لندن - قدس الإخبارية: حذّرت عائلات وأطباء في بريطانيا من أن حياة ثمانية معتقلين على خلفية نشاطهم في منظمة «فلسطين آكشن» باتت مهددة بخطر حقيقي، مع استمرار إضرابهم المفتوح عن الطعام لأكثر من 45 يوماً، في وقت تواصل فيه الحكومة البريطانية رفضها عقد لقاء مع ممثلي العائلات لمناقشة مطالبهم.
ويخوض الإضراب كل من: قيسر زهرة (20 عاماً)، آمو جيب (30 عاماً)، هبة مورياسي (31 عاماً)، تويتا هوكسا (29 عاماً)، كارمان أحمد (28 عاماً)، لوي شيارميلو (22 عاماً)، جون سنك، وعمر خالد (22 عاماً)، احتجاجاً على استمرار احتجازهم دون محاكمة.
ويخضع النشطاء الثمانية للحبس الاحتياطي بانتظار محاكمتهم المقررة منتصف العام المقبل؛ إذ يُحاكم أربعة منهم على خلفية اقتحام منشآت تابعة لشركة إلبيت سيستمز الإسرائيلية للصناعات العسكرية في بريطانيا العام الماضي، فيما يواجه الأربعة الآخرون اتهامات باقتحام قاعدة برايز نورتون الجوية والتسبب بأضرار تُقدَّر بملايين الجنيهات في طائرتين حربيتين.
وعقب اقتحام القاعدة الجوية، أعلنت الحكومة البريطانية، في تموز/يوليو الماضي، تصنيف منظمة «فلسطين آكشن» كمنظمة إرهابية محظورة، وهو قرار لا يزال قيد المراجعة أمام المحكمة العليا بناءً على طعن تقدمت به مؤسسة المنظمة هدى عموري.
والخميس، عقد ممثلون عن عائلات المعتقلين مؤتمراً صحفياً بمشاركة النائبين البريطانيين جيرمي كوربين وجون ماكدونالد، للمطالبة بتدخل حكومي عاجل والاستجابة لطلب عقد اجتماع مع وزير العدل ديفيد لامي.
وكان نحو 900 طبيب وممرض ومعالج فيزيائي قد وجّهوا رسالة مشتركة إلى لامي، إضافة إلى وزير الصحة ويس ستيرنغ ومسؤولي السجون، حذّروا فيها من أن استمرار الإضراب قد يؤدي إلى وفاة المعتقلين، في ظل تمسكهم باحتجاجهم على اعتقالهم.
في المقابل، رفض وزير شؤون السجون جيمس تيمبوس هذه المطالب، معتبراً أن الحكومة لن تتعامل مع السجناء أو ممثليهم “بصورة مختلفة عن الآخرين”، مؤكداً أن السجون البريطانية تعاملت خلال العام الماضي مع نحو 200 حالة إضراب عن الطعام، وأن الطواقم الطبية تمتلك الخبرة اللازمة للتعامل مع هذه الحالات.
وفي سياق متصل، تجمع نحو 100 ناشط، تتقدمهم النائبة زارا سلطانة، أمام سجن برونزفيلد في مقاطعة ساري، مطالبين بنقل الناشطة قيسر زهرة إلى المستشفى بعد تدهور حالتها الصحية إثر إضرابها عن الطعام لأكثر من 45 يوماً. وبعد اعتصام استمر عشر ساعات، جرى نقل زهرة بسيارة إسعاف إلى المستشفى، أعقبه توتر ومناوشات محدودة بين المحتجين والشرطة أمام السجن.
وقالت سلطانة، الخميس، إن زهرة باتت بحالة أفضل بعد نقلها للمستشفى، لكنها ما تزال ماضية في إضرابها عن الطعام.
وخلال المؤتمر الصحفي، حذّر الدكتور جيمس سميث، المختص في طب الطوارئ، من أن حياة المضربين عن الطعام تواجه “خطراً حقيقياً”، مؤكداً أن المتابعة الطبية داخل السجون لا ترقى إلى المعايير المطلوبة، وهو ما سبق أن حذّر منه نحو 200 طبيب من الجمعية الطبية البريطانية في رسالة مماثلة الأسبوع الماضي.
من جهته، قال النائب جيرمي كوربين، رئيس حزب «حزبكم» (Your Party)، إن ما يجري يمثل “انتهاكاً منتظماً لقواعد وشروط السجن”، داعياً وزير العدل إلى تحمّل مسؤولياته والتواصل مع ممثلي المضربين “لإنقاذ حياتهم”.
وكان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر قد ردّ، خلال جلسة برلمانية، على تساؤلات بشأن رفض الحكومة عقد اجتماع مع ممثلي المعتقلين، بالقول إن القواعد والإجراءات القانونية المعتمدة يجري اتباعها.
وخلال المؤتمر، تحدثت رحمة هوكسا، شقيقة تويتا هوكسا، عن المعاناة التي تعيشها العائلة مع دخول شقيقتها أسبوعها السادس من الإضراب، مؤكدة أنها “لا ينبغي أن تكون في السجن أصلاً”، مشيرة إلى أن حراس السجن يصفونها بـ”الإرهابية” رغم عدم صدور أي حكم بحقها. وأضافت أن شقيقتها تشعر بأن “الحكومة تريد دفنهم أحياء وتركهم يموتون بصمت”.
كما قالت شاهِمينا علم، شقيقة كارمان أحمد، إن شقيقها يعاني من ضعف في عضلة القلب وتباطؤ في النبض بعد قرابة 40 يوماً من الإضراب، لافتة إلى أنه يفقد نحو نصف كيلوغرام من وزنه يومياً، وأضافت: “نظام العدالة بات معلقاً على خيط رفيع جداً”.
وفي تطور لافت، وجّه 51 نائباً من مجلسي العموم واللوردات، بينهم 19 نائباً من حزب العمال الحاكم، رسالة إلى وزير العدل طالبوا فيها بعقد لقاء عاجل مع محامي السجناء الثمانية.
كما انضمت زعيمة حزب شين فين في أيرلندا الشمالية، لاو ماكدونالد، إلى هذه المطالب، معبّرة في رسالة إلى ستارمر عن “قلقها العميق” إزاء ما وصفته بـ”أزمة إنسانية خطيرة”، ودعت إلى تدخل مباشر من رئيس الوزراء لإيجاد حل فوري، مؤكدة أن “الحق في محاكمة عادلة وسريعة، بما في ذلك إمكانية الإفراج بكفالة معقولة، هو مبدأ أساسي في أي مجتمع ديمقراطي ويجب احترامه دون استثناء”.



