ذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية أن المسافرين على شوارع شمال فلسطين المحتلة فوجئوا بمشهد غير اعتيادي عندما صادفتهم قافلة من الشاحنات تحمل لوحات ترخيص تركية أو أردنية، تشق طريقها من والى ميناء حيفا بمرافقة دوريات للشرطة الإسرائيلية.
وأضافت الصحيفة أن هذه الشاحنات لم تتوقف في أي من المدن الإسرائيلية خلال رحلتها، بل تشق طريقها ذهابًا وإيابًاً من الأردن إلى ميناء حيفا المحتلة، محملة بالبضائع التركية والعراقية والأردنية، بعد أن تحولت "إسرائيل" وبشكل هادئ للغاية إلى قناة إقليمية مركزية للاستيراد والتصدير بسبب الحرب الدائرة في سورية، بما في ذلك، تحولها إلى نقطة عبور للسلع والبضائع، بين دول الخليج العربي وأوروبا.
ويُكثر خبراء المواصلات في تل أبيب من الحديث عن موقع فلسطين المحتلة الاستراتيجي، والذي سيجعل منها جسرا برياً يربط البحر الأبيض بالعديد من الدول العربية، الأمر الذي يتطلب إغلاق الممر البحري عبر السواحل السورية على البحر الأبيض، لكي يتحول ذلك إلى واقع.
وترى الأوساط الإسرائيلية بالسماح للشاحنات التركية بالتنقل داخل الأراضي المحتلة الذي ابتدأ منذ أكثر من عام، مؤشرًا على التعاون بين البلدين وخطوة للتقريب بينهما، في الوقت الذي ترى أوساط اقتصادية إسرائيلية أن ذلك سيوفر دخلاً "لإسرائيل" بقيمة 200 مليون شيقل سنويًا ستتم جبايتها من رسوم استخدام الميناء، والوقود ورسوم وزارة المواصلات والتأمين.
علاوة على ذلك، قالت الصحيفة، إن " جهاز الأمن العام (الشاباك الإسرائيلي) أبدى قلقه من عدم امتلاكه معلومات أمنية كافية حول سائقي الشاحنات الأردنية التي تم تحويل وجهتها إلى ميناء حيفا نتيجة الأوضاع في سورية واعتماد الأردن للميناء كجسر لتصدير وإعادة تصدير بضائعها من والى تركيا ، وقد تمت موافقة الشاباك بعد مباحثات مطولة، وبضغط من وزير التعاون الإقليمي، سيلفان شالوم، على دخول بضع شاحنات أردنية، التي تدخل إلى "إسرائيل" عن طريق جسر حسين، وتتجه مباشرة إلى ميناء حيفا وتسلك مسارا يصل طوله إلى 80 كيلومترا، وتخضع لفحص أمني شامل، كما أن هناك حركة تجارة برية بشاحنات تركية، تصل إلى ميناء حيفا. وأضافت الصحيفة، أن المملكة الأردنية محاطة بحدود برية من جميع الجهات، وليس لديها أي منفذ سوى عن طريق ميناء العقبة، الذي يبعد كثيرا عن معظم مناطق المملكة."
ولذلك، فإن معظم حركة البضائع التجارية من وإلى الأردن، تتم عبر البر، علمًا أن السفن القادمة من أوروبا وتركيا كانت ترسو في موانئ سورية، وخاصة في ميناء طرطوس، حيث يتم إنزال حمولتها، لتقوم الشاحنات بنقلها إلى الأردن والعراق، غير أن الإحداث التي تشهدها سورية، أدت إلى توقف هذا الممر.
وكشفت الصحيفة، أنه بعد قيام الأردن بتجربة كل الطرق الالتفافية والمعقدة، توجه إلى مكتب التعاون الإقليمي في "إسرائيل"، كما توجهت تركيا بطلب استخدام "إسرائيل" كممر تجاري، بما في ذلك نقل شاحنات تحمل الأكسجين الطبي إلى المستشفيات الأردنية.
ولفتت الصحيفة إلى أن الرد الإسرائيلي لم يكن سهلاً، بسبب معارضة الشاباك. ونقلت الصحيفة عن سلطات الجمارك الإسرائيلية قولها، إن خط التجارة مع الأردن لم يتوقف، حيث شهد خلال العامين 2011 و2012 حركة نشطة في الاتجاهين، حيث تتحرك الشاحنات المحملة بالبضائع من الأردن إلى تركيا حاملة منتجات زراعية وأخرى صناعية. كما يتم نقل مواد خام ومواد تغليف وأغذية معلبة من تركيا إلى الأردن، وقد تم إخفاء أمر الحركة التجارية عبر إسرائيل عن الجمهور، كما أكدت الصحيفة العبرية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين قولهم، إن الهدف من الحفاظ على سرية الحركة التجارية هذه، هو عدم المس بالعلاقات الحساسة مع الأردن، حيث يتم عدم إظهار أي إشارة على الشاحنات توحي بأنها مرت في الدولة العبرية، كما لا يتم ختم جوازات سفر السائقين، وذلك لأن بعض الشاحنات تواصل طريقها إلى العراق الذي لا يقيم علاقات دبلوماسية مع "إسرائيل".
على صلة بما سلف، كشفت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية باللغة العبرية النقاب أمس عن أن وزير التعاون الإقليمي في الحكومة الإسرائيلية، سيلفان شالوم، عقد جلسة خاصة على المعبر الحدودي بين الأردن والدولة العبرية، بمشاركة ممثلين من وزارات ومؤسسات أمنية واقتصادية إسرائيلية، أعلن في أعقابها سلسلة من التعديلات والتسهيلات لحركة نقل البضائع والشاحنات عبر الأردن.
وقال الوزير إنه سيعمل خلال النصف سنة القادمة على زيادة ساعات العمل حتى ساعات الليل المتأخرة، كي يتسنى عبور عدد أكبر من الشاحنات الأردنية والتركية، باتجاه ميناء حيفا، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يأتي في إطار زيادة التعاون الاقتصادي بين إسرائيل والدول المختلفة وتعميقه، والذي يتوقع أن ينعكس بالشكل الإيجابي على الدولة العبرية، وذلك من الناحيتين الإستراتيجية والاقتصادية، على حد تعبيره.