شبكة قدس الإخبارية

وفاة عبد الجواد صالح أول وزير زراعة في السلطة وأحد أبرز معارضي فسادها

وفاة عبد الجواد صالح أول وزير زراعة في السلطة وأحد أبرز معارضي فسادها

رام الله - قدس الإخبارية: رحل صباح اليوم السبت المناضل الفلسطيني عبد الجواد صالح عطا حمايل (أبو الوليد)، عن عمر ناهز 95 عامًا، بعد مسيرة طويلة في مقارعة الاحتلال والعمل الوطني والتنظيمي، امتدت منذ خمسينيات القرن الماضي وحتى رحيله، وشكّلت محطات حافلة بالعطاء الثابت والمواقف الجذرية في مواجهة كل محاولات الالتفاف على المشروع الوطني الفلسطيني.

ينتمي صالح إلى مدينة البيرة، وكان قد نال شهادة الاقتصاد والعلوم السياسية من الجامعة الأمريكية في القاهرة عام 1955، قبل أن يعود إلى فلسطين ويبدأ مشواره السياسي من قلب الميدان، حيث انخرط في العمل الجماهيري والنقابي، وانتُخب عام 1972 رئيسًا لبلدية البيرة على رأس قائمة وطنية في مواجهة روابط القرى التي أنشأها الاحتلال لتمرير مشروع الإدارة المدنية.

خلال تلك المرحلة، كان من المؤسسين الرئيسيين للجبهة الوطنية الفلسطينية عبر "لجنة التوجيه الوطني" التي واجهت سياسات الاستيطان ومحاولات تصفية القيادة الوطنية. ومع تصاعد الضغط الصهيوني، أقدمت سلطات الاحتلال على إبعاده عام 1973 إلى خارج الوطن، وهناك أسّس وترأس "مركز القدس للدراسات التنموية" في العاصمة الأردنية عمّان، قبل أن يعود إلى أرض فلسطين عام 1993 مواصلًا نضاله دون انقطاع.

وكان عبد الجواد صالح عضوًا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بين عامي 1974 و1982، وشارك في تأسيس أطر نضالية متعددة، وظل صوته عاليًا ضد الفساد والانحراف عن الثوابت الوطنية. وقد انتُخب في أول مجلس تشريعي عام 1996 عن دائرة رام الله، وتولّى أول وزارة للزراعة في حكومات السلطة الوطنية، لكنه قدّم استقالته عام 1998 احتجاجًا على ممارسات السلطة، وكان من أبرز الموقعين على "بيان العشرين" الذي شكّل إحدى محطات المواجهة الوطنية الداخلية.

دفع صالح ثمن مواقفه الوطنية حتى في حياته الشخصية، إذ فقد نجله ماهر الذي استُشهد خلال تدريبات عسكرية في صفوف الثورة الفلسطينية في لبنان عام 1974. كما واجه الإبعاد والقمع والتهديد، لكنه لم يتراجع، وظل منحازًا لقضايا الفلسطينيين، ومتمسكًا بخيار المواجهة مع الاحتلال.

وفي نعيها، قالت الجبهة العربية الفلسطينية إن عبد الجواد صالح "واحد من الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ولم يبدلوا تبديلا"، ووصفت رحيله بالخسارة الكبرى لشعب فلسطين، مشددة على أنه كان نموذجًا للمناضل الذي لم تغره المناصب ولا الامتيازات، بل ظل ثابتًا في الخندق الأول، منحازًا للحق ومعبّرًا عن نبض الجماهير.

وأكدت الجبهة أن عبد الجواد صالح سيبقى حاضرًا في ذاكرة الفلسطينيين، وإرثه الوطني والفكري سيظل مصدر إلهام للأجيال القادمة في مسيرتها نحو التحرير والعودة والاستقلال.