يقول الفيلسوف الألماني هيجل فيما روي عنه: الأمر الوحيد الذي نتعلمه من التاريخ هو أن أحداً لا يتعلم شيئا من التاريخ.
وبناء على هذه المقولة فإنني أدعو جامعة الدول العربية والمجالس العليا للتعليم في الوطن العربي المحتل إلى أن يقوموا بإجبار المدارس والجامعات على إلغاء تخصص التاريخ من أجنداتهم، وصرف الأموال والأوقات التي نهدرها على هذا التخصص الذي لا يسمن ولا يغني من جوع على أشياء أهم مثل تدريب الطلبة والمعلمين على لعب " كاندي كرش" فهي على الأقل أكثر تحريكا للعقل واكثر إفادة للدماغ من مئات المجلدات التي اتضح لكل ذي بصيرة أنها لم تفد عربيا منذ داحس والغبراء وحتى لحظة كتابة هذه الأسطر.
يا معشر القارئات والقارئين، كان معظمنا مجرد أطفال نتعلم الحبو وقليلا من الكلام لدى تشكل حلف حبر الباطن بقيادة أمّنا أميركا، لكن حكامنا كانوا " بالغين " وهم يسوقون جيوش بلدانهم التي دفع المواطن العربي دمّ قلبه من أجل تمويلها وتدريبها وشراء سلاح لها، لتقوم هذه الأخيرة بقتال جيش عربي آخر تحت لواء الدولة الأكثر إجراما في تاريخنا الحديث.
واليوم وبعد ثلاثة وعشرين عاماً نرى الدول العربية ذاتها تهلل وتبارك لضربغزو دولة كانت في مقدمة الدول التي قررت وبكل بسالة أن تشارك في حلف حفر الباطن سيء الذكر.
أي طفل في العالم العاقل ستكون ردة فعله أن يستجلب المثال الذي ابتذلناه أعني مثال أكلتضربتغزيت يوم أكل الثور الأبيض، لكن يبدو أننا قد قررنا أن نتجاوز هذا المثال وأن نحذفه من أدبياتنا وتراثنا وأن نواصل وضع رؤوسنا في الرمل ونشارك أو على الأقل نحرض ونساعد على ضرب سوريا، بذات السلاح الذي قتل أطفال العراق في العامرية قبل ثلاثة وعشرين عاما وبذات السلاح الذي قتل أطفال بغداد قبل عشرة أعوام.
هل هذا يعني أنني مع النظام المجرم الجاثم على قلوبنا في دمشق؟ بالطبع لا، لكنني أعرف تماماً ودوماً وأبداً أن أمريكا ليست هي الحل، وأن صواريخ التوماهوك لن تقتل بشار الأسد ولكنها ستقتل أطفال دمشق كما قتلت أطفال العامرية من قبل. أمريكا يا عزيزي كانت تدافع عن العدو الصهيوني وهو يقتل أطفال بيروت 82 وهي ذاتها امريكا التي قتلت أطفال أفغانستان والعراق، وبسلاحها كنا ولا زلنا نقتل منذ ستين عاما، أفلا تتذكرون؟
يقول محمود درويش في خالدته مديح الظل العالي:
أمريكا على الأسوار تهدي كل طفل لعبة للموت عنقودية يا هيروشيما العاشق العربي أمريكا هي الطــــاعون ، والطـــــــاعون أمريكا نعسنا . أيقظتنا الطائرات وصوت أمريكا وأمريكا لأمريكا وهذا الأفق اسمنتٌ لوحش الجو نفتح علبة السردين ، تقصفها المدافع نحتمي بستارة الشباك ، تهتز البناية تقفز الأبواب أمريكا وراء الباب أمريكا".
في الختام أذكر شيخا كان يخطب في حي أقمت فيه قديما وكان يصر في كل خطبة جمعة على القول أننا كعرب أشبه بدجاجات في قفص تنتظر الذبح , وأقصى ما يمكن لنا ان نفعله أن نقوم بالبقبقة. لا أعرف على من الدور بعد قصف سوريا، لكنني أعرف أن ماركس قد قال: عندما يكرر التاريخ نفسه في المرة الأولى تكون المأساة وفي الثانية تكون الملهاة. فلنحرق كتب التاريخ او فلنستعملها ورقا للمراحيض، وإحنا أسفين يا هيجل.



