أثار قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي بنصب حفّارات ضخمة قبل أيام قليلة بالقرب من قرية النبي صالح شمال مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة شكوكا حول اكتشاف الاحتلال بئر نفط أو غاز جديد في المنطقة.
وخلال جولة ميدانية لمراسل "المركز الفلسطيني للإعلام" برام الله، قال إن الحفارات المنصوبة يزيد ارتفاعها عن خمسين مترا، وأن المنطقة محاطة بأسلاك شائكة يمنع على الفلسطينيين الاقتراب منها.
وتقع المنطقة المستهدفة بالحفر بالقرب من مغتصبة "حلاميش" المقامة على أراضي قرية النبي صالح، إضافة إلى وقوع الأرض بالقرب من الشارع الرئيسي الذي يربط رام الله بقرى شمال وغربي المدينة، ويشكل الطريق الرئيس لمغتصبي الاحتلال في حال توجههم نحو مدينة "تل أبيب" المحتلة.
وتخضع المنطقة المستهدفة لحراسة إسرائيلية مشددة، حيث تعتبر من المناطق "المحمية طبيعيا"، والتي يمنع فيها الفلسطينيون من البناء أو عمل أية نشاطات أخرى، كما تضم مصنعا صهيونيا للمواد البلاستيكية، وهي منطقة ذات كثافة في الغطاء النباتي والأشجار، وتعتبر من أجمل مناطق الضفة الغربية، حيث أقامت قوات الاحتلال فيها متنزهات طبيعية كبيرة.
وكان الاحتلال البريطاني يستخدم المنطقة في بدايات القرن الماضي كمعسكر لقواته، ويحتوي على أبنية قديمة تعود لذاك العصر يستخدمها جيش الاحتلال كمراكز له.
ويوضح مراسلنا أن عمالاً صهاينة لا يتجاوز عددهم عشرين عاملا إضافة لحراسهم من المغتصبين يعملون في المكان بسرعة كبيرة، حيث يقومون بنصب الحفار والتأكد من تثبيتها بشكل جيد قبل البدء بعملية الحفر، إضافة إلى وجود آلات ثقيلة لنقل التراب المستخرج من الأرض.
إعادة استكشاف
يقول الدكتور عبد الرحمن التميمي، خبير اقتصاديات المصادر الطبيعية ورئيس جمعية الهيدروليجيين الفلسطينيين برام الله، إنه يعتقد أن ما يتم حفره قرب النبي صالح هو عبارة عن بئر استكشافية لمعرفة حدود حوض الغاز الذي يقوم الاحتلال باستخراجه بالقرب من قرية رنتيس غربي رام الله.
وأوضح التميمي أن الاحتلال الإسرائيلي يقوم بإعادة استكشاف المصادر الطبيعية في فلسطين التاريخية امتدادا من صحراء النقب في الجنوب وحتى شمال فلسطين، لافتا إلى أن هذه البئر تهدف لاستخراج الغاز ليس لاستخدمه، ولكن لتحديد الحدود الجيولوجية لحوض الغاز الطبيعي المنتج في قرية رنتيس.
وأضاف التميمي أنه يعتقد بأن هذا الحوض -حوض رنتيس- يمتد من رنتيس أقصى غرب رام الله ويصل حدوده إلى قرية عطارة شمال مدينة رام الله.
وفنّد التميمي ادعاءات الاحتلال الإسرائيلي بأن الغرض من هذه البئر مخصص فقط لاستخراج المياه لا أكثر، حيث أوضح قائلا: "لا يمكن أن يتم لا جيولوجيا ولا من الناحية الهيدرولوجية حفر بئر للمياه في هذه المنطقة، وهي عبارة عن سفح جبل".
وكانت عدة وكالات صحفية عالمية راسلت جيش الاحتلال لسؤاله عن البئر، حيث أجاب أنه مخصص لاستخراج المياه لا أكثر.
وكان حوض "رنتيس" اكتشف في ستينيات القرن الماضي، حيث قامت شركة تدى "السير ماكدونال" بحفر عدد من الآبار في الضفة الغربية وفي منطقة رنتيس لاكتشاف هذا الحوض ولكن العمل لم يستكمل في المنطقة.
وأرجع الخبراء السبب في عدم استكمال العمل به إلى عدم وجود آلات حفر تتناسب وطبيعة الحوض في ذاك الوقت، ومع مرور السنوات، أصبح بإمكان الاحتلال الإسرائيلي في ظل توفر المعدات اللازمة البدء باستخراج الغاز الطبيعي.
دعوة لمواجهة المخطط
من جهتهم، طالب أهالي قرية النبي صالح الجهات المختصة بالضعط على الاحتلال لوقف العمل في بئر الغاز الواقعة في أراضي قريتهم الصغيرة.
وقال محمد التميمي إن الاحتلال الإسرائيلي صادر قطعة الأرض التي يتم الحفر بها اليوم منذ العام 1986م وأقام فيها مصنعا لأغراض مختلفة، ولافتا إلى أن الجزء الآخر من الأرض يتم اليوم فيه عملية التنقيب عن الغاز.
وأضاف التميمي أن الاحتلال في بداية سبعينيات القرن الماضي سيطر على موقع مغتصبة "حلاميش" المقامة اليوم على أراضي النبي صالح، وكانت عبارة عن غابة كثيفة.
وأوضح التميمي أن الاحتلال حرق الغابة ومن ثم بدأ البناء فيها عام 1976م، ومن ثم بدأت المغتصبة بالتوسع تجاه قرية "دير نظام" غرب رام الله.
ويؤكد التميمي أن الاحتلال لم يتوقف منذ سبعينيات القرن الماضي عن الاستيطان ومشاريعه في المنطقة، والتي كان آخرها البدء ببناء هذه البئر، فلم يكتف الاحتلال بسرقة ما فوق الأرض، ولكنه انتقل لسرقة ما تحت الأرض أيضا.
وطالبت حركة المقاومة الشعبية في قرية النبي صالح بالاستعداد لمسيرات جماهيرية نحو بئر الغاز، كما طالبت صانع القرار الفلسطيني بأخذ هذا النشاط الجديد -الذي يعتبر استكمالا للنشاطات الاستيطانية التي لم تتوقف يوما- بعين الاعتبار.
وأوضحت الحركة أن "المفاوضات ما هي إلا للاستفادة من الوقت من قبل حكومة الاحتلال الإسرائيلية والاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية وخيرات بلادنا".
وتنشط في قرية النبي صالح حركة للمقاومة الشعبية، وتخرج بشكل أسبوعي فيها مسيرة ضد النشاطات الاستيطانية في المنطقة، حيث قام الاحتلال بالسيطرة على نبع مياه خاص بالقرية وأقاموا حوله متنزها للإسرائيليين، فيما يمنع جيش الاحتلال أيا من الفلسطينين من الوصول لينابيع المياه.
المصدر، المركز الفلسطيني للإعلام