بالإكسسوارات المطرزة بالتطريز الفلسطيني، ظهرت الفنانة منال موسى من قرية دير الأسد الواقعة في الجليل الأعلى المحتل عام 1948، في (16) من شهر شباط لعام 2014، ضمن الوفد الإسرائيلي الذي استقبله الرئيس الفلسطيني في مقر المقاطعة في مدينة رام الله.
منال والتي قدمت ستة أعمال غنائية تحمل التراث الفلسطيني، جلست في الصفوف الأولى في الاجتماع الذي ضم (250) إسرائيليا والذين حياهم عباس بـ "شلوم"، وختم متمسكا بالتنسيق الأمني وإقامة الجسور مع الاحتلال.
منال والتي رددت مقطع "مع السلامة وين بدك، لقعد على دربك وردك" ضمن غنائها للأغنية الفلسطينية التراثية "طلت البارودة"، والتي غنت "على دلعونا وين الحبايب، قلبي على فراق الأخلة دايب"، وغنت وهي ترتدي الكوفية الفلسطينية في برنامج نيوز ستار، "هدي يا بحر هدي .. طولنا في غيبتنا"، لم تلبي أصوات الحناجر الفلسطينية التي كانت تدعو أمام مقر المقاطعة بوقف التطبيع وطرد الوفد الإسرائيلي، أثناء تواجدها مع الوفد داخل مقر المقاطعة.
اشتعلت منال غضبا ولم يروق لها الانتقادات التي وجهت لها من قبل الصحفيين والناشطين الفلسطينيين، وردت على إحداها قائلة،" على خلقة صور حكيتو يا صحافة، أما على 6 أعمال فنية ما حدا حكى أشي"، وبينت أن حضورها كان سوء فهم، وأنها لم تكن تعلم بوجود الوفد الإسرائيلي وحضوره، وأنها جاءت بشكل شخصي، وهو ما ظهر عكس ذلك في عدسات الإعلام، خاصة أنها وجهت سؤال للمندوب الإسرائيلي.
تجاوبا مع تبريرات الفنانة منال عن تواجدها مع الوفد الإسرائيلي في المقاطعة، سألتها أحد الزميلات الصحفيات،" لماذا لم تنسحبي؟ لما حضرت الاجتماع كاملا؟ لماذا تفاعلتي وطرحتي الأسئلة"، فكانت إجابتها أن الأمن منعها من الخروج!! إلا أنه ما كشف مؤخرا وحسب تسريبات لأحد الصحافيين، أن حضور منال الاجتماع كان لمصلحة خاصة.
في ظل تسارع الأحداث في الأرض الفلسطينية، طوي هذا الحدث الذي مضى عليه ثمانية أشهر، إلا أن التقاط منال صورة أخرى مع عضو حزب الليكود الإسرائيلي أيوب القرا، بعد تقدمها لبرنامج "أرب آيدل" أعاد وأشعل فتيل غضب المتابعين على صفحات التواصل الاجتماعي والذين تناقلوا الصورة بشكل كبير.
تبريرات مشابهة للأولى، أعيدت وأطلقت خلال تصريحات لعائلة موسى لوكالة وطن للأنباء، والتي انتشرت في (16) من شهر أيلول، وجاء فيها أن القرا ألح على منال التقاط الصورة معها وهو من قام بنشرها بهدف تشويه صورتها الفنية والوطنية، مبينة أن ذلك جاء بعد استدعائها من قبل شرطة الاحتلال وسحب جواز سفرها والضغط عليها هي والمشاركين في برنامج "أرب آيدل" هيثم خلايلة ومحمد اسدية.
التبريرات الأولى والثانية، كانت ضعيفة بما يكفي لتخون منال، وكيف لا ولا يوجد صدفة جمعتنا بالاحتلال؟!وكيف لا وعندما نجتمع مع قوات الاحتلال "صدفة" في نقطة احتكاك تندلع المواجهات والرفض والغضب؟! وحتى الطفل الذي لا يتجاوز الأعوام يشير ويقول "جيش" ويحرك يده وكأنه يضربه ويلقي عليه الحجارة، وكيف لا وهذه هي الفطرة التي ولدنا عليها وفلسطيننا محتلة؟!.
ما لا تعلمه جيدا منال، أن فلسطين المحتلة منذ عام 1948، والتي ارتكبت بحق شعبها أبشع وأفظع الجرائم الإنسانية، قضية لا حياد بها، فإما أن تكون محاربا مدافعا وإما أن تبتعد عن تمثيلهم.
فالقضية الفلسطينية لا تقبل أن يكون لها وجوه عدة، فالحق والإنسانية والحرية وجهها الذي لا تنازل عنه، وجهها الذي لا بديل له، وجهها الذي يشهد له العالم.
ما لا تعلمه جيدا منال، أنه ومنذ احتلال أرضنا، ودماء شعبنا تسفك، ولو جمع منذ ارتقاء أول شهيد، أصبح أكبر أنهار العالم، فكيف لنا أن نصافح من تخاذل وخان دماء شعبه؟ كيف لنا أن نجتمع وإياه بصورة فوتوغرافية مبتسمين ونحن نضع يدنا على كتفه ونسمح له أن يضع يده الملطخة بدماء شهدائنا على كتفنا؟
ما لا تعلمه جيدا منال، أن في فلسطين لا فصل بين مجالات الحياة المختلفة فيها، فالاحتلال يستهدفها كلها، ونحن لا نستكين له أبدا، فنقاتل بالقلم، ونقاتل بالقيثارة، ونقاتل بالغناء، ونقاتل بالسلاح، ونقاتل بالابتسامة، ونقاتل بالصمود، ونقاتل بالتحدي.
والفن ميدان للقتال أيضا، الصوت الصداح فيه سلاح، واللحن فيه سلاح، والكلمة فيها سلاح، والموقف فيه أيضا سلاح، فهل سنرفع مرة أخرى غصن الزيتون الذي رفع عام1974 وأصبح هشيما تذروه الرياح؟ وكيف لنا أن نعمل هذا في فننا الذي أشعل مواجهاتنا مع الاحتلال في الثمانينات والانتفاضة الأولى والثانية؟
منال حصلت وفلسطينيين آخرين على الموافقة الأولى من لجنة "أرب آيدل" للمشارك في البرنامج، والمطلوب منهم الآن أن يغنوا لفلسطين التي تختزل فيها كل معاني الحب والحياة، أن يمثلوا شعبهم أفضل تمثيل، أن يصلوا صوت قضيتهم لمن ما يزال يسد أذنيه ويغمض عينيه عنها.
المطلوب منهم أن يكونوا أصحاب مواقف قوية، مواقف لا رجوع عنها، مواقف جادة ومنحازة لقضيتهم وشعبهم، لا أن يصافحوا متخاذلا، ولا يستسلموا لضغوط أو شروط، ولن يتركهم حينها شعبهم وسيكون سندا لهم، والتجارب تثبت.
المطلوب منهم أن يعيدوا إحياء أغاني الثورة والمقاومة والنهوض بها، فلسطين ما زالت محتلة ولا مكان لحب ليس لها وبها.