شبكة قدس الإخبارية

بريطانيا تستعين بمتعاقدين أمريكيين لتنفيذ مهام تجسس فوق غزة بحثًا عن الأسرى

بريطانيا تستعين بمتعاقدين أمريكيين لتنفيذ مهام تجسس فوق غزة بحثًا عن الأسرى

ترجمة خاصة - قدس الإخبارية: كشفت صحيفة "التايمز" البريطانية أن الحكومة البريطانية تستعين بشركة أمريكية خاصة لتنفيذ مهام تجسس سرية فوق قطاع غزة لصالح الاحتلال الإسرائيلي، بسبب نقص في طائرات سلاح الجو الملكي البريطاني (RAF).

وبحسب مصادر من وزارة الدفاع البريطانية تحدثت للصحيفة، فإن لندن وقّعت عقدًا مع شركة "سترايت فلايت نيفادا" المملوكة لمجموعة "سيرا نيفادا"، وهي واحدة من أكبر شركات المقاولات العسكرية في العالم، لتشغيل طائرة تجسس فوق غزة بهدف البحث عن أسرى لدى المقاومة الفلسطينية.

وتسبّب "خطأ بدائي" في كشف مسار الطائرة الأمريكية المسجلة برمز N6147U، ما أدى إلى تتبّع رحلتها فوق مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة في يوليو/تموز الماضي، رغم حساسية المهمة.

وأوضحت الصحيفة أن الطائرة من طراز "بيتش كينغ إير 350i" وتعمل في مهام الاستطلاع والمراقبة، وقد استُخدمت سابقًا من الجيش الأمريكي في العراق، وهي مملوكة وتُشغَّل من قبل الشركة المتعاقدة، دون مشاركة طيارين بريطانيين.

وأكدت مصادر داخل وزارة الدفاع البريطانية أن المملكة المتحدة هي من دفعت مقابل تشغيل الطائرة، رغم امتناع الوزارة عن التصريح رسميًا بذلك بحجة "حساسية" المهمة. كما رفضت الكشف عن مدة أو تكلفة العقد.

وكشفت الصحيفة أن طائرات "شادو R1" التابعة لسلاح الجو الملكي، والتي كانت تُستخدم سابقًا في جمع معلومات استخباراتية في غزة، قد عادت إلى المملكة المتحدة، على الأرجح للصيانة، ولم يتبقَ منها أي طائرة في قاعدة "أكروتيري" البريطانية في قبرص، ما دفع وزارة الدفاع للجوء إلى خيار الاستئجار الخارجي.

وأظهرت صور الأقمار الصناعية الملتقطة في 26 يوليو حجم الدمار في مدينة خانيونس، بالتزامن مع تحليق الطائرة الأمريكية فوقها. وتشير البيانات إلى أن الطائرة نفذت أول مهمة تشغيلية من قاعدة "أكروتيري" في 20 يوليو، واستمرت في التحليق فوق غزة في الأيام اللاحقة.

ورغم أن وزارة الخارجية البريطانية كانت قد وجهت انتقادات للاحتلال بسبب "المعاملة الوحشية" للفلسطينيين وهددت بفرض عقوبات، إلا أن الدعم العسكري الاستخباراتي لا يزال قائمًا، ما أثار انتقادات داخل المؤسسة العسكرية البريطانية نفسها.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري بريطاني قوله: "بدلاً من إرسال رسالة للاحتلال أننا لن ننفذ له مهام تجسس، نحن ندفع لشركة أمريكية لتقوم بذلك نيابة عنا". وأضاف أن الطائرة المستأجرة تشبه إلى حد كبير طائرات "شادو" البريطانية، ولكن يتم تشغيلها من قبل مدنيين يحملون تصاريح أمنية أمريكية، ما يتيح لدول حليفة لواشنطن استخدام خدماتهم.

وتصاعدت الانتقادات داخل الأوساط السياسية البريطانية، حيث قالت هيلين ماغواير، المتحدثة باسم الشؤون الدفاعية في حزب الديمقراطيين الأحرار، إن "الاستعانة بشركة أمريكية خاصة يثير القلق بشأن سيادة الاستخبارات البريطانية". وأضافت أن هناك تساؤلات جدية حول فشل الحكومة في الاستثمار الكافي في قدرات سلاح الجو.

وأكدت ماغواير أن على الحكومة أن تشرح الخطوات التي اتخذتها لضمان عدم استخدام المعلومات التي يتم جمعها في دعم العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، مشددة على ضرورة عدم مساهمة بريطانيا في المعاناة الإنسانية الهائلة التي يشهدها القطاع.

وأشارت الصحيفة إلى أن جميع الأسرى المتبقين في غزة ليسوا من حملة الجنسية البريطانية، باستثناء حالة واحدة لإسرائيلي والدته بريطانية، ما يثير تساؤلات حول مبررات استمرار الدعم الاستخباراتي.

وبحسب ستيفان واتكنز، الباحث الكندي المتخصص في تتبع تحركات الطائرات، فإن الطائرة الأمريكية نفذت 600 طلعة استطلاعية فوق غزة بين ديسمبر/كانون الأول 2023 ويوليو/تموز 2025، بواقع شبه يومي، باستثناء أيام السبت. وأضاف أن ما جُمِع من هذه الطلعات يمكن أن يملأ "عدة أقراص صلبة" من المعلومات الاستخبارية.

وأثار "الخطأ البدائي" المتمثل في ترك جهاز التعرّف (الترانسبوندر) مفعّلًا أثناء تحليق الطائرة في 28 يوليو، موجة من التساؤلات، حيث تمكّن المراقبون من تتبّع موقع الطائرة بدقة فوق جنوب قطاع غزة، وهو ما يُعد أول تأكيد علني لتحليق طائرات بريطانية أو مدفوعة الأجر من بريطانيا فوق القطاع منذ ديسمبر 2023.

وقال مصدر عسكري بريطاني إن هذا الخطأ لم يكن ليحدث لو كانت الطائرة تابعة للجيش البريطاني ومشغَّلة من طيارين عسكريين، في انتقاد مباشر لخصخصة المهام الحساسة المتعلقة بجمع المعلومات لدولة الاحتلال.