الطريقة التي تناولت فيها الصحف العبرية الاختلال الأمني على الحدود مع قطاع غزة، والتهديدات المتبادلة بين فصائل المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي وتردد الاحتلال في الإقدام على عمل عسكري كبير كما تهدد، عكست مدى القلق الأمني والسياسي لدى الاحتلال من الدخول في عملية عسكرية ضد حركة حماس في قطاع غزة.
وبدا واضحا أنه وإلى درجة ما وصل هذا القلق إلى المستوى المتقدم في مجلس الوزراء المصغر "الكابنيت" الذي باتت الحيرة على محياه خلال الجلسات الأخيرة المتتالية التي عقدها في قاعدة كيرياه العسكرية وسط تل أبيب، دون الخروج بأي قرار حاسم، سوى التعبير عن استعداده للدخول في حالة وقف لإطلاق النار مع حماس إذا ما التزمت الاخيرة بذلك.
تهديدات حماس السابقة، والخطاب الأخير للناطق باسم كتائب القسام ذراع حماس العسكرية أظهر هذا القلق جليا من خلال التحليلات الإسرائيلية عبر القنوات العبرية التي تابعت الخطاب.
سلاح يوم القيامة
المحللان العسكريان للقناة العاشرة العبرية "ألون دافيد وتسفي يحزيقلي" يعتبران أن خطاب القسام يظهر مدى الجاهزية لدى حماس وحرصها على الدخول في معركة مغايرة قد تجبر فيها الاحتلال على إعلان حالة الطوارئ وتعطيل الحياة في الغالبية العظمى من مدن الداخل المحتل، مشيرين إلى "تصريحات عضو المكتب السياسي للحركة، محمود الزهار والمعروف بقربه من الجناح العسكري، حول وجود صواريخ لدى حركته تطال كافة المدن الإسرائيلية".وقال دافيد: "ما يجري على جبهة غزة ومواصلة حماس إطلاق الصواريخ يؤدي بنا إلى تحليل واحد لا لبس فيه، "بأن حماس تريد المواجهة وتريد أن يشاهد الإسرائيليون قوتها الجديدة كما تريد أن يراها الجميع في العالم"، معتبرا التصعيد المتواصل بأنه "سيهيئ الفرصة لبدء المعركة قريبا، وأن إسرائيل لديها حسابات معقدة بشأن الدخول في مثل هذه العملية خشيةً من السلاح الاستراتيجي لدى حماس".
من جهته قال يحزقلي" إن "سلاح يوم القيامة"_ وهو مصطلح عسكري يستخدم في وسائل الإعلام الإسرائيلية ويشير إلى قدرة الجهات التي تقاتل الاحتلال في امتلاك أسلحة حديثة وخطيرة على الشارع الإسرائيلي_ فالسلاح الجديد الذي لا تمتلك عنه "إسرائيل" أية معلومات أكثر ما تخشاه حاليا في حال دخلت في معركة مع حماس التي قد تلجأ لاستخدامه، هذا السلاح الاستراتيجي الذي تملكه وتحتفظ به للمعركة الكبيرة التي قد تنشب في أي لحظة".
الدور الجديد للقيادة الجديدة
من جانبها، كتبت صحيفة "معاريف" العبرية، على صدر صفحاتها أمس الجمعة، معلقة على خطاب القسام: "تطور نوعي وراء تهديدات القسام"، مشيرة إلى أن ذلك يرجع لعمل القائد الجديد للقسام مروان عيسى الذي خلف أحمد الجعبري. لافتةً إلى أن "القائد العام للكتائب محمد الضيف لا زال يدفع بخبرته من أجل قيادة الكتائب نحو مزيد من التقدم العسكري".
وأشارت الصحيفة إلى اعتماد حماس على صناعة الصواريخ ذاتيا مكنها من امتلاك عشرات الصواريخ التي تصل "تل أبيب" المدينة، حيث ستكون تحت دائرة الاستهداف مع بداية أي عملية عسكرية على غزة. لافتة للعتاد العسكري الآخر لحماس والذي يغطي دائرة مستوطنات غلاف غزة بالإضافة للأنفاق الهجومية والدفاعية وأماكن تخزين السلاح والصواريخ أسفل الأرض.
لا يوجد رغبة في التصعيد
فيما قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، مساء أمس الجمعة: "إن إسرائيل وحماس لا ترغبان في التصعيد العسكري، وهناك قلق لدى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من القدرات العسكرية المحسنة لحركة حماس في قطاع غزة".
وحسب الصحيفة، فإن حماس منذ عملية عامود السحاب، عملت على تعزيز قواتها العسكرية من خلال إنتاج الصواريخ بعيدة المدى ذاتيا التي بإمكانها أن تصل إلى غوش دان "تل أبيب" ومدن أخرى، في حين حسنت من عمليات حفرها للأنفاق وهذا ما ظهر جليا في النفق المكتشف العام الماضي داخل كيبوتس العين الثالثة والذي اكتشف من قبل الجيش الإسرائيلي وتم تدميره.
وتقول الصحيفة: "من الواضح أنه سيكون لحماس في المعركة المقبلة إمكانيات وقدرات عسكرية سيجعلها أكثر قوة مما لم يسبق لها مثيل".
ولعل الترجيحات الإسرائيلية في هذا الصدد نابعةً من معلومات استخبارية، فقد نشرت كتائب القسام عبر موقعها الرسمي مساء أمس الجمعة صورة لمقاوم يحمل صاروخا ومن خلفه راجمة صواريخ ونيران تشتعل وكتب أسفلها باللغتين العربية والعبرية "كل المدن قريبة إلى غزة". في إشارة إلى أن كل المدن الإسرائيلية في مرمى صواريخ القسام.