ذكرت صحيفة "القدس العربي" بأن "أجندة الزيارة التي يفترض أن يدشنها رسميا القيادي في حركة فتح عزام الأحمد إلى بيروت في غضون ساعات بصفته مسئول التنظيم في الساحة اللبنانية تؤشر على هدف واحد ووحيد مركزيا، وهو محاولة ضبط الإيقاع المتفجر في المخيمات تفاعلا مع “مباحثات” سرية جرت مؤخرا بين نخبة من القيادات والأطراف الفلسطينية داخل وخارج لبنان وبين أجهزة الأمن والجيش اللبنانية."
وأضافت الصحيفة بأن " الأحمد هو مبعوث الرئيس محمود عباس في إطار مهمة “لإنقاذ” النفوذ الفتحاوي الرسمي داخل مخيمات لبنان وتحديدا في ظل الوضع المتفجر والمفتوح على كل الاحتمالات في مخيم عين الحلوة الذي يشهد صراعا مسلحا عنيفا بين مجموعات تتبع تنظيم القاعدة والتيارات الجهادية والسلفية وبين بقايا العسكريين الفتحاويين الذين لا يدينون جميعا بالولاء عمليا للرئيس عباس."
الأحمد بقي طوال الأسبوع الماضي على اتصال بثلاث مؤسسات أمنية لبنانية تمثل مؤسسة الرئاسة والجيش والأمن الداخلي.
في هذه الاتصالات بحث ممثل السلطة الفلسطينية تطورات ميدانية مؤثرة وحساسة في مخيمات الشتات الفلسطيني في لبنان حيث اهتم اللبنانيون بإستراتيجية الأمن في لبنان أولا وعدم انفجار الوضع في المخيمات بعد رصد تقارير استخبارية عن محاولات عدة أطراف في الإقليم تفجير الوضع داخل مخيمات الفلسطينيين كمقدمة لتوتير الوضع الأمني في لبنان برمته.
وبحسب مصدر مطلع لـ"القدس العربي" فإن " الجهات اللبنانية الرسمية أوصلت للرئيس عباس رسالة واضحة تطالبه بالتدخل وحل مشكلة الانقسام الفتحاوي في أوساط مخيمات لبنان بعدما أصبح توحيد موقف حركة فتح في لبنان مطلبا حيويا للأمن اللبناني وليس لأي جهة أخرى بسبب تنامي نفوذ تيارات القاعدة والسلفية وإستغلالها للفروقات التي يحدثها الانقسام الفتحاوي."
الرسالة تضمنت تصريحا الإشارة إلى "أن المطلوب من الرئيس عباس بصفة حصرية وسريعة محاولة “احتواء” خلافه المتوتر مع القائد الفتحاوي الأبرز في مخيمات لبنان وهو العقيد محمود عيسى الشهير بـ(اللينو) على اعتبار أن الأخير هو الشخصية العسكرية الأكثر نفوذا وحضورا في أوساط حركة فتح في الساحة اللبنانية خصوصا بعد استقرار الجنرال سلطان أبو العينين في رام ألله."
اللينو بالنسبة للسلطات اللبنانية هو الطرف الوحيد الذي تمكن من الاشتباك عسكريا وميدانيا مع مجموعات جهادية متنامية في مخيم عين الحلوة من بينها “فتح الإسلام” و”جند الشام”، الأمر الذي منحه ثقة السلطات اللبنانية ودفعها بالتالي لاعتباره حجر زاوية أساسي في معالجة الوضع الميداني والعمل على وقف”نمو” الخلايا الجهادية في صفوف المخيمات.
لذلك ركزت اتصالات اللبنانيين السرية مع عباس والأحمد على دفعهما لتنظيم مصالحة سريعة مع العقيد اللينو تحت عنوان “توحيد فتح بساحة لبنان” وهي النقطة التي أثارها اللبنانيون قبل وأكثر من أي نقطة أخرى في سياق المخاوف المتعلقة بالوجود السلفي في المخيمات حيث استعمل قيادي في الجيش اللبناني خلال الاتصالات العبارة التالية ” نخشى سيناريو مخيم اليرموك في دمشق”.
ضغط بيروت الذي توافق لأسباب مفهومة مع الموقف السياسي لحزب الله انتهي بتكليف الأحمد بالزيارة والمفاوضات وبحث ملف العقيد اللينو الذي كان الرئيس عباس قد قرر فصله من حركة فتح إثر إعلان موقف مؤيد لتيار خصمه محمد دحلان.
على هذا الأساس حصلت اتصالات فعلا أدارها اللبنانيون بين الأحمد واللينو واقترح الأول عودة الأمور إلى مجرياتها والتراجع عن قرار فصل وعزل العقيد اللينو لكن بعد ستة أشهر مع المباشرة فورا في معالجة الوضع الأمني بالمخيمات.
لكن العقيد اللينو رفض الاقتراح وأصر على التراجع عن القرار أولا قبل الجلوس مع الأحمد والعودة لحضن الحركة الأم فتح مستعملا ثقله عند اللبنانيين باعتباره الطرف الأقدر ميدانيا على مواجهة تنظيمات وتفريخات القاعدة في صفوف مخيمات لبنان.