ترجمة خاصة - شبكة قُدس: كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت أن الخلاف حول مستقبل الحرب في غزة لم يعد مقتصرًا على الرأي العام أو على المستوى السياسي داخل حكومة الاحتلال، بل امتد أيضًا إلى هيئة الأركان العامة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، حيث تدور نقاشات حادة بين قياداته بشأن مسألة الأسرى وخيار اجتياح مدينة غزة.
وبحسب الصحيفة، فقد برزت مدرستان متناقضتان داخل جيش الاحتلال. الأولى يقودها رئيس الأركان إيال زامير، وترى أن الأفضل هو التوجه نحو صفقة جزئية مع حركة حماس، تضمن الإفراج عن قسم من الأسرى الذين تقبل الحركة إطلاق سراحهم الآن. هذه المدرسة تعتقد أن تنفيذ صفقة كهذه قد يؤجل، وربما يُغني مؤقتًا عن قرار اجتياح مدينة غزة بالكامل، على أن يتحدد المآل لاحقًا وفق نتائج المفاوضات الشاملة الخاصة بوقف الحرب وتحرير باقي الأسرى.
ووفق رؤية زامير، فإن هذا المسار يترافق مع فرض حصار محكم على غزة، ثم إخلاء تدريجي للسكان بما يقارب مليون وربع إنسان، قبل الشروع في مناورة عسكرية واسعة تستثني المناطق التي يُحتجز فيها الأسرى، وذلك لتقليل الخسائر في صفوفهم وصفوف الجنود. كما يوصي زامير باستخدام الحد الأدنى من التشكيلات البرية، حفاظًا على قوات الاحتياط ومعداتها، وإدخال مساعدات إنسانية لإعادة ترميم الشرعية الدولية التي تآكلت. غير أن نقطة الضعف الكبرى في هذا المسار تكمن في كونه بطيئًا، وقد يتطلب عامًا كاملًا لتحقيق نتائجه، ما يعني تقليص الضغط المباشر على حماس.
أما المدرسة الثانية، التي تضم عددًا من الجنرالات وقادة الفرق الميدانية، فترى أن أي صفقة جزئية ستُفقد “إسرائيل” قوة الدفع الحالية وستمنح حماس فرصة لالتقاط أنفاسها وإعادة تنظيم صفوفها. هؤلاء الضباط يعتقدون أن وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار لمدة ستين يومًا سيتيح لها التعافي ويقوّض فرص تهجير السكان من المدينة. كما يخشون أن يفقد نتنياهو دعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب إذا ما طالت فترة التردد، وأن تفقد “إسرائيل” ما تبقى من شرعية دولية. هذه المدرسة تؤكد أن نصف مدينة غزة بات تحت سيطرة الجيش بالفعل، وأن تدمير شبكة الأنفاق المركزية تحتها أمر لا مفر منه لتأمين المستوطنات المحيطة. لذلك فهي تطالب باجتياح فوري وسريع للمدينة، والتوقف فقط إذا وافقت حماس على إطلاق سراح جميع الأسرى وقبول شروط حكومة الاحتلال.
ووفقا لصحيفة يديعوت أحرونوت، اللافت أن الكابينت المصغر تبنى هذا الأسبوع، بناءً على توصية نتنياهو، صيغة وسطية بين هذين التوجهين: التفاوض على صفقة شاملة لا جزئية، مع مواصلة الضغط العسكري بما في ذلك الاستعداد لاجتياح غزة. الخطة العسكرية المرافقة لهذا المسار هي نسخة معدلة من الخطة التي طرحها زامير، لكنها وفق رغبة نتنياهو تسير بوتيرة أسرع لإرضاء ترامب أكثر من كونها ضرورة عسكرية.
ورغم أن العُرف العسكري يفرض أن قرار رئيس الأركان هو المرجع الأخير والملزم للجيش، فإن الأصوات المعارضة داخل القيادة العليا لجيش الاحتلال لا تزال تضغط باتجاه رؤيتها، معتبرة أن التباطؤ سيُطيل أمد الحرب لسنوات، فيما يظل جوهر الخلاف قائمًا: هل تُقدَّم أولوية إنقاذ الأسرى عبر التفاوض التدريجي، أم تُحسم المعركة ميدانيًا بسرعة عبر السيطرة الكاملة على غزة؟.