مدريد - قدس الإخبارية: كشفت صحيفة إل بايس الإسبانية أن مدريد قررت منع الطائرات والسفن العسكرية الأمريكية من نقل أسلحة وذخائر ومعدات إلى “إسرائيل” عبر قاعدتي روتا البحرية ومورون الجوية جنوب غرب البلاد. القرار يأتي في إطار قيود يفرضها الاتفاق الدفاعي الموقع بين إسبانيا والولايات المتحدة عام 1988، والذي يلزم واشنطن بالحصول على موافقات خاصة لعبور أي معدات أو شحنات “مثيرة للجدل”.
قاعدة “روتا” الواقعة قرب مدينة قادس، ورغم أنها تحت السيادة الإسبانية، تعد مركزاً رئيسياً للقوات الأمريكية في الأطلسي، حيث تتمتع طائراتها بحرية حركة شبه كاملة. في المقابل، يوضح مسؤولون إسبان أن السيادة تظل لمدريد، وكل عملية نقل سلاح تحتاج إلى إذن رسمي مسبق.
المصادر التي تحدثت للصحيفة أوضحت أن القيود ليست رمزية، بل سبق أن أجبرت واشنطن بداية العام الجاري على تحويل مسار ست طائرات مقاتلة من طراز F-35 كانت في طريقها إلى “إسرائيل”، لتنطلق من قاعدة في جزر الأزور البرتغالية بدلاً من المرور عبر الأجواء الإسبانية.
المصادر ذاتها لم تستبعد احتمال أن تكون هناك رحلات أمريكية استخدمت القواعد الإسبانية في اتجاه ألمانيا أو إيطاليا، ومن هناك واصلت إلى “إسرائيل” دون أن يظهر ذلك في خطط الطيران الأصلية. لكنها شددت أن البنتاغون يتجنب عادة إخفاء شحنات حساسة عن مدريد، خشية الإضرار بعلاقات الثقة بين البلدين.
إسبانيا تجد نفسها في معادلة صعبة: فهي من جهة ملتزمة بتحالفها الدفاعي مع واشنطن، ومن جهة أخرى تواجه ضغوطاً داخلية وخارجية متزايدة لوقف أي دور في تسهيل نقل السلاح إلى “إسرائيل”. رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، الذي برز خلال العامين الأخيرين كأحد أبرز منتقدي سياسات الاحتلال داخل الاتحاد الأوروبي، ذهب بعيداً في مواقفه بوصفه “إسرائيل” بدولة ترتكب إبادة جماعية، وطالب بفرض عقوبات عليها.
مصادر إسبانية أكدت أن مدريد ألغت في الأشهر الماضية صفقات عسكرية مع شركتي رفائيل وإلبِت سيستمز الإسرائيلية بقيمة تقارب 600 مليون يورو. وفي خطاب أثار جدلاً لدى الاحتلال، أعلن سانشيز فرض حظر سلاح شامل على “إسرائيل”، مشدداً أن بلاده “لا تملك ترسانة نووية أو حاملات طائرات أو مخزوناً ضخماً من النفط لفرض وقف العدوان على غزة”، لكنها ستستخدم ما بيدها من أدوات دبلوماسية واقتصادية.
وزارة الخارجية الأمريكية أعربت مؤخراً عن “قلق بالغ” من هذه الخطوات، محذرة من أنها قد تعرقل النشاطات العملياتية لواشنطن في المنطقة. غير أن مدريد ردت بالتأكيد أن من حقها القانوني رفض مرور أي شحنات تعتبر “حساسة سياسياً”، في إشارة واضحة إلى الأسلحة المتجهة إلى “إسرائيل”.