"حركة سلميّة، هدفها هدف كل مواطن في غزة. شعارها رفع الظلم عن المواطن في غزة وإنهاء الانقسام"؛ هذا ما جاء على لسان الناطق باسم حركة تمرد على الظلم في غزة إياد أبو روك في حوار أجرته "شبكة قدس" معه. أبو روك والمقيم في النرويج، والذي علل اختياره كناطق رسمي لحركة تمرد على الرغم من إقامته خارج قطاع غزة، بأنه لو تم اختيار ناطق من غزة "لتمت تصفيته من أول دقيقة."
يوم الإثنين الموافق الحادي عشر من شهر نوفمبر كانون الثاني، موعد الانطلاقة الرسمية لحركة تمرد على الظلم في غزة، حيث تقول الحركة بأنها "ستكون هبة جماهيرية شعبية وبامتياز"؛ فالحركة "تستمد قوتها من محبة المواطنين لها في قطاع غزة"، على حدّ تعبيرها. فتزعم بأن فكرة التمرد موجودة داخل كل مواطن في غزة ومنذ سنين؛ ما أدى لنجاحها، وانتشارها كسرعة البرق بين الناس.
وفي هذا الخصوص، توجهت "شبكة قدس" بالسؤال للناطق باسم وزارة الداخلية في غزة إسلام شهوان لتسأله عن علم الحكومة بتحركات "تمرد" ونشاطاتها، رفض التعليق على الموضوع في البداية، لكن بعد إلحاح من الشبكة، أجاب بسخرية "بأن لا وجود لشيء اسمه تمرد حتى يعلق على الموضوع، وقد تعامل مع القضية بلا مبالاة، مقللاً من قيمة أي تحرك جدي قد تقوم به "تمرد"."
إن المتابع لصفحة حركة "تمرد على الظلم في قطاع غزة" على "الفيس بوك" يلاحظ جهدها في حشد الناس، وهمتها في شحذ الهمم؛ من أجل التخلص من "ظلم حركة حماس الواقع على أهل قطاع غزة"، على حد زعمها. لكن الأمر المثير للاستغراب إصرار الحكومة في غزة على إنكار وجود أي تحرك حتى ولو كان بسيطاً، فشهوان أكد بأن لا تمرد في غزة على الإطلاق، وقد رفض حتى الافتراض جدلاً بخروج الناس في 11/11، وأكد بأنه سيكون يوماً عادياً، وسيمر كغيره من الأيام دون أي فعاليات تذكر.
الحكومة في غزة تنكر وجود نشاطات لـ"تمرد"، وتمرد تؤكد أن نشاطاتها قائمة، وأنها كثفت منها، فيقول أبو روك: "إن الحركة بدأت بتوزيع بيانات تعريفية عن الحركة وبشكل سري للمواطنين المهمشين المنقطعين عن وسائل الاتصال الحديثة، فقد تم شرح فكرة تمرد لهم، فلاقت قبولاً واستحساناً كبيرين، فتصل نسبة هؤلاء إلى 60%".
وتبقى هذه النسبة معلقة حتى تخرج الحكومة في غزة لتؤكد أو تنفي، أو يأتي يوم 11/11، لترى غزة حجم الهبة الشعبية المزعومة.
"إن الشعب لا يريد حكمكم، ويرفض تعطيلكم للمصالحة"؛ إنها الرسالة التي تريد "تمرد" إيصالها إلى حكومة حماس، فيؤكد أبو روك أن "تمرد" ستنزل إلى الشوارع في الموعد المحدد، وستتظاهر وتحتج بكل الطرق السلمية، حيث إنها لن تلجأ إلى أي أعمال استفزازية تؤدي إلى إراقة الدماء.
ويتابع أبو روك، قائلاً: "إن هذه الفعاليات جزء من حقوق الإنسان التي نصت عليها كافة المواثيق والأعراف، فنحن سنتظاهر بشكل سلمي، وقد دعونا إلى عدم الاحتكاك بأي عنصر من عناصر حماس، حيث إن كل نشاطاتنا كانت ولا زالت سلمية".
ويضيف: "لكن حكومة حماس هي من تستمر بإطلاق صيحات التهديد والوعيد، عدا عن ملاحقتها لعناصرنا، فالحكومة هددت بأن كل من سينزل إلى الشارع في 11/11 سيتم التعامل معه بلغة السلاح"؛ لكن ذلك ما نفته الحكومة على لسان الناطق باسم الداخلية الذي أنكر أصلاً وجود "تمرد" داخل قطاع غزة.
وأما عن رأس "حماس" كحركة، فرفض سامي أبو زهري المتحدث باسم الحركة التعقيب على الموضوع، معللاً ذلك بعدم وجود تمرد داخل غزة. وزعم أبو روك أن هناك جهات داخل حركة حماس حذرتهم من تجنيدها لعناصر تابعة لها من أجل افتعال المشاكل في يوم انطلاقة الحركة لتشويه صورة حركة تمرد، وجر القطاع نحو العنف.
وأما عن المواطن العادي في غزة فيريد أن يفهم إلى أين تسير الأمور. هل سيتكرر سيناريو مصر ولو بشكل مصغر في غزة؟ تساؤلات كثيرة تدور في أذهان الفلسطينيين في غزة ولا إجابة شافية كما الوضع الذي يعيشه القطاع بلا إجابة شافية عن مستقبله، والذي لربما ضاع في ظل التجاذبات السياسية عربياً وإقليمياً.
تزداد حيرة المواطن في غزة عن حقيقة وجود "تمرد"، خاصةً بعد احتضان مصر للمؤتمر الرسمي الأول لـ "تمرد" والذي انعقد في محافظة الدقهلية، ولم يكن اختيار الدقهلية اعتباطاً، فتقول الحركة: "تم اختيار الدقهلية كمحطة انطلاق لما لها من نضال ثوري ضد الظلم والاستبداد، حيث تعد أكبر محافظة وقع أبناؤها على استمارات تمرد المصرية لإسقاط حكم الإخوان".
ودعت الحركة في بيانها الختامي الذي أعقب المؤتمر أبناء الشعب الفلسطيني للاحتشاد في أكبر حملة للتمرد على الظلم في غزة من أجل إسقاط حكم الإخوان في غزة. وترى الحركة أن إسقاط حماس هو الأسلوب الأمثل لإعادة توحيد الشعب الفلسطيني، والحفاظ على المقاومة، والتصدي للاحتلال، فيجب إسقاط حماس لدعم بناء الدولة الفلسطينية على حد وصفها.
تتحدث حركة تمرد على الظلم في غزة عن الظلم الواقع من حماس على أهل قطاع غزة، وكأن الضفة الغربية ليست شطراً من الوطن، فتغفل أو تتغافل حجم القمع والظلم الذي يتعرض له المواطنون في الضفة ناهيك عن الاعتقالات السياسية، والملاحقات الأمنية، والتنسيق الأمني مع الاحتلال الذي سهل اعتقال المناضلين تارة وتصفيتهم تارة أخرى. فإن كان بدٌ من قيام تمرد في غزة، فالحاجة لقيام تمرد في الضفة أقوى وأعمق.
إن أحداً لا ينكر بأن الضفة وغزة كلتيهما ترزحان تحت نير الظلم، فالضفة تبقى أسيرة الاستيطان، واعتداءات الاحتلال التي لا تنتهي، وقمع سلطة رام الله واعتقالاتها السياسية.
أما غزة تعيش واقعاً أصعب وأعقد، واقعاً فرضه وجود حركة "حماس" كحكومة وما تبعه من عزل المجتمع الدولي وما انعكس على المواطن من تضييق وفقر وبطالة واتهامات للحكومة بملاحقتها للمعارضين والاعتقال على الخلفية السياسية، ومن ثم الواقع الذي فرضته سلطة العسكر في مصر التي أطبقت قبضتها على قطاع غزة وشدت وثاقه فلا معابر بعد اليوم، ولا حرية للحركة بعد الآن.
لا أحد يدري إلى أين ستؤول الأمور، ليس لنا إلا أن ننتظر يوم الإثنين الموافق11/11، لا لشيء، إلا لأن الشعب لا يريد تكرار مأساة الاقتتال الداخلي عام 2007 الذي قسم الوطن لوطنين والشعب لشعبين.



