شبكة قدس الإخبارية

مصر والخشية من "قلادة نتنياهو": "إسرائيل الكبرى" والهواجس القديمة

xnsJm (1)

ترجمة خاصة - شبكة قُدس: نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت تقريرًا يكشف كيف تحوّلت قلادة صغيرة إلى أزمة إقليمية كبرى. ففي مقابلة تلفزيونية على قناة i24، قدّم الإعلامي شارون غَل إلى رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو قلادة تحمل خريطة لما يسمى “الأرض الموعودة” (إسرائيل الكبرى)، تشمل أجزاء من مصر والأردن وسوريا ولبنان وحتى العراق. وبينما عُدّت الحادثة في إسرائيل أمرًا هامشيًا يكاد يكون ساخرًا، فإنها في العالم العربي – وخاصة مصر – فُسّرت باعتبارها إشارة إلى مخطط استراتيجي خطير يرتبط باحتلال غزة وتهجير سكانها نحو سيناء.

في القاهرة، عادت المخاوف القديمة لتطفو مجددًا. فقد ارتبطت الذاكرة المصرية بتصريحات سابقة لمسؤولين إسرائيليين عن إقامة دولة فلسطينية في سيناء، ومع مشاريع مثل “المدينة الإنسانية” التي روّجت لها إدارة ترامب. اليوم، تتجدد هذه الهواجس على وقع الحرب في غزة، حيث تتوجس مصر من أن يُربط ملف النيل بأجندة تهجير الفلسطينيين. وزير الخارجية بدر عبد العاطي حذّر صراحة من أن اقتلاع الفلسطينيين من القطاع يشكل “خطًا أحمر” يمسّ الأمن القومي والسيادة المصرية، لكنه في الوقت ذاته أكد احترام التزامات مصر الدبلوماسية مع "إسرائيل".

على الأرض، بدأت القاهرة في تعزيز قواتها في سيناء بتنسيق محدود مع حكومة الاحتلال، في خطوة تهدف إلى منع أي تسلل جماعي محتمل في حال اندفع سكان غزة جنوبًا بفعل عملية عسكرية واسعة. وزارة الخارجية المصرية أصدرت بيانًا قالت فيه إنها تتابع بقلق محاولات "إسرائيل" إقناع دول باستقبال لاجئين من القطاع، وأكدت أنها أجرت اتصالات مع تلك الدول، التي تعهدت بدورها بعدم التعاون مع هذه المخططات.

المزاج الشعبي في مصر عبّر عن نفسه بوضوح. فقد نشرت صحيفة الأهرام الرسمية مقالًا للكاتبة سناء البيسي بعنوان “أنا أكره بنيامين”، استحضرت فيه أغنية “أنا أكره إسرائيل” التي اشتهرت قبل ربع قرن، وكتبت بلغة حادة عن التاريخ اليهودي والدين. هذا المقال، الذي مرّ في صحيفة حكومية، اعتُبر إشارة إلى أن النظام المصري يتيح تصعيد الخطاب تجاه "إسرائيل" في هذه المرحلة.

في موازاة ذلك، تتحرك القاهرة على مسارين: الأول سياسي، عبر الضغط على حماس للقبول بمقترح وقف إطلاق نار يقوم على صيغة ويتكوف المعدلة بالتنسيق مع قطر، ويتضمن نقاشًا حول إنهاء الحرب دون التطرق إلى نزع سلاح الحركة. والثاني إداري، من خلال طرح فكرة تشكيل لجنة حكم محلية في غزة مرتبطة بالسلطة الفلسطينية ولكن بلا مشاركة مباشرة من حماس، وقد بدأت مصر فعلًا تدريب خمسة آلاف عنصر أمني من السلطة استعدادًا لـ”اليوم التالي”.

لكن الضغوط الداخلية تتزايد أيضًا. جماعة الإخوان المسلمين تنظم مظاهرات أمام السفارات المصرية في عواصم عدة، مطالبة بموقف أكثر دعمًا لغزة وبفتح كامل لمعبر رفح.

كل هذه التطورات تهدد مستقبل العلاقات المصرية – الإسرائيلية. السفير الإسرائيلي السابق في القاهرة، حاييم كورِن، حذّر من أن انعدام الحوار المنتظم بين القيادتين يعمّق سوء الفهم، في وقت تواجه فيه مصر ضغوطًا اقتصادية بسبب تراجع إيرادات قناة السويس على خلفية هجمات أنصار الله. كما أشار إلى أن التعاون الاقتصادي، مثل صفقة الغاز الضخمة بقيمة 35 مليار دولار حتى عام 2040، قد يتضرر بشدة إذا تصاعدت الأزمة.

الصحيفة خلصت إلى أن الاندفاع الإسرائيلي نحو احتلال غزة لا يأخذ بالحسبان التداعيات الإقليمية والأمنية والاقتصادية الهائلة. فإلى جانب المخاطر العسكرية والداخلية، يقف خطر انهيار العلاقات مع مصر – صاحبة الجيش العربي الأكبر والجار المباشر لغزة – وهو ما قد يطغى على أي إنجاز عسكري. ومن منظور سياسي، فإن خيار الهدنة، رغم نواقصه، يبدو أقل كلفة بكثير من مغامرة الاحتلال الكامل.