أثارت المناهج الدراسية التي بدأت حكومة غزة بتطبيقها في مدراس القطاع حفيظة الخبراء والمثقفين الإسرائيليين لاحتوائها حسب ادعائهم على مغالطات تاريخية وسياسية تنسف القاعدة التي أَنشئت عليها الحركة الصهيونية العالمية والتي يدعي مؤسسوها أنها ترجع لحقب تارخية قديمة تدور جل أحداثها في فلسطين المحتلة.
فمع مطلع العام الدراسي الحالي بدأت الحكومة الفلسطينية في غزة والتي تتزعمها حركة حماس بإصدار كتب دراسية خاصة بها واتباع منهاج دراسي جديد في مدارس القطاع، عمد القائمون عليها "إلى ترسيخ الطابع الوطني التاريخي لفلسطين التاريخية لإنشاء جيل واعي يدرك عناصر الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي"، حسب ما يقوله معدو تلك المناهج.
وقد انضم نحو 55 ألف طالب في المدارس الثانوية مؤخرا إلى "منهاج التعليم الوطني" الجديد الذي وضعته حكومة غزة، والذي لا يعترف بـ"دولة إسرائيل"، ويشير إلى أن أراضي فلسطين تمتد من نهر الأردن إلى البحر المتوسّط، وأن حيفا، وبئر السبع، ويافا وصفد هي مدن فلسطينية.
إلى جانب ذلك كله تشير تلك الكتب الدراسية الجديدة إلى أن "الصهيونية هي حركة عنصرية" هدفها طرد كافة السكان الفلسطينيين العرب من الأراضي الواقعة بين النيل والفرات، وهذا ما أثاء غضب الإسرائيليين.
[caption id="attachment_32443" align="aligncenter" width="300"] المنهاج الجديد يربي جيلا واعيا لعناصر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي[/caption]مدير عام وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية "يوسي كوبرفاسر" يقول في تصريح لموقع "المصدر" الإسرائيلي: "لا يكتفي المنهاج الدراسي الجديد في غزة بتوجيه انتقاد إلى الحركة الصهيونية، فوهو يعتبر الكتب المقدسة التابعة للديانة اليهودية، التوراة والتلمود، هي بمثابة "اختراع"، كما ويؤكد على أن الشعب التاريخي الذي يُدعى "بني إسرائيل" لم يعد موجودا، ولذلك لا توجد أية علاقة بين اليهود والصهيونيين بأرض فلسطين.
ويضيف "كما ويظهر في الكتب الدراسية الجديدة، أن حائط المبكى (حائط البراق) المقدس في الدين اليهودي هو أرض وقف إسلامية، وبالمحصلة فإن المنهاج الدراسي الجديد هو جزء من جهد حماس العام لترسيخ سيطرتها على قطاع غزة في السنة الماضية على ضوء زيادة الاحتكاك بين الحركة والسكان المدنيين وعلى ضوء "أزمة الهوية" التي تتعرض لها حماس في السنة الفائتة".
ويختم الخبير الإسرائيلي حديثه بالقول "لا يتوقع حاليًا أن تنشأ حركة "تمرّد" في غزة تكون أشبه بالتمرد في مصر"، وأضاف "السكان غير راضين أبدا عما يحدث في غزة، لكن المنهاج الدراسي الجديد التابع لحماس هو وسيلة متطورة لإكساب الجيل الجديد من سكان القطاع، أيديولوجية الحركة، ولتقليل الشعور بالمرارة بين أوساط سكان القطاع في السنة الفائتة".
[caption id="attachment_32448" align="aligncenter" width="300"] إسرائيل تتهم حماس بالتحريض ضدها في هذه المناهج[/caption]صحيفة "يديعوت احرونوت" العبرية من جهتها علقت على القضية بالقول "إن حكومة غزة بدأت تبث مواد تعليمية من خلال مناهج جديدة تعزز الروح المعنوية والفكر المضاد لـ"إسرائيل".
وأضافت الصحيفة على موقعها الإلكتروني اليوم الأربعاء "حوالي 55 ألف طالب وطالبة من المستويين التاسع والعاشر يدرسون هذه الكتب التي لم تعترف على الإطلاق بدولة الاحتلال، ولم تتطرف لاتفاقية أوسلو الموقعة بين منظمة التحرير والجانب الإسرائيلي"، مشيرة إلى أن هذه الكتب تتطرق إلى المواجهات التي خاضتها حركة حماس مع الاحتلال الإسرائيلي في غزة، وكان آخرها العدوان الإسرائيلي العام الماضي.
وبيّنت أن إضافة هذه الكتب للمنهاج وزيادة عدد حصص التربية الوطنية يهدف، بحسب قادة "حماس"، إلى تعريف الأجيال القادمة بحقوقهم وتمسكهم بها، مشيرة إلى أن غلاف الكتب تشمل صورة للمسجد الأقصى، وأخرى للحرم الإبراهيمي، حيث تدور فيهما مواجهات بشكل مستمر بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال.