ترجمة خاصة - قدس الإخبارية: نشرت القناة 12 العبرية تقريرًا بعنوان: “هكذا تخسر إسرائيل العالم، وهكذا يشعر بذلك الإسرائيليون واليهود في أنحاء العالم بتبعات الحرب على جلودهم”، تناول الوضع الدولي للإنتاج الثقافي الإسرائيلي في ظل الحرب.
تصف القناة العلاقة الدولية مع الإنتاج الثقافي الإسرائيلي بأنها معقدة وملتبسة. فمن جهة، يتم قبول أفلام إسرائيلية في مهرجانات مرموقة عالميًا. ومن جهة أخرى، تُلغى عروض لفنانين إسرائيليين مثل أحد منسقي الموسيقى الذي أُجبر على مغادرة مهرجان موسيقي. كما وتُعطل مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين فعاليات ثقافية مرتبطة بـ"إسرائيل"، وتبقى الكتب العبرية بالكاد مترجمة إلى لغات أجنبية، بينما يبعث سوق التلفزيون العالمي برسائل إلى المبدعين الإسرائيليين مفادها أن “هذا ليس الوقت المناسب لإسماع أصواتكم”.
تشير القناة إلى أن الرفض قد يأتي أحيانًا بصيغ مبطنة وأحيانًا بشكل قاسٍ، وأحيانًا أخرى في شكل صمت مطبق، لتطرح سؤالًا جوهريًا: هل بدأت المقاطعة الثقافية لإسرائيل فعلًا؟.
وتضيف القناة 12 أن المشاركة التي كان من المقرر أن تكون الرابعة عشرة لمنسق الموسيقى “سكازي” في مهرجان “تومورولاند” أُلغيت بفعل الضغط المتزايد على "إسرائيل" حتى في الساحة الثقافية العالمية. يقول سكازي (آشر سويسا): “وضعنا خطير جدًا، ربما نكسب في ساحة الحرب، لكن على مستوى الوعي فإن هذا يضر بالجميع. أعتقد أنهم لن يعيدوني إلى تومورولاند أبدًا. مسيرتي التي امتدت 25 عامًا في أوروبا مهددة بالانتهاء”.
ويتابع سكازي، مشيرًا إلى قوة الحركات المؤيدة للفلسطينيين: “لم ندرك حجم تأثير هذه الحركات وما فعلته. حتى الأمس ما زالت تخرج تقارير عن قصتي. شاركتُ بنشاط دعائي، وكان لدى المهرجان مشكلة في ظهوري مع جنود مسلحين".
وتؤكد القناة 12 أن سكازي مجرد مثال. فبعد أشهر قليلة من اندلاع الحرب، كشفت المغنية نوجا إريز أنها تواجه موجة من إلغاءات العروض حول العالم، قائلة في عرض لها بتل أبيب: “القائمة تطول وتطول، ليس بسبب شيء فعلته بل فقط لأنني وُلدت هنا”. ورغم أن إريز تواصل جولاتها في أوروبا، إلا أن الفنانين الإسرائيليين باتوا في نظر كثير من الجهات الثقافية “شخصيات غير مرغوبة”، ويدفعون ثمن سياسات حكومتهم.
وتشير القناة 12 إلى أن ما بدأ بمقاطعة صامتة وكلمات دبلوماسية لرفض دعوات الفنانين الإسرائيليين، تطور إلى ضغوط علنية لإلغاء عروض مثل حفلات دافيدو طسة وجوني غرينوود في بريطانيا بفعل حركة المقاطعة BDS. وتضيف أن المقاطعة تحولت إلى “فخر” في نظر بعض الجهات، بوصفها شكلًا من أشكال مقاومة “داعمي الإبادة”، فقط لكون الفنان يحمل جواز سفر إسرائيلي.
وتوضح القناة أن الحرب طالت أيضًا مسيرة المغنيتين لينيت وياسمين ليفي. الأولى، المقيمة في تركيا منذ سنوات، ألغت حفلاتها في أنقرة بعد احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين. وفي الشهر نفسه أُلغيت سلسلة عروض لياسمين ليفي رغم إصرارها على إقامتها.
ولا تقتصر الأزمة، وفق القناة 12، على تصدير الفنانين، بل تشمل أيضًا استقدام عروض إلى "إسرائيل". فعند دخول موقع المنتج شوكي فايس، الذي جلب نجومًا عالميين مثل مادونا وإلتون جون، تظهر رسالة تقول: “لا توجد عروض قادمة مخطط لها”.
ويقول أورين أرنان، مدير شركة فايس، للقناة 12: “لا يوجد أي احتمال لعروض دولية في إسرائيل طالما استمرت الحرب. بعد انتهائها فقط يمكن أن نبدأ بالحلم. نحن في حالة جمود تام. الوكلاء والفنانون الذين نتحدث إليهم يشعرون بالتعاطف لكنهم لا يرون أفقًا لليوم التالي”.
ويشير أرنان إلى أنهم لجؤوا إلى بدائل، مثل تنظيم عروض محلية وإرسال معدات لإحياء حفلات خارجية، من بينها حفل لإد شيران في قبرص. وعند سؤاله عن أول فنان سيعلن عن عرض في "إسرائيل" بعد الحرب، قال: “قبل توقع ذلك من الآخرين، علينا أن نطالب قادتنا بتحمل المسؤولية عن أفعالهم التي أدت إلى 7 أكتوبر”.
وترى القناة 12 أن هناك صعوبة حقيقية في بيع المحتوى الإسرائيلي عالميًا، ليس فقط لأسباب سياسية، بل لمخاوف عملية من الاحتجاجات أو الانتقادات.
وتنقل القناة 12 عن منتجين إسرائيليين قولهم إن أزمة المحتوى جاءت في وقت يشهد فيه سوق التلفزيون العالمي انكماشًا، وإن الحماس الأولي للتعاون مع "إسرائيل" بعد الحرب تراجع مع تعمق الصراع. وتقول المنتجة شولا شبيغل، التي أنتجت مسلسل “طهران” الحائز على جائزة إيمي: “قررنا التركيز على قصص دولية لا علاقة لها بإسرائيل. لكن حتى مسلسلات بالعربية من إنتاج إسرائيلي تواجه صعوبة في القبول”.
وتضيف شبيغل: “بفضل مسلسل طهران فُتحت لنا أبواب كبرى هيئات البث، لكن لا يمكننا استغلال ذلك الآن. آمل ألا يضيع هذا الزخم”.
وتشير القناة 12 إلى أن الموسم الرابع من “طهران” قيد الإنتاج لصالح AppleTV رغم عدم عرض الموسم الثالث خارج "إسرائيل"، وهو ما يعكس ثقة المنصة بالمنتج، لكن أيضًا التعقيدات المرتبطة ببث محتوى من إنتاج إسرائيلي.
وتنقل القناة 12 عن دنا شتيرن، التي أسست قسم المحتوى في yes، اعترافها بصعوبة أن تكون إسرائيليًا في هذه المرحلة. وتؤكد شتيرن أن الأفلام الإسرائيلية ما تزال تُعرض في مهرجانات عالمية ككان وبرلين وتُشترى من قبل نتفليكس وغيرها.
وتشير شتيرن إلى أن الوثائقيات تمثل التحدي الأكبر أمام المبدعين الإسرائيليين، في ظل صعوبة تمرير السرد الإسرائيلي أمام رواية ما يحدث في غزة.
وتوضح القناة 12 أنه خلال العامين الماضيين سُجلت حوادث تعطيل لعروض أفلام إسرائيلية أو أفلام بمشاركة ممثلين إسرائيليين مثل شيرا هاس وغال غادوت، منها احتجاجات عطلت عرض فيلم “حمدة” في سبتمبر 2024.
وتقول شتيرن إن السينما الروائية الإسرائيلية تواجه أيضًا تباطؤًا في الإنتاج بسبب الحرب، وكذلك المشاريع المشتركة التي يتردد شركاء دوليون في الانضمام إليها.
ويؤكد أور سيغولي، مدير مهرجان القدس السينمائي، في حديث للقناة 12، وجود “انغلاق شديد جدًا تجاه إسرائيل”، بينما تقول مخرجة إسرائيلية تعمل في أوروبا: “الإجابة الوحيدة التي تبقي الحوار مستمرًا هي: ’أنا من إسرائيل وأعارض الإبادة الجماعية‘”.