شبكة قدس الإخبارية

معهد بحثي إسرائيلي: احتلال غزة يعني أزمة اقتصادية تعكس نفسها على 10 سنوات قادمة 

1-1681815

ترجمات خاصة - قدس الإخبارية: نشرت صحيفة ذا ماركر تقريرًا تناولت فيه التأثيرات المحتملة لاحتلال مدينة غزة على الاقتصاد الإسرائيلي في السنوات المقبلة، مشيرة إلى أن الصورة ضبابية للغاية، وأن كل التقديرات الرسمية الصادرة عن وزارة المالية و"بنك إسرائيل" باتت تفتقر للمصداقية، لأنها تستند إلى فرضية انتهاء الحرب في الربع القادم، وهو ما يتبدد مع كل توسع جديد في العمليات العسكرية.

الصحيفة أوضحت أن التوقعات الرسمية تتغير بشكل متكرر: ففي يونيو الماضي عدّل وزير المالية توقعاته لنمو بنسبة 3.6%، لكنه عاد في أغسطس ليخفضها إلى 3.1%. وكذلك الحال مع "بنك إسرائيل" الذي خفض تقديراته إلى 3.3%، ومن المتوقع أن يخفضها مجددًا في ظل استمرار الحرب. هذا الامتناع عن تقديم صورة واقعية أو سيناريوهات متعددة، بحسب التقرير، يتيح للقيادة السياسية في تل أبيب مواصلة تجاهل التداعيات الاقتصادية لقراراتها العسكرية.

على النقيض من ذلك، قدّم "معهد أهارون" التابع لجامعة ريتشمان، برئاسة نائب محافظ "بنك إسرائيل" السابق البروفيسور تسفي إكشتاين، سيناريوهات بديلة حول مستقبل الحرب وانعكاساتها الاقتصادية. هذه السيناريوهات تنقسم إلى ثلاثة مسارات: الأول "الأكثر تفاؤلاً"، ويتمثل في التوصل إلى تسوية شاملة بنهاية 2025 تشمل إطلاق سراح الأسرى ونقل الإدارة المدنية لغزة إلى جهات دولية أو مصرية؛ الثاني استمرار الوضع الراهن من دون تسوية، بحيث تتحمل "إسرائيل" مسؤولية الإمدادات الغذائية مع احتمال فرض عقوبات أوروبية متزايدة؛ أما الثالث، وهو الأكثر تشاؤماً، فيتمثل باحتلال كامل لقطاع غزة وإدارة عسكرية مباشرة، وهو ما قد يقود إلى عقوبات دولية حقيقية، وتعميق الاستقطاب الداخلي، وتفاقم ظاهرة رفض الخدمة العسكرية، فضلًا عن هجرة الكفاءات من قطاع التكنولوجيا المتقدمة.

التقرير أشار إلى أن معهد أهارون اعتمد في تقديراته على حجم استدعاء قوات الاحتياط وتأثيرها على سوق العمل. فبينما بلغ متوسط عدد جنود الاحتياط 100 ألف في الربع الثاني من 2025 بفعل الحرب مع إيران، فإن سيناريو الاحتلال الكامل لغزة سيُبقي هذا المستوى المرتفع لسنوات، ما سيؤثر سلبًا على الإنتاجية والناتج المحلي. بالمقابل، في حال الوصول إلى تسوية، قد يتراجع العدد إلى نحو 50 ألف جندي بحلول 2026.

فيما يخص النمو، بيّن التقرير أن التوقعات تتراوح بين 2.2% في 2025 مع إمكانية وصولها إلى 3.7% في 2027 إذا تحقق سيناريو التسوية، مقابل تراجعها إلى 1.3% فقط في حال استمرار الوضع القائم، وانحدارها إلى 0.7% إذا تم اللجوء إلى خيار الاحتلال الكامل. وفي هذا السيناريو الأخير، سترتفع النفقات الأمنية بشكل كبير على حساب الإنفاق المدني، ما يعني "عقدًا اقتصاديًا مهدورًا"، وفق تعبير إكشتاين.

وتحذّر "ذا ماركر" من أن أخطر ما يلوح في الأفق هو مسار الدين العام. ففي حال غياب تسوية وذهاب "إسرائيل" نحو الاحتلال المباشر لغزة، قد يقفز معدل الدين إلى الناتج المحلي من 69% في 2024 إلى 90% في 2030، ويواصل الارتفاع إلى 115% بحلول 2035، ما يضع الاقتصاد الإسرائيلي على حافة أزمة مالية كبرى. حتى في السيناريوهات الأقل تشاؤمًا، فإن نسبة الدين ستواصل الصعود، ولا يمكن كبحها إلا عبر إصلاحات هيكلية تشمل دمج الفلسطينيين واليهود الحريديم في سوق العمل.

كما لفت التقرير إلى أن قطاع التكنولوجيا المتقدمة، رغم تسجيله استثمارات قياسية في النصف الأول من 2025، يبقى مهددًا بالتراجع في حال قررت الحكومة الإسرائيلية فرض سيطرة عسكرية على غزة. إذ إن ما شجّع المستثمرين مؤخرًا هو الاعتقاد بأن الأمور تتجه نحو تسوية، لا نحو احتلال شامل. لكن أي انقلاب في هذا المسار قد يدفع شركات عالمية إلى مقاطعة السوق الإسرائيلي، ويزيد من موجات "الرحيل الاختياري" لمهندسي التكنولوجيا الإسرائيليين.

وفي ختام التقرير، شددت الصحيفة على أن استمرار الإنكار السياسي للانعكاسات الاقتصادية يضاعف المخاطر، مؤكدة أن أي خطوة نحو احتلال غزة لن تقتصر على أعباء عسكرية وسياسية، بل ستفتح الباب أمام أزمة اقتصادية قد تطبع العقد المقبل كله بطابع الانكماش والأزمات المالية والاجتماعية.