شبكة قدس الإخبارية

غياب رسمي وفصائلي.. أسرى مبعدون إلى مصر لـ قدس: حماس وحدها تتكفل بنا

photo_٢٠٢٥-٠٩-٢٩_١٤-٥١-٤٦

خاص - شبكة قُدس: يعيش الأسرى المحررون المبعدون إلى مصر، ظروفًا إنسانية ومعيشية صعبة، ناجمة عن إهمالٍ واضح في متابعتهم من قبل مؤسسات السلطة والفصائل الفلسطينية، باستثناء حركة حماس التي تكفلت عمليًا بتغطية إقامتهم في الفنادق وتوفير المبيت والاحتياجات الأساسية لهم. كما يتزامن ذلك مع تقاعس الدول العربية عن استقبالهم رغم الوعود المعلنة، ما جعل ملف المبعدين يتحول من قضية وطنية ملحّة إلى عبء نفسي ومادي على الأسرى وأسرهم، وفق شهادات المحررين. 

وقال الأسير المحرر المبعد إلى مصر والقيادي في كتائب شهداء الأقصى، رائد عبد الجليل، لـ"شبكة قدس" إن المقاومة أبلغتهم عقب التحرر بوجود العديد من الدول العربية المستعدّة لاستقبالهم، غير أنّ الواقع كشف لاحقًا عن عدم التزام تلك الدول بالوعود المقدمة. وتابع: "حركة حماس وقيادة المقاومة استقبلتنا بعد التحرر، وتحمّلت تكاليف وجودنا داخل الفندق، دون تدخل من قيادات الفصائل الأخرى، أو السلطة الفلسطينية. وتعاملت معنا حماس بمسؤولية وطنية وأخلاق نبيلة وطريقة تليق بنا كأسرى محررين ومقاومين".

ومع مرور الوقت، أشار عبد الجليل إلى أنه ترك وعدد من الأسرى الفندق الذي كانوا فيه، قائلًا: "غادرنا على مسؤوليتنا الشخصية، بهدف التحرر من قيود التنقّل وتخفيف التكاليف على حركة حماس، وانتقلنا إلى شقق سكنية. ورغم ذلك، حافظت حماس على تحمّل جزء من التكاليف بعد مغادرتنا الفندق". 

وأضاف: "أثناء التحرر، كان هناك تقصير في التعامل معنا من قبل قيادة السلطة وحركة فتح، من حيث عدم الحضور أثناء الاستقبال، وذلك بإقرار منهم. وقد تلقينا لاحقًا وعودًا بتعديل المواقف، لكنّنا بقينا نعيش داخل فندق بلا حرّية وقيود مشدّدة".

والتقى أسرى حركة فتح مع قيادة الحركة وهيئة شؤون الأسرى لعرض مطالب المبعدين. وحول ذلك قال عبد الجليل: "طالبناهم بتوفير دول تستقبل الأسرى عبر تفعيل دور السفارات حول العالم، وضمان آلية علاج طبي للجميع، إلى جانب توفير شقق مبيت بدلًا من الفندق الذي تتحمل حماس تكاليفه وحدها، وقد تلقينا وعودًا بحلّ هذه القضايا". 

ولفت إلى أنهم أبلغوا من بعض قيادات فتح بضرورة أن يكون الأسرى المحررون جسرًا للتواصل مع حركة حماس، بحكم العلاقة الشخصية المتينة التي تجمعهم، "وانطلاقًا من قناعتنا كجزء من حركة فتح بأن العلاقة الصحيّة مع حماس يجب أن تقوم على أساس الشراكة والتحالف الوطني" وفق عبد الجليل. وأضاف: "انطلاقًا من هذا الموقف، أكدنا أننا استطعنا، بشكل أو بآخر، التمهيد لعقد لقاءات بين قيادة حركتي فتح وحماس، بهدف التوصل إلى صيغة توافقية تُفضي إلى إتمام المصالحة بين الطرفين".

واعتبر عبد الجليل في معرض حديثه أنه "من حق أيّ كان أن ينتقد نتائج 7 أكتوبر، لكن طالما أن المعركة مستمرة فعليًا، فعلى الجميع الالتزام بخطاب المقاومة، وأي خروج عن هذا النهج يعدّ تصرّفًا غير وطني وغير إنساني". وتابع: "مع ذلك، يحاول بعض أصحاب الأجندات تصويرنا كأننا تيار خارج إطار حركة فتح، غير أننا نرى أننا حملنا راية الحركة ومبادئها الأصيلة. ومن هذا المنطلق نؤكد أننا نريد فتحًا قوية تعبّر عن خطاب الشعب الفلسطيني، الذي يؤمن بأن لا تحرر إلا عبر المقاومة، وعلى رأسها الكفاح المسلّح". 

وعن الأسرى المقطوعة رواتبهم منذ مايو/أيار الماضي، قال عبد الجليل: "موقفنا ثابت ضدّ قطع رواتب الأسرى، وطالبنا الجهات المعنية بتوفير الرواتب لجميع الأسرى، وضرورة ضمانها، لأن المشروع الوطني أقيم على تضحيات الأسرى والجرحى والشهداء (...) وبرغم إدراكنا للضغوط الدولية، فإن ذلك يجب ألّا يحرمنا من البحث عن حلول لتوفير الرواتب بشكل مباشر لذوي الأسرى".

وحول وجود انتقادات ورفض لخيار المقاومة المسلّحة، قال القيادي في كتائب شهداء الأقصى: "لقد اعتُقلنا في السجون بعد انتفاضة الأقصى لأننا قاومنا بقرار من الرئيس الراحل ياسر عرفات، وبإدارة من الأسير مروان البرغوثي، وتم الإفراج عنا بجهود المقاومين، وعلى رأسهم يحيى السنوار، صاحب الإلهام في فكرة تحرير الأسرى". لذا "لا يمكن إكمال المشروع الوطني دون الوحدة الوطنية، وتبنّي خيار المقاومة واستخدام السلاح في مواجهة الاحتلال، ووجود خطاب إعلامي حرّ. ولا يجوز لنا أن نقدّم خطابًا يناهض المقاومة، لأن ذلك يتناقض مع تاريخنا وهويتنا". مشيرًا إلى أنّه ينبغي على جميع الفصائل والتنظيمات والأفراد ألّا يكونوا سيوفًا مسلطةً على المقاومة وأن يتمّ التعالي على الجراح.

ويشير عبد الجليل، إلى أنه "كان يفترض في السابق أن يتم إبعادي إلى تركيا رفقة 5 أسرى محمد أبو ربيعة، أسامة الأشقر، منصور شريم، وأحمد البرغوثي من حركة فتح بالإضافة إلى المحرّر رائد الشافعي من الجبهة الشعبية، وذلك بعد تقديم أسمائنا من قبل حماس، ثمّ من أمين سرّ اللجنة المركزية لحركة فتح، جبريل الرجوب، إلى المخابرات التركية، ولكنّ بشكل مفاجئ تمّ رفض اثنين من الأسماء، قبل وقت قصير من موعد الإبعاد"، مرجحا وجود "تدخلات أمنية من خارج تركيا لمنع وصولنا إليها، ولذا رفضنا الإبعاد إلا أن يكون بشكل جماعي".

وفي موازاة ذلك، يقدّم الأسير المحرر الناشط في الجبهة الشعبية والمبعد إلى مصر، محمود أبو وهدان، روايته الخاصة لـ"شبكة قدس" عن ظروف الإبعاد، قائلًا: "نحن حوالي 140 أسيرًا في مصر، نتواجد في فندق واحد، والتنقل من الفندق إلى خارجه صعب وفق الإجراءات الأمنية التي تتخذها السلطات المصرية التي نقدر دورها. ما يجري في غزة يجعلنا نخجل من الحديث عن قضيتنا أمام الدماء التي تُسفك وتتعرض للإبادة".

وأضاف: "كانت هناك وعود باستقبالنا من قبل بعض الدول. قبل فترة زارنا رئيس هيئة شؤون الأسرى، رائد أبو الحمص، وأخبرنا أنهم يتواصلون مع عدة دول لاستقبالنا، غير أنّ السلطة لم تتمكّن إلا من نقل خمسة أسرى إلى تركيا وإسبانيا، بينما جرت التنقلات الأخرى بمتابعة من حماس إلى تركيا وماليزيا لأكثر من 60 أسيرًا".

وبحسب أبو وهدان فإنهم يشعرون بحالة من اللامبالاة في متابعة قضيتهم، وقال: "سواء من طرف السلطة الفلسطينية أو بقية الفصائل، باستثناء حركة حماس. فعلى المستوى العام، لم نتلقَّ سوى وعود وتصريحات رنانة من قبل قادة السلطة، لكننا لم نرَ أي خطوات عملية. أما ماديًا، فلم تقدّم السلطة شيئًا يُذكر، باستثناء ما يُسمى مكرمة الرئيس، وهي لم تُصرف لجميع الأسرى".

وتابع: "وجود الأسرى في الغربة يشكل تكلفة باهظة من نواحٍ عديدة، ولا توجد أي جهة تدعمنا سوى حركة حماس. مكرمة الرئيس بمبلغ 500 دولار عن كل عام قضاه الأسير في السجن لا تكفي على المدى البعيد، خصوصًا أنّ بعض الأسرى هم المعيل الأساسي لعائلاتهم".

وأشار إلى أن استقبالهم لحظة التحرر لم يكن على قدر التضحيات من قبل البعض، قائلًا: "عند تحررنا لم تستقبلنا قيادات جميع الفصائل، فقد غابت بعضها عن لقائنا في لحظات التحرر الأولى، وتحديدًا من حركة فتح، قبل أن يحضروا لاحقًا. لكن من يقوم على رعاية الأسرى، من مختلف الأطياف والتوجهات والمسميات، هي حركة حماس".

وعن حقوقهم ومطالبهم، اعتبر أبو وهدان أن التسويف سيّد الموقف، وأضاف: "تلقينا وعودًا بتسوية أوضاعنا عبر تحويل ملفاتنا إلى التقاعد أو إدراجنا في كشوف التفريغ، لكن التسويف ظل العنوان الأبرز للمشهد. يبدو أنّ هذا التسويف مقصود حتى لا نفكر سوى في تأمين مطالب الحياة الأساسية". كما انتقد غياب دور السفارة الفلسطينية بالقاهرة: "لم نلتق بالسفير دياب اللوح سوى مرة واحدة منذ التحرر في فبراير الماضي. في السابق، كانت القنصل نداء البرغوثي تتواصل معنا بشكل دائم".

 

#تركيا #رام الله #حماس #مصر #فتح #القسام #الجبهة الشعبية #يحيى السنوار #السلطة الفلسطينية #طوفان الأحرار