ترجمات خاصة - قدس الإخبارية: اعتبرت صحيفة هآرتس أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتجنب بشكل متعمد إعلان موقف واضح بشأن مشروع ضم أجزاء من الضفة الغربية. ففي مؤتمر صحفي مشترك مع وزيرة خارجية الإكوادور، أوضح أنه سبق أن حذّر الدول الغربية من أن الاعتراف بدولة فلسطينية سيدفع "إسرائيل" نحو خطوات من هذا النوع. حديثه، كما وصفت الصحيفة، قدّم الضم وكأنه "ظاهرة طبيعية لا مفر منها"، وليس خيارًا سياسيًا يقود نحو تكريس نظام فصل عنصري.
روبيو، وإن لمح إلى نوع من التحفظ حين قال إن "الموضوع ما زال موضع نقاش داخل السياسة الإسرائيلية"، شدد في الوقت ذاته على أنه لن يعلن موقفه الآن. وبحسب الصحيفة، فإن "إسرائيل" لم تحصل بعد على ضوء أخضر أميركي رسمي، غير أن هذا التفصيل لا يعني الكثير بالنسبة للتيارات السياسية في حكومة الاحتلال التي تدفع نحو الضم.
في السياق ذاته، عرض بتسلئيل سموتريتش، المسؤول عن معظم الملفات "المدنية" في الضفة، خطة ضم شاملة تُبقي على "جزر فلسطينية" معزولة ومطوّقة بالسيادة الإسرائيلية، بحيث تُسلب عنها أي حقوق سياسية أو مدنية. وأسرع المدير العام لمجلس المستوطنات، عومر رحاميم، إلى تفسير كلام روبيو على أنه "إشارة أميركية بالقبول".
هذه التطورات تأتي بينما تكثف حكومة الاحتلال تهديداتها بفرض "السيادة" رداً على خطوات أوروبية للاعتراف بالدولة الفلسطينية. وذكرت الصحيفة أن وزير الشؤون الاستراتيجية في حكومة الاحتلال رون ديرمر هو من يقود هذا الخطاب في لقاءاته مع الدبلوماسيين الفرنسيين والبريطانيين، فيما يحرص وزير الخارجية جدعون ساعر على التلميح بأنه يشارك بدوره في هذه الجهود، وكان قد ناقشها مباشرة مع روبيو.
أما الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فيلتزم صمتاً كاملاً إزاء الضم أو حل الدولتين، وهو ما يترك الساحة الدبلوماسية الأميركية في حالة ارتباك. وأشارت هآرتس إلى أن موظفين في الخارجية الأميركية يحاولون تضييق هامش التباين بين الموقف الرسمي لواشنطن وما تقوم به حكومة الاحتلال. وفي هذا السياق، أُقيل مؤخراً المتحدث باسم الخارجية شاهِد قريشي بعد خلافات حول صياغة مواقف علنية بشأن سياسات "إسرائيل" في الضفة وغزة، من بينها حذفه لعبارة تؤكد رفض الترحيل القسري للفلسطينيين.
الصحيفة ذكرت أيضاً وثيقة داخلية أظهرت أن ديفيد ميلشتاين، مستشار السفير الأميركي في "إسرائيل" مايك هاكابي، حاول تمرير نص رسمي يعترف بـ"الحقوق التاريخية والقانونية للشعب اليهودي في الضفة الغربية"، غير أن المقترح رُفض. وقد عارضه قريشي الذي دفع لاحقاً ثمن اعتراضه بالإقالة.
بالموازاة، اتخذت الإدارة الأميركية إجراءات عقابية علنية ضد السلطة الفلسطينية، بدءًا من سحب التأشيرات من قياداتها لمنعهم من حضور اجتماعات الأمم المتحدة، وصولاً إلى فرض عقوبات على ثلاثة منظمات حقوقية فلسطينية بحجة تعاونها مع المحكمة الجنائية الدولية. أما السفير هاكابي، فذهب أبعد من ذلك حين دعا إلى "إغلاق المحكمة" بعد هجوم نتنياهو عليها.
ورغم هذا التشدد، لفتت هآرتس إلى أن هاكابي أبدى تحفظاً محدوداً في حديث مع الصحفي باراك رافيد على الخنق المالي الذي تمارسه "إسرائيل" بحق السلطة بإيعاز من سموتريتش. غير أن هذا التحفظ بدا هامشياً مقارنة بالخط العام الذي يمنح "إسرائيل" شعوراً بوجود غطاء أميركي ضمني للاستمرار في مخططاتها.
الصحيفة ختمت بالإشارة إلى أن روبيو سيزور القدس الاثنين للمشاركة في افتتاح "طريق الحجاج" الذي ترعاه جمعية "إلعاد" الاستيطانية في بلدة سلوان. وهو الافتتاح الثالث للمكان ذاته منذ 2016، غير أن هذه المرة يشارك وزير الخارجية الأميركي نفسه، في مشهد ترى فيه هآرتس دليلاً إضافياً على انزياح واشنطن نحو تبني الرواية "التوراتية" لتهويد القدس وتكريس "الحقوق التاريخية" للاحتلال.