أعلنت كل من حكومة الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس رفضها للمبادرة الأوروبية الجديدة والتي تقدمت بها كل من "بريطانيا وفرنسا وألمانيا"، والتي بحثت عن مسار سياسي من أجل تثبيت وقف إطلاق النار في غزة.
الاحتلال، بدعم غربي (أوروبي وأميركي) يحاولون أن ينتزعوا بالضغوط السياسية من المقاومة ما عجزت "إسرائيل" عن تحقيقه في ساحات المعركة خلال عدوانها المتواصل على قطاع غزة.
بنود المبادرة
وتناقش هذه المبادرة التي من المفترض أن تقدم إلى مجلس الأمن لإصدار قرار حولها، إرسال بعثة مراقبين دولية لضمان تطبيق أي قرار وأن يتولى الاتحاد الأوروبي الإشراف على المعابر الحدودية بموجب القرار.
وفي تفاصيل تفاصيل المبادرة التي نشرتها صحيفة "هآرتس" العبرية، أمس الجمعة، بشأن مشروع القرار الأممي بمبادرة أوروبية، أن للأمريكان لمسات واضحة في نص الاقتراح الذي جاء على شكل مبادئ عامة، من خلال التركيز على النقاط التي طرحا وزير الخارجية الأمريكية في مجملها، إلى جان تولي الولايات المتحدة الامريكية إيصال هذه المبادرة بطرق دبلوماسية إلى إسرائيل" مستثنية القنوات الأوروبية.
المبادرة الأوروبية ذات النكهة الأمريكية تنطلق من عدم الالتفات إلى أي صورت ينادي بحقيقة ضمان حق الشعب الفلسطيني بمقاومة الاحتلال، بل تؤكد على ما تريده "إسرائيل" واكدت عليه أمريكا بضرورة تجريد المقاومة من سلاحها ومنع فصائل المقاومة من التسلح وتطوير قدراتها العسكرية.
وبحسب المبادئ العامة التي نشرتها "هآرتس"، تقترح المبادرة المبادئ التالية: إعادة قطاع غزة لحكم السلطة الفلسطينية، على أن يتم تحديد ترتيبات أمنية تمنع استئناف العمليات العدائية، حظر بيع أو تزويد الأسلحة ومواد لإنتاجها لقطاع غزة باستثناء للجهات المسموح لها في السلطة الفلسطينية، التزام بمنع تمويل ما يسمى "الإرهاب" والعمل لتحقيق ذلك، رفع كافة القيود الاقتصادية والإنسانية المفروضة على قطاع غزة، فضلاً عن فتح كافة المعابر الحدودية في القطاع عبر أخذ الاتفاقيات بين السلطة والاحتلال الإسرائيلي بعد العام 2005 بعين الاعتبار. كما تقترح كل من بريطانيا وألمانيا، أن تُدرج في القرار خطة لإقامة جهاز يراقب ويشرف على تطبيق القرار وبنوده المختلفة ورفع تقارير للأطراف المختلفة مع صلاحية التحقيق في عمليات خرق وقف إطلاق النار، كما ينص المقترح الأوروبي على مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بوضع خطة لتعزيز مكانة السلطة الفلسطينية وسيطرتها الفعلية في القطاع، مع عقد مؤتمر دولي خاص لإعادة إعمار غزة.إلى جانب ذلك كله تلبي المبادرة الأوروبية تطلعات وزيرة القضاء الإسرائيلي "تسيبي ليفني"، باستصدار قرار دولي يُعيد السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس إلى غزة ولا يمنح المقاومة أي إنجاز أو اعتراف دولي.
موقف "إسرائيل" والمقاومة
رئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو" ما زال يفضل المبادرة المصرية، ويرى أنه يجب ترك مصر كي تكمل عملها، ويتضح من تصريحات حماس كذلك أنها لا تؤيد قرارا من مجلس الأمن، كما أنها يبدو أنها تبحث عن وسيط غير مصر.
القناة الثانية العبرية نقلت عن مصدر سياسي مطلع في حكومة نتنياهو قوله: "إن إسرائيل لا تُسقط من خياراتها العودة إلى المفاوضات في القاهرة وفق المبادرة المصريّة، بعد أن توقف حماس إطلاق النار".
وأضاف "نتوقع أنه في حال تجدّدت محادثات القاهرة، فستجمد الدول الأوروبية مبادرتها، فإذا فشلت المبادرة المصرية فيمكن متابعة إصدار قرار دولي".
أما حركة حماس فاعتبرت من جانبها أن أي قرار من مجلس الأمن الدولي سيكون غير ملزم لها إن لم يلب مطالب الشعب الفلسطيني، وعلى رأسها فك الحصار ووقف العدوان.
وقال الناطق باسم الحركة في الخارج حسام بدران في تصريحات للجزيرة: "إن أي قرار ممكن أن يصدر من مجلس الأمن حول المبادرة المعلنة من الاتحاد الأوروبي سيكون غير ملزم لنا إن لم يلب مطالب شعبنا".
كما أن حماس وضعت شروطا من أجل العودة إلى المفاوضات في مصر، وقالت على لسان القيادي في الحركة مشير المصري "إن العودة للمفاوضات غير المباشرة مع الاحتلال في القاهرة مرهونة بالموافقة المسبقة على مطالب الشعب الفلسطيني الإنسانية والعادلة".
وأضاف في تعلق له عل صفحته على "لإيس بوك": "لا مفاوضات مفتوحة مع العدو الصهيوني، ولا حياد عن مطالب الشعب الفلسطيني العادلة، وإن أي عودة للمفاوضات مرهونة بعلم مسبق لدى الفصائل باستعداد الاحتلال للاستجابة لهذه المطالب، وواهم العدو إذا ظن أن لغة التهرب والمراوغة يمكن أن تنجح".
وأشار المصري إلى أن الموقف الفلسطيني "ما زال موحدا"، وقال: "لا يوجد أي اختراق لوحدتنا"، داعيا الاحتلال "للاستعداد للاستجابة لمطالب المقاومة، أو الحرب الطويلة التي استعدت لها المقاومة جيدا".
لماذا الرفض من الطرفين؟
الخبير الاسترتيجي جواد الحمد قال: "المبادرة الأوروبية تستند إلى 3 مسائل غير صحيحة اولاها انها لا تميز بين حق الفلسطيني في الدفاع عن نفسه وانتفت الرواية الفلسطينية من داخلها، بل رسخت الرواية الإسرائيلية ودافعت عن حق اسرائيل في الدفاع عن نفسه، كما انها تضع شروطا على الفلسطينيين، كما أهملت إدانة جرائم اسرائيل في غزة خلال العدوان، كما انها لم تتناول شروط المقاومة إطلاقا منها الميناء ومضاعفة مساحة الصيد وغيرها".
وأضاف الحمد في تصريح لشبكة قدس أن "هذه المحاولة محاولة جاءت لإنقاذ اسرائيل من شروط المقاومة التي يعرف الجميع أنها لو تركت وحدها من الممكن ان تستجيب لمطالب المقاومة لأن إسرائيل تنزف على المستوى السياسي والعسكري وقد ذهلت مما وقعت فيه في العملية البرية في غزة وبالتالي ربما لو تركت وحدها سنجد لديها قابلية للرضوخ لما تريده المقاومة".
وأوضح ان "لمشروع الأوروبي يحاول ان يوجد آليات تحد من أمكانية توفر مواد بديلة ووسائل ناجعة غير الأنفاق، كذلك الحرص على أن لا يكون دخول البشر والمواد والمال لقطاع غزة بالصورة التي كانت عليه قبل العدوان، كذلك تهدف هذه المبادرة أن تتمكن قوات الامن الفلسطينية من تحيجم قوة المقاومة وأن تمنعها من أن تكون قادرة على ضرب إسرائيل غبر الحدود".
وتابع "هذا المشروع يحوم حول تلبية شروط إسرائيل كنزع السلاح، ولكنه ولا يخوض في تفاصيلها، وهذا هو السبب الذي يدعو "إسرائيل" إلى التحفظ عليه هذا أولا، لأن إسرائيل تريد ان تتأكد من هذه الإجراءات ومدى الالتزام بها، ثانيا أن "إسرائيل" مصرة على وساطة مصر التي وجدت فيها ذخرا استراتيجيا غير متوقع".