كشف تحقيق لصحيفة اليوم السابع المصرية عن قيام الحكومة المصرية المؤقتة في مصر بتقديم تسهيلات للعديد من الشركات الأجنبية العاملة لصالح شركات التنقيب عن الغاز الإسرائيلية في البحر المتوسط، إلى جانب اتخاذ قرارات تدعم الوحدات البحرية العاملة فى التنقيب عن الغاز فى مياه البحر المتوسط بقطع غيار معفاة من الرسوم الجمركية،
وبين التحقيق أن السلطات المصرية سمحت للشركات الأجنبية منها "وتر تايد مارين" الأمريكية بالتصرف فى مصر وكأنها مجرد مخزن كبير وورشة صيانة لتنفيذ مشروعات خاصة بدول أخرى كإسرائيل وغيرها.
البداية
تعمل شركة "تايد ووتر مارين مصر" تحت مظلة شركة "جابكو"، ولذلك فإنه طبقا للتعاقد المبرم بين الطرفين، فإن أية معدات أو قطع الغيار أو الآلات تحتاجها الشركة لقيام وحداتها البحرية والسفن التابعة لها بأعمال الحفر والتنقيب تأتى مستوردة من الخارج، ويتم إعفاؤها بقرار من الهيئة العامة للبترول من الرسوم الجمركية المقررة لها، وذلك لأن التعاقد يشترط أن تكون هذه المعدات مخصصة للنشاط الخاص بالشركة المصرية، حيث تدخل المعدات مصر معفاة من الرسوم الجمركية لصالح "جابكو" ويتم تخزينها بمخازن الشركة برأس شقير، ويتم تحميل قيمة الواردات على القوائم المالية للشركة.
وكشفت "اليوم السابع" من خلال مستندات حصلت على نسخة منها، أن تلك المعدات وقطع الغيار المعفاة من الرسوم الجمركية تصل إلى الوحدات البحرية التابعة لشركة "تايد ووتر مارين مصر" العاملة فى نطاق إسرائيل، وليس لها أي علاقة بعمليات شركة جابكو، ما يمثل مخالفة واضحة للغرض الوحيد من الإعفاءات الجمركية، فيما تمتلك الشركة نحو 9 وحدات بحرية "سفن" تعمل منها 4 سفن داخل الموانئ الإسرائيلية، منها سفينتان فى ميناء أشدود وسفينتان فى ميناء حيفا، بينما تعمل 5 سفن فى مصر برأس شقير.
ويوضح التحقيق أن فاتورة تجارية وبوليصة شحن جوى صادرة بتاريخ 29 ديسمبر 2009 من شركة "تايد ووتر مارين مصر" من ميناء القاهرة الجوي إلى مطار تل أبيب بإسرائيل عبر الخطوط الجوية البريطانية تحت رقم 125 - 80849285 ويتم نقلها عبر "كورال مارتيم سيرفيز" الوكيل الملاحي الخاص بالشركة فى "إسرائيل لتوصيلها إلى الوحدة البحرية «ميريم تايد» التابعة للشركة والعاملة بميناء أشدود الإسرائيلى تشير إلى توريد قطع غيار لـ«مكن» السفينة، وأرفقت فواتير المعدات موقعة من المدير الفني للشركة بمصر، فيما يشير مستند صرف آخر فى 25 يناير 2010 إلى طلب صريح من الوحدة البحرية «بولك تايد» الموجودة فى ميناء بورسعيد بمصر إلى الشركة بتخصيص قطع غيار لزوم العمل فى "إسرائيل".
وتضمنت فاتورة أخرى تحمل رقم 6/2012 بتاريخ 26 يناير2012 شراء قطع غيار للوحدة البحرية "جون بى لابورد" الموجودة فى ميناء حيفا الإسرائيلى بمبلغ نحو 2500 دولار وفاتورة أخرى بتاريخ 25 أكتوبر تضمنت شراء قطع غيار للوحدتين البحريتين مريم تايد وجون لابورد بنحو 6 آلاف دولار قادمة من سنغافورة، وكذلك أمر توريد بتاريخ ا يوليو 2011 لقطع غيار للوحدة البحرية جون لابورد بإسرائيل أيضا بقيمة تقدر بنحو 5 آلاف يورو.
العرض لا يقتصر فقط على إرسال قطع الغيار إلى وحدات البحرية التابعة للشركة والعاملة فى إسرائيل، ولكن يتجاوز ذلك ليصل الأمر إلى أن الوحدات البحرية العاملة داخل إسرائيل تتم صيانتها وتعميرها فى ترسانة السويس البحرية الحكومية بقطع غيار معفاة أيضا من الجمارك، بالإضافة إلى العمالة المصرية التابعة لشركة تايد ووتر ماريان مصر والذين يتم تحميل أجورهم ومرتباتهم على فرع الشركة فى مصر، ومستند صرف يوضح المنصرف من المخازن الرئيسية للشركة داخل موقع جابكو برأس شقير بالبحر الأحمر فى 8 أكتوبر 2010 يحتوى على قطع غيار ومعدات لزوم عمرة الوحدة البحرية «ميريم تايد» والتى استخدمت نحو 30 قطعة غيار ومعدة، وتكلفت- وفقا للمستند- نحو 100 ألف دولار.
دعم سرقات الغازفى عام 2010 تم الإعلان عن اكتشاف الغاز فى المياه الاقتصادية بين مصر وإسرائيل وقبرص، وسارعت قبرص وإسرائيل إلى الإعلان عن امتلاك الحقول المكتشفة، دون أن تحرك مصر ساكنا، وفى يونيو 2010 بدأت شركة «نوبل إينيرجى» الأمريكية بالحفر فى البلوك - 12 بمياه البحر المتوسط للتنقيب عن الغاز، وأسفر الحفر عن اكتشاف 3 حقول أساسية، اثنان إسرائيليان هما لفياثان المكتشف عام 2010 والذى تقدر قيمته بنحو 80 مليار دولار، وحقل شمشون المقدرة قيمة الغاز به بنحو 20 مليار دولار، وحقل قبرصى واحد هو أفروديت المكتشف عام 2011 والذى قدرت قيمته بنحو 120مليار دولار، والأمر المشترك بين الحقول الثلاثة أنها جميعًا فى منطقة جغرافية واحدة، تتداخل فيها الحدود المصرية والقبرصية والإسرائيلية.
ويقع البلوك - 12 فى السفح الجنوبى لجبل إراتوستينس المغمور فى البحر، والذى يدخل ضمن حدود مصر البحرية منذ أكثر من 2000 سنة بالإضافة إلى أن الجزء الجنوبى من سفح هذا الجبل الغاطس يدخل ضمن نطاق امتياز شركة شمال المتوسط المصرية، المعروفة اختصارًا باسم «نيميد»، والتى منحت مصر امتياز التنقيب فيه واستغلاله لشركة رويال دتش شل الهولندية العملاقة عام 1999، وأعلنت شركة شل فى 16 فبراير 2004 عن اكتشاف احتياطيات للغاز الطبيعى فى بئرين على عمق كبير فى شمال شرق البحر الأبيض المتوسط، إلا أن الشركة انسحبت فى مارس 2011، دون أسباب واضحة. حقلا لفياثان الإسرائيلى وأفروديت القبرصى يقعان أيضا داخل المياه المصرية الاقتصادية الخالصة، على بعد 190 كيلو مترًا فقط من دمياط، و235 كيلو مترًا من حيفا فى الأراضى المحتلة، و180 كيلو مترًا من ليماسول القبرصية، كما أنهما يقعان فى السفح الجنوبى لجبل إراتوستينس الغاطس، الذى تتحدث الخرائط القديمة عن مصريته منذ 2200 عام، كما يقول الباحث المصرى الدكتور نائل الشافعى فى دراسات سابقه له.