شبكة قدس الإخبارية

صحفية إسرائيلية استقصائية: كذب المؤسسة العسكرية حول نسب التجنيد يكشف مأزق الحرب على غزة

2025-06-11 21.16.24
هيئة التحرير

ترجمات عبرية - خاص قدس الإخبارية: حذّرت الصحفية الاستقصائية “الإسرائيلية” ميراف بيتيتو من أن خيار احتلال مدينة غزة، الذي يطرحه المستوى السياسي والعسكري، ينطوي على مخاطر مباشرة على حياة الأسرى. وأوضحت أن رئيس الأركان نفسه – بصفته أعلى سلطة عسكرية وذراعًا تنفيذية لقرارات الحكومة – نبّه إلى أن دخول مدينة مكتظة بالمقاتلين والأنفاق، من دون خطة واضحة لإدارة الحكم العسكري، هو مقامرة غير محسوبة العواقب.

ورأت بيتيتو أن هذه السياسة تعكس تناقضًا صارخًا مع القيم اليهودية كما تفسّرها التوراة، التي حرّمت منذ آلاف السنين طقوس التضحية بالأطفال لـ”الإله مولِك”. الأسرى والجنود، كما تقول، يتحولون إلى “قرابين” في طقس دموي معاصر، بينما يقف الحاخامات والمؤسسات الدينية صامتين أمام ما وصفته بـ”وثنية جديدة” يقودها مجلس الحرب، حيث تتحول معاناة الجنود إلى تدنيس لاسم الرب.

واستشهدت بما قاله روبي حِن، والد الأسير إيتاي، الذي شبّه الحرب المستمرة منذ نحو عامين بمستنقع فيتنام. ودعا حِن “نيكسون الإسرائيلي” – في إشارة إلى نتنياهو – إلى التوقف عن الأوهام التي تهدد حياة الأسرى بعد سبعمئة يوم من القتال، مذكرًا بأن الحروب الناجحة في القرن الماضي كانت قصيرة نسبيًا ولم تتجاوز عامًا واحدًا.

على الصعيد الداخلي، لفتت بيتيتو إلى أن الأرقام التي تعلنها المؤسسة العسكرية بشأن التجنيد ليست سوى واجهة مضللة لإخفاء تزايد ظاهرة التهرّب من الخدمة. وأشارت إلى أن كثيرًا من جنود الاحتياط، بعد ثلاث جولات خدمة متتالية، يفضّلون البقاء مع عائلاتهم بدل العودة إلى “مذبح الوطن” الذي يحلم به سموتريتش. شهادات الضباط الميدانيين، كما تنقل، تؤكد تراجع الروح القتالية وتآكل الدافعية، فيما تُعرض الأرقام للجمهور بشكل يجمّل الواقع.

كما رأت أن مؤسسات “حراسة البوابة” في “إسرائيل” أُنهكت جميعها: المستشارة القضائية للحكومة تصارع ما سمّته “عصابة الناهبين” للديمقراطية، قضاة المحكمة العليا منهكون من صراع طويل مع السلطة التنفيذية، رئيس الأركان يطلق صرخات استغاثة لا تجد صدى، رئيس الشاباك استقال محمّلًا نفسه المسؤولية، وزير جيش استُبدل بآخر يائس، ومراقب الدولة يعرقل تشكيل لجنة تحقيق مستقلة. وحتى ضباط الشرطة السابقون يحذرون من انهيار الثقة العامة، بينما ضجيج المدافع يتيح سحق ما تبقى من مؤسسات بلا مقاومة.

وبيّنت أن تقريرًا لوزارة الصحة “الإسرائيلية” يكشف أن واحدًا من كل ثلاثة مستوطنين يعاني من القلق أو الاكتئاب بسبب الحرب، بزيادة تقارب الضعف مقارنة بما قبل 7 أكتوبر. وفي ظل ضعف خدمات العلاج النفسي، فإن المجتمع “الإسرائيلي” يواجه أزمة نفسية لا مؤشرات على تعافيها.

أما اقتصاديًا، فوصفت الوضع بأنه “نزيف في الجيب”: تكلفة المعيشة بلغت مستويات غير مسبوقة، وميزانيات الوزارات المدنية تُستنزف لصالح الإنفاق العسكري، فيما تتراجع البورصة مع كل توقع لتصعيد جديد، ويتدهور التصنيف الائتماني الدولي لـ”إسرائيل”. وأشارت إلى أن جنود الاحتياط، وغالبيتهم من أصحاب الأعمال الصغيرة والموظفين، يدفعون الثمن مضاعفًا: غياب طويل عن العمل، خسائر مالية، وأعباء نفسية وشخصية جسيمة.

وختمت بيتيتو بالقول إن الحرب دمّرت القيم التربوية والأخلاقية: تدريب الجنود على اقتحام غزة وتدمير المباني واقتحام الأنفاق مجرد “مسرحية عبثية” لا علاقة لها بالدفاع عن المستوطنين، بل انعكاس لهوس أيديولوجي يهدف لتوسيع الاستيطان. ومع هذا النهج، وجدت “إسرائيل” نفسها معزولة دوليًا، بعدما بدأت دول غربية تبتعد عنها وتدعم بقوة الاعتراف بدولة فلسطينية. وهكذا، تقول بيتيتو، يبدو أن كلمة الفصل باتت بيد “الأمم”، فيما حكومة الاحتلال تواصل التمسك بشعارات فارغة عن “شعب وحيد يسكن آمنًا بين الأمم”، من دون أن تجد لذلك أي ترجمة عملية على الأرض.