عامر فاعتقل حسبما أفاد والده "لمدة 6 شهور إداري كانت المرة الأولى والأخيرة".

البداية

أختفت آثار الشابين تزامنا مع عملية أسر الجنود الثلاثة، حيث قال والد الشهيد أبو عيشة إن نجله "عامر أخبر زوجته أنه سيذهب للعمل في بلدة العيزرية  لمدة يومين، ولم يعد منذ تلك اللحظة"، فيما أكدت والدة الشهيد القواسمي أنها "لاتعرف شيئا عنه منذ لحظة اختفائه".

وكانت قوات الاحتلال شنت عملية عسكرية، بحثا عن الأسرى الثلاثة، أطلقت عليها "عودة الأخوة"، شنت خلالها حملة تفتيش واسعة النطاق لتطال كل حجر في محافظة الخليل، بالتزامن مع حلمة الاعتقالات الواسعة التي شملت أكثر من 1000 فلسطيني تحت أسم "جز الرؤؤس الكبيرة".

واستمرت تلك العملية حتى أعلن جيش الاحتلال  مساء يوم الاثنين، في 30 يونيو، العثور على جثث حنوده المختطفين بعد 19 يوم من العملية، مدفونة غربي مدينة حلحول شمال مدينة الخليل، بينما لم يعثر على المتهمين بالعملية.

وواصلت قوات الاحتلال حربها ضد الشابين، من خلال تفجير منزلي القواسمي وأبو عيشة، في بداية شهر تموز، حيث وصفت زوجة الشهيد أبو عيشة هجوم الاحتلال وقتها بالهمجي وبدون "سابق إنذار حيث كانوا في زيارة لجيرانهم لحظة التفجير".

متهمون آخرون

زعمت صحيفة "هآرتس" أن جيش الاحتلال تمكن من اعتقال أحد مدبري العملية حسام القواسمي، بتهمة قيادة المجموعة التي خطفت وقتلت الجنود الثلاثة في شهر حزيران الماضي، بتمويل من شقيقه المبعد إلى غزة محمود القوا سمي، على حد قول الصحيفة.

وقالت الصحيفة "إن حسام أعترف بعد تعرضه للتحقيق أنه طلب من شقيقه المبعد مبلغا من المال لتنفيذ العملية، وبعد أن وصله المبلغ نقدا استخدمه في شراء سيارة من طراز "هونداي" استعملت في عملية الأسر، وكذلك لشراء بندقيتين ومسدسين من أحد نشطاء حركة "حماس" بالخليل.

وذكر موقع"والا" العبري تفاصيل عن لحظة " تنفيذ العملية وحرق السيارة، "وصل مروان القواسمي الى حسام وسافر الاثنان مع جثث المستوطنين الثلاثة الى قطعة ارض في حلحول كان اشتراها حسام قبل "عدة شهر من تنفيذ العملية حيث تم دفن المستوطنين هناك".

حيث تم اكتشاف جثث المستوطنين بالصدفة من قبل قوات الاحتلال التي اجتهدت مدة شهر بحثا عنهم دون الوصول إلى طرف خيط، ومنذ ذلك الحين والقواسمي وأبو عيشة يعتبران المطلوبان رقم (1) لدى أجهزة الاحتلال الأمنية، حيث نشطت تلك القوات في مطاردتهما مدعية أنها تمكنت قبل حوالي أسبوع من تضييق الخناق عليهما.

لحظة الاستشهاد

اليوم وعند الساعة الثالثة فجرا، حاصرت قوات الاحتلال منزلا،  قرب مسجد الرباط في حي الجامعة بمدينة الخليل،  تحصن فيه الشهيدان، وشرعت بإطلاق رصاص كثيف في الحي وأجرت عمليات تفجير في المكان قبل مطالبة قاطني المنزل بالخروج وتسليم أنفسهم للقوات.

وبعد ساعات من إطلاق النار المتبادل، قصفت قوات الاحتلال المبنى بالقنابل الحارقة والفراغية، وأعلنت عن تمكنها من إغتيال المطاردين عامر أبو عيشة، ومروان القواسمي، في عملية  شارك فيها أكثر من 100 جندي إسرائيلي، وطائرات استطلاع.

وخرجت جنازة شاركت فيها جموع غفيرة، من مسجد الحسين بن علي في قلب الخليل باتجاه مقبرة الشهداء في حارة الشيخ وسط هتافات داعمة للمقاومة ومطالبة بالرد على إغتيالهم ورفضا للتنسيق الأمني.

وخلال المسيرة شاركت والدتا الشهيدين القواسمي أبو عيشة بحمل جثماني ابنيهما وتقدمتا المشيعين، حيث قالت والدة الشهيد أبو عيشة “الحمد لله الذي كتب له الشهادة”، في حين قالت والدة الشهيد القواسمي: “الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام، والله يرضى عليه، واتمنى ان يكون كل شباب المسلمين مثل مروان، والله يجمعنا معه في الفردوس الأعلى".