ترجمة خاصة - شبكة قُدس: قالت تمار شالوم، الباحثة في “معهد سياسات الشعب اليهودي” (JPPI)، إن الأسئلة التي تطرحها الجالية اليهودية في الولايات المتحدة باتت أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى. إحدى الأمهات الأمريكيات اليهوديات، المعروفة بدعمها الطويل لـ”إسرائيل” ماديًا وإعلاميًا، سألتها مؤخرًا بقلق: كيف يمكن مساعدة الشباب اليهود الأمريكيين الذين يعرّفون أنفسهم كصهاينة، يؤمنون بحق “إسرائيل” في الوجود، لكنهم يواجهون اليوم خطر النبذ الاجتماعي أو حتى فقدان فرص العمل؟ هؤلاء، تقول، هم فنانون وأكاديميون شباب يجدون الأبواب مغلقة أمامهم إذا رفضوا التنكر لـ”إسرائيل”.
منذ تفاقم أزمة الجوع في قطاع غزة وتزايد الانتقادات الدولية الحادة لـ”إسرائيل” في صيف العام الماضي، ومع تحوّلها تدريجيًا إلى دولة منبوذة على الساحة الدولية، ظهر شعور جديد لدى شرائح من اليهود الموالين لها: الإحراج. إحراج من حرب مستمرة بلا أفق، إحراج من غياب أي صفقة قريبة لإعادة الأسرى – وهو ملف تبنته الجالية اليهودية الأمريكية بحماس استثنائي – وإحراج من العجز عن تبرير استراتيجية “إسرائيل” أمام بيئات خارجية معادية في كثير من الأحيان، بينما هم أنفسهم لا يفهمونها.
وتوضح شالوم أن الحديث لا يدور عن التيارات التقدمية أو النشطاء المتأثرين بما يعرف بـ WOKISM أو المندمجين في احتجاجات الجامعات، بل عن الدوائر الأكثر إخلاصًا لـ”إسرائيل” بعد 7 أكتوبر. هؤلاء هم اليهود الذين قدّموا الأموال والوقت والدعم العلني، ولم يترددوا في الاصطفاف خلفها في مواجهة موجة العداء المتصاعدة والانعكاسات العميقة على حياتهم وحياة أبنائهم. بالنسبة للكثيرين منهم، تعززت هويتهم اليهودية بعد ذلك اليوم، وازداد ارتباطهم بـ”إسرائيل” عمقًا.
لكن استمرار الحرب بلا نهاية واضحة، وعجز حكومة الاحتلال عن تقديم استراتيجية بعيدة المدى أو أهداف محددة للإسرائيليين وللعالم، يفاقمان من أزمة هذه الجالية. فبحسب “مؤشر صوت الشعب اليهودي” الصادر عن المعهد نفسه، 92% من يهود أمريكا يرون أن الحرب الأخيرة زادت من شعور انعدام الأمن لدى اليهود في العالم وأضرت بوحدة المجتمعات اليهودية، فيما أعرب 75% منهم عن خشيتهم من تحوّل “إسرائيل” إلى دولة منبوذة في الغرب.
من هنا ينبع السؤال: هل على “إسرائيل” أن تراعي أثر قراراتها في الحرب على يهود الشتات؟ صحيح أن حكومة الاحتلال مطالبة أولًا برعاية أمن ورفاه مواطنيها، لكن شالوم ترى أن أي نقاش جاد في الكابينيت حول خطوات الحرب يجب أن يشمل تداعياتها على يهود أمريكا وأوروبا. ليس مجرد اعتبار رمزي، بل جزء جوهري من الصورة الكاملة.
ففي الأشهر الأخيرة اتضح أن هناك علاقة مباشرة بين انعكاسات أفعال “إسرائيل” في الحرب على مكانتها الدولية، وبين أوضاع يهود العالم. كلما ساءت صورة “إسرائيل” عالميًا، وتعمّق نبذها في الساحة الدولية، كلما تدهورت أوضاع اليهود المرتبطين بها في الخارج، خصوصًا أولئك الذين يتمسكون بعلاقتهم العلنية معها. حتى من يرفض مبدئيًا إدخال اعتبارات الشتات في قرارات الحرب، لا يستطيع أن يتجاهل خطورة التصريحات المتطرفة وغير المسؤولة لبعض وزراء ونواب الائتلاف، والتي تترجم في الإعلام العالمي وتزيد من تعقيد وضع اليهود في الخارج.