أكد المرصد "الأورومتوسطي" لحقوق الإنسان أن ما يقارب من ألف شخص قتلوا على يد القوات الأمنية المصرية منذ الشروع بفضّ الاعتصامات المؤيدة للرئيس المعزول أول أمس الأربعاء".
وذكر المرصد في بيان مكتوب له أمس الخميس (15|8) أن طواقمه العاملة في مصر تمكنت من توثيق مقتل 947 شخصاً في عموم البلاد، 712 منهم في محافظة القاهرة وحدها، وأنّ بينهم عشرات من الأطفال والنساء وكبار السن، في مجزرة دموية ترقى لأن تكون جريمة ضد الإنسانية وفق التصنيف الدولي.
وأشار إلى أنّ طواقمه تمكنوا أيضاً من رصد ما يقرب من 8 آلاف إصابة ترواحت بين الحروق والرصاص الحي والخرطوش، بعضها شديدة الخطورة مما يرشح لزيادة مضطردة في أعداد القتلى. ونوه إلى أن عشرات الجرحي جرى احتجازهم في استاد القاهرة حتى ساعات متأخرة من ليلة أمس دون تلقيهم للعناية الطبية اللازمة، فيما احتُجز أيضاً ما يزيد على 5 آلاف شخص آخرين تعرّضوا للضرب المبرح والمعاملة المهينة والحاطة للكرامة. وعبَّر الأورومتوسطي عن استهجانه الشديد لمحاولات السلطات التستّر على الأعداد الحقيقية للضحايا، حيث تواترت شهادات العديد من الأهالي عن رفض الجهات المسؤولة إعطاءهم تصاريح بدفن قتلاهم متضمّنة السبب الحقيقي للوفاة.
وشدّد على أن الأعداد الكبيرة للقتلى ومعاينة الجرحى الذين تركزت إصاباتهم في مناطق حرجة ومميتة، يؤكد روايات شهود العيان عن نيّة مسبقة لدى الجهات الأمنية بإعدام المتظاهرين. كما أظهرت التسجيلات التي تحقق منها المرصد بانتشار قناصة فوق أسطح المباني عمدوا إلى توجيه رصاصاتهم نحو رؤوس المعتصمين لا سيما النشطاء الذين حملوا كاميراتهم.
وذكر المرصد أن القوات الأمنية كانت قد أعلنت عن بعض الممرات الآمنة للخروج من ميدان رابعة العدوية، لكنها عمدت إلى استهداف من سلكوا ممراتها الآمنة بالاهانة الجسدية واللفظية أثناء محاولاتهم الهرب، وأفاد بعض الناجين بأنهم زملاءً لهم تعرَضوا للتصفية الجسدية أثناء هروبهم، فيما تمّ إضرام النار في عدد من الخيام أثناء تواجد المعتصمين بداخلها. كما عمد الجيش الذي سيطر على ميدان رابعة مع ساعات مساء أمس إلى قطع الكهرباء عن الميدان بما فيه المستشفى الميداني الذي غرق في ظلام دامس، كما قامت عناصر أمنية بإلقاء القنابل الحارقة على نوافذ مسجد رابعة الذي حفظت فيه جثامين بعض القتلى مما أدى إلى اشتعال الأكفان وتفحم عشرات الجثث. وتمّ الاعتداء في الوقت ذاته على صحافيين وثقوا بكاميراتهم استهداف المشفى وجثث القتلى، وتم إهانتهم ومصادرة أموالهم وأجهزة التصوير الخاصة بهم.
وأشار الأورومتوسطي إلى أن وزارة الداخلية كانت قد أعلنت عن حرصها على عدم سقوط ضحايا، لكنّ مسرح الإعتصامات الذي تحول إلى ساحة حرب يُظهر أنها استهترت بصورة جسيمة بالأرواح البشرية. واستخدمت الطائرات والمدرعات والقناصة والرصاص الحي والغاز ضد أفراد عزّل بصورة تتناقض بشكل صارخ مع التوجيهات المُلزمة والخاصة بالأمم المتحدة للتعامل مع التجمعات البشرية. بينما سقوط العدد الكبير من القتلى بين المعتصمين وبينهم نساء وأطفال جعل من ادّعاءها بقيام المعتصمين بتخزين السلاح في الميدان واستخدامه ضد الشرطة، أمراً مشكوكاً به إلى حدّ كبير. وفي السياق ذاته، سجّل المرصد وقوع عدد من الحالات خارج نطاق اعتصامي النهضة ورابعة، قام فيها مواطنين غاضبين بحرق عدد من المراكز الشرطية والبلدية ودور العبادة المسيحية، الأمر الذي يعدّ مخالفة واضحة للقانون، ويجب منعه ووقفه حالاً. وأهاب الأورومتوسطي بالسلطات المصرية التحلّي بضبط النفس وحماية المدنيين واحترام القانون. كما طالب مجلس الأمن بعقد جلسة عاجلة بخصوص الأزمة الراهنة في مصر، ودعا المجتمع الدولي للضغط باتجاه وقف تداعيات جريمة قتل المعتصمين، بما فيه محاسبة الجناة مدنيين وعسكريين، وتقديمهم للعدالة. إلى جانب حلحلة القبضة الأمنية المطبقة على البلاد، والتي أدخلت مصر في دوامة من الاستقطاب الشديد وسفك الدم منذ 45 يوماً.