ترجمة عبرية - شبكة قُدس: قالت صحيفة هآرتس العبرية، إن قرار حكومة الاحتلال عقد أول اجتماع لها بعد انتهاء الحرب على غزة لمناقشة تغيير اسم الحرب يكشف حجم الانفصال بين القيادة السياسية والواقع الميداني، ويعكس استمرار معركة السرديات التي يقودها بنيامين نتنياهو منذ السابع من أكتوبر.
وقال محرر الشؤون الحزبية في الصحيفة العبرية، يوسي فيرتر، إن الاجتماع الذي خُصص لمناقشة تغيير اسم حرب "السيوف الحديدية" إلى "حرب النهوض" أو "حرب القيامة"، ليس سوى "محاولة جديدة لإعادة تسويق الفشل على أنه بطولة، والهزيمة على أنها "نهضة قومية".
ويرى أن نتنياهو "لا يريد لجنة تحقيق، بل لجنة تسميات"، معتبرًا أن الهدف من تغيير الاسم هو طمس ذكرى أكبر إخفاق في تاريخ "إسرائيل" الحديث. ويضيف: "من الأسهل عليه أن يغيّر اسم الحرب بدلا من مواجهة نتائجها، فالتاريخ بالنسبة له ليس سجلا للحقائق، بل مساحة يمكنه إعادة كتابتها وفق حاجته السياسية".
وأشار الكاتب إلى أن الخطوة تأتي بعد مرور عامين على اندلاع الحرب، بينما لا يزال أكثر من 100 ألف إسرائيلي نازحين عن منازلهم، وأسرى أموات لدى حماس، في وقت تنشغل فيه الحكومة بالأسماء والشعارات.
ويضيف "كل حرب حملت اسمها الطبيعي، حتى عندما تضمنت إخفاقات أو خسائر فادحة. أما اليوم، فالحكومة التي يقودها نتنياهو تحاول استبدال كلمة كارثة بكلمة نهضة، وكأن الكلمة وحدها قادرة على محو الغضب".
ويرى فيرتر أن مقترح نتنياهو بإطلاق اسم "حرب النهوض" يعكس رغبته في تحويل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى أسطورة خلاص قومي، رغم أنه كان في نظر الإسرائيليين مختلفا.
ويعتقد الكاتب أن الحرب التي بدأت بدافع مشروع تحولت مع الوقت إلى "حرب تضليل وإهمال"، معتبرًا أنها في جوهرها "حرب نتنياهو"، لأنها استمرت لخدمة مصلحة شخصية.
ويضيف أن "الأسرى الذين كان يمكن استعادتهم منذ زمن تُركوا يعانون في الأنفاق، لأن نتنياهو لم يرغب في إنهاء الحرب. وعشرات الآلاف من النازحين لم يتلقوا الدعم اللازم، بينما كانت الحكومة مشغولة بمعاركها الإعلامية".
ويرى أن تخصيص أول جلسة حكومية بعد الحرب لمناقشة "تغيير الاسم" بدل فتح تحقيق رسمي ليس مصادفة بل استراتيجية لتأجيل المساءلة. ويقول: "نتنياهو يعلم أن لجنة التحقيق ستصل إليه في النهاية، لذلك يفضّل الحديث عن الكلمات لا عن القرارات، وعن المصطلحات لا عن الأرواح التي أزهقت بسبب الإهمال".
ويضيف ساخرًا أن الجلسة المقبلة ستكون "عرضًا للتملق المنظّم"، حيث سيبدأ نتنياهو بمديح المؤسسة الأمنية التي هاجمها سابقًا خلال معركته ضد القضاء، ثم يتبعه الوزراء "واحدًا تلو الآخر في جوقة من الثناء والتبرير".
ويقول إن أساليب حكومة نتنياهو في التنصل من المسؤولية جديرة بأن تُدرّس في كتب النظم الدكتاتورية، مشيرًا إلى التحريض ضد عائلات الأسرى والمختطفين، وإقصاء العائلات الثكلى عن المراسم الرسمية، ونشر الإشاعات ضد قادة الجيش، كجزء من محاولة لتثبيت الرواية الرسمية وتكميم الأصوات المعارضة.
كما يكشف فيرتر أن نتنياهو بدأ يخسر حتى في ساحة الروايات الدولية، مشيرًا إلى أن حلقة برنامج 60 دقيقة الأميركي عرضت كيف شعر المبعوثان الأميركيان ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر بالخيانة من سلوك نتنياهو الذي هاجم الوفد الفلسطيني المفاوض في الدوحة.
ويعلّق بالقول إن عبارة "الخيانة" باتت تتردد اليوم على ألسنة ملايين الإسرائيليين الذين أدركوا أن حربهم كانت "حرب إهمال قبل أن تكون حرب دفاع".
ويضيف أنه حتى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يُعتبر الحليف الأقرب لنتنياهو، وجد وسيلة لمعاقبته، ليس عبر التصريحات العلنية فقط، بل من خلال تسريبات تكشف من الذي ضغط فعلا لإنهاء الحرب.
ويختم فيرتر مقاله بالقول "يمكن لنتنياهو أن يغيّر اسم الحرب كما يشاء، لكنه لا يستطيع تغيير جوهرها. فالتاريخ سيكتبها باسمها الحقيقي: حرب الإهمال".