لم يتوقع الفتى أحمد أبو ريدة أن وقوعه خمسة أيام في قبضة قوات الاحتلال الإسرائيلي إبان توغلها في بلدة خزاعة جنوب شرق القطاع ستكون أسوأ أيام حياته، بعد أن اتخذه جنود الاحتلال درعا بشريا، لدى تنفيذهم عملياتهم العدائية في البلدة.
ويتحدث أبو ريدة (17 عاما) بألم عن تفاصيل تعرض خلالها للتعذيب والتنكيل، والحط من كرامته، فضلا عن اضطراره إلى المسير أمام الآليات العسكرية المحصنة في طريق تقدمها بالبلدة، والدفع به إلى كل مكان يخشى الجنود الإسرائيليون أن يكون مفخخا أو يتحصن فيه المقاومون الفلسطينيون.
بداية الحكاية
ويروي أحمد كيف كان الجنود الإسرائيليون يجبرونه على الحفر في عدة أماكن يُحتمل أن تكون مدخلا لأنفاق محتملة، لافتا إلى أن الجنود أرغموه في إحدى المرات على النزول إلى حفرة بعمق ثلاثة أمتار.
وحين استصعب النزول إليها قال له مسؤولهم -وهو يتحدث بالعربية- "انزل واحفر فنحن أفضل منك، وهذا الكلب -وكان يشير الى كلب كان برفقتهم- أحسن منك، أنت لست بإنسان، ونحن نكره العرب والمسلمين وكل فلسطيني".
ويقول أحمد إن الجنود اصطحبوه من بين مجموعة من سكان البلدة لدى محاولتهم الخروج منها بعد تعرضها للقصف بصواريخ طائرات المقاتلات الحربية ومدفعية الدبابات، وعمدوا إلى تكبيل يديه وعصبوا عينيه وألقوا به في إحدى الدبابات وحيدا ليلة كاملة.
وأضاف أن مجموعة من جنود الاحتلال بدأت في صبيحة اليوم الأول من احتجازه باصطحابه في تنقلاتهم داخل البلدة، بحيث يكون هو في مقدمة الآليات، أو في مقدمة الجنود لدى تحركهم صوب المنازل والأهداف التي ينوون اقتحامهما.
وتابع أبو ريدة "كان الجنود يأمرونني بالتقدم عنهم بنحو أربعة أمتار، ويوجهونني لتفحص الأماكن التي كانوا ينوون اقتحامهما للتأكد من خلوها من رجال المقاومة أو العبوات المفخخة".
وأشار إلى أنه في حال ذهبوا إلى مكان حيث يعتقدون بأنه مدخلا لأحد الأنفاق، ولم يعثروا على هذا النفق كانوا يصبون جام غضبهم عليه ويوسعونه ضربا وركلا بالأقدام.
كتب وصيته
ويتذكر أحمد أيضا كيف كان يجبره الجنود على دخول المنازل قبل اقتحامها للتأكد من خلوها من المفخخات أو المقاومين، وهو ما كان يشعره بالخوف خشية تعرضه للتفجير أو تعرضه لإطلاق النار من قبل الجنود.
كما تحدث الفتى عن إصرار الجنود على تعريته أكثر من يومين ونصف، فضلا عن حرمانه من النوم وشرب الماء، لافتا إلى أنه كان يشعر بمرور كل دقيقه مع جنود الاحتلال وكأنها عام.
ونظرا لصعوبة الظروف وقساوة المعاملة التي عاشها الفتى أبو ريدة، وخشيته من انعدام فرص عودته إلى الحياة بعد أن تنتهي مهمته كدرع بشري، استغل الفتى مكوثه بضعة دقائق في أحد المنازل بعد أن تركه جنود الاحتلال فيه، وكتب وصيته لأسرته أبلغهم فيها عن ظروف احتجازه، وتخوفه من تعرضه للتصفية في أي لحظة.
الجزيرة نت