شبكة قدس الإخبارية

أين تصل حدود "أرض إسرائيل" كما يراها حاخام بارز لدى الاحتلال؟ 

photo_2025-08-14_20-01-54

ترجمة خاصة - شبكة قدس: يؤكد الحاخام شموئيل أريئيل، وهو شخصية دينية مهمة في كيان الاحتلال، أن موضوع حدود "أرض إسرائيل" كما وردت في التوراة يتجاوز كونه مسألة جغرافية بحتة، فهو يرتبط مباشرة بمكانة الأرض في الفكر الديني اليهودي وبأحكام الشريعة المتعلقة بها. ويوضح أن النصوص التوراتية ترسم صورة مثالية للأرض الموعودة تمتد من وادي مصر إلى نهر الفرات، في حين أن التاريخ الفعلي شهد سيطرة جزئية ومؤقتة على أجزاء منها في فترات متباينة، مثل عصر يشوع بن نون وفترة العودة من السبي البابلي. 

ويشير الحاخام إلى أن الأحكام الزراعية والشرائع المرتبطة بالأرض لا تُطبق إلا على المناطق التي تم احتلالها واستيطانها بالفعل، لكن ذلك لا ينفي أن الحدود الواردة في النصوص لها قيمة روحية ولاهوتية قائمة، ما يجعلها حاضرة في النقاش الفقهي حتى لو لم تتحقق جغرافيًا في أي فترة زمنية سابقة.

ويرى الحاخام شموئيل أريئيل أن هذه الحدود التوراتية تؤدي دورًا مهمًا في تحديد واجب احتلال الأرض، حتى لدى الفقهاء الذين لم يعدّوا هذا الاحتلال فريضة مستقلة. فالنصوص تحدد الهدف الجغرافي النهائي الذي ينبغي الوصول إليه، وهي ترسم أولويات التوسع بحيث تسبق السيطرة على الأرض الموعودة أي مشروع لاحتلال أراضٍ خارجها. 

ويوضح أن هناك أيضًا بعدًا قدسيًا لهذه الحدود، إذ يعتبر بعض المرجعيات أن الأرض الموعودة اكتسبت قداسة خاصة، حتى قبل دخولها أو إخضاعها، وأن هذه القداسة تظل قائمة بغض النظر عن ظروف الاحتلال الفعلي، بينما يظل تطبيق الشرائع العملية مرهونًا بالسيطرة الفعلية على الأرض وتوطينها.

ويبين الحاخام شموئيل أريئيل أن النصوص التوراتية التي تحدد هذه الحدود تأتي في ثلاث صيغ رئيسية، أولها في عهد إبراهيم حيث يذكر الامتداد من وادي مصر إلى نهر الفرات، وهو ما يُفسر عادة بأنه وادي العريش لا نهر النيل، ما يعني شمول المساحة من صحراء سيناء إلى شمال سوريا. 

أما النص الثاني في سفر الخروج فيضيف إشارات إلى البحر الأحمر والبحر المتوسط، مع خلاف في تحديد الجزء المقصود من البحر الأحمر، بينما النص الثالث في سفر العدد يقدّم تفاصيل دقيقة بأسماء مواقع، لكنه لا يذكر النيل أو الفرات صراحة، وهو ما أثار جدلًا بين المفسرين حول سبب اختلافه عن النصوص الأخرى، وهل يعكس ذلك تقليصًا مقصودًا للحدود أو مجرد تحديد للجزء المأهول منها آنذاك.

ويشرح الحاخام أريئيل أن التفسيرات انقسمت إلى اتجاهين رئيسيين، الأول يذهب إلى أن النص المفصل في سفر العدد يمثل الحدود الفعلية التي تُعتمد فقهيًا في العصر الحاضر، وأن النصوص الأوسع تمثل وعدًا مستقبليًا يتحقق في زمن الخلاص، وهو ما يعرف بالاتجاه المقيّد. أما الاتجاه الثاني، الذي يميل إليه الكاتب، فيرى أن النصوص الأوسع هي الحدود الحقيقية الملزمة، إذ أن الصحارى والمناطق غير القابلة للزراعة، رغم أنها جزء من الأرض الموعودة، لم تُذكر لعدم قابليتها للاستيطان في ذلك الوقت، لكن ذلك لا يلغي كونها ضمن النطاق الشرعي للأرض المقدسة.

ويرى أن سفر الخروج يوضح أن الاحتلال سيتم تدريجيًا "قليلًا قليلًا"، ما يفسر عدم السيطرة الكاملة فور دخول الأرض لكنه لا يحصرها في زمن مستقبلي بعيد. كما يشير إلى المبدأ الديني الذي يعتبر أن الصحارى والبحار المواجهة للأرض المحتلة تُلحق بها في القداسة، وبالتالي فإن المناطق التي لم تكن مأهولة وقت النصوص تبقى جزءًا من الأرض المقدسة ولو لم تُذكر ضمن حدود التقسيم للأسباط.