شبكة قدس الإخبارية

مستشار سابق في الشاباك: الحرب في غزة تديرها حكومة نتنياهو ضد المدنيين الفلسطينيين 

photo_2025-08-02_19-33-39

ترجمة خاصة - شبكة قُدس: اعتبر المستشار السابق في جهاز الشاباك، إيلي باكر، أن حرب الاحتلال على حركة حماس التي اندلعت عقب فشل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 تغيّرت ملامحها منذ زمن بعيد، لتتحول فعليًا إلى حرب تعيد تشكيل هوية "إسرائيل" نفسها. وأكد أن هذه الحرب التي تُدار منذ أكثر من عام تُشن عمليًا ضد المدنيين في قطاع غزة، البالغ عددهم نحو مليوني إنسان.

وأوضح باكر أن الخطاب المعلن للحكومة يتخذ طابعًا أمنيًا، لكن أفعالها وتصريحات وزراء الصهيونية الدينية تكشف الأهداف الحقيقية لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، والمتمثلة في تفريغ معظم القطاع من سكانه الفلسطينيين، وحصرهم في مناطق غير قابلة للحياة، تمهيدًا لدفعهم إلى مغادرة القطاع "طوعًا".

 وأشار إلى أن الدمار الممنهج الواسع لمدن غزة يهدف إلى منع عودة الفلسطينيين إليها، وتسهيل تنفيذ خطط الضم وإقامة المستوطنات داخل القطاع، مشددًا على أن هذه السياسات تجعل من حماس مجددًا "أصلًا إستراتيجيًا" بنظر وزراء اليمين المتطرف، كما كان الحال قبل 7 أكتوبر.

وبيّن أن الأمر لا يتعلق بتخمينات أو قراءة نوايا، بل بمتابعة مباشرة لتصريحات وزراء مؤثرين في الحكومة مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير وأوريت ستروك، إضافة إلى قرارات نتنياهو ووزير الحرب يسرائيل كاتس التي توظف الجيش لتحقيق هذه الأهداف. واستشهد بتصريح سموتريتش قبل أيام الذي قال فيه: "سمعت أن البعض يطلق على ذلك مصطلح الضم الأمني، فليسمّه من يشاء كذلك إن كان ذلك يريحه"، معتبرًا أن هذه التصريحات تعكس جوهر السياسة الإسرائيلية التي تتخذ من الأمن ذريعة لتحقيق أهداف مغايرة كليًا.

وأشار باكر إلى أن العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وصل إلى مستويات غير مسبوقة، حيث باتت المنطقة عمليًا بلا قانون ولا رادع. ولفت إلى أن سياسات سموتريتش، بصفته المسؤول عن إدارة شؤون الضفة في وزارة الحرب، وتأثير بن غفير على الشرطة، أدت إلى إضعاف مؤسسات إنفاذ القانون وتعزيز السيطرة الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية وتهجير المجتمعات المحلية، بالتوازي مع خطوات الضم الزاحف.

وأضاف أن قرار الكنيست الداعي إلى فرض "السيادة الإسرائيلية" على الضفة الغربية والأغوار يندرج ضمن هذا المسار، إذ يمكن استغلال أي مقاومة فلسطينية لتبرير عمليات عسكرية واسعة النطاق، تشمل تدمير القرى الفلسطينية على غرار ما يحدث في غزة، وبالغاية ذاتها.

وأكد باكر أن خطة "الحسم" التي يروج لها سموتريتش تتبلور الآن على جبهتي غزة والضفة الغربية، مشيرًا إلى أن الجهود الإسرائيلية لإفراغ غزة من سكانها مستمرة بكل قوة، من خلال تدمير المدن، تجميع السكان في مناطق محاصرة، ومنع المساعدات الإنسانية، سواء عبر خطاب معلن أو بذرائع مختلفة.

وشدد على أن هذه السياسات هي التي تصنع صورة "إسرائيل" الجديدة في العالم: مشاهد الجوع الجماعي، والأطفال الذين يقتلون جوعًا، والعائلات المدفونة تحت الأنقاض، والمدنيين الذين يُطلق عليهم الرصاص أثناء بحثهم عن الطعام، كلّها تعكس انهيار القيم التي طالما ادعت إسرائيل تبنيها. واعتبر أن المسافة بين صورة "الجيش الأكثر أخلاقية في العالم" التي تروجها "إسرائيل" وصور الحرب في غزة لم تكن يومًا أكبر مما هي عليه الآن، مشيرًا إلى أن جزءًا كبيرًا من الجمهور الإسرائيلي يغلق قلبه أمام هذه المشاهد، في حالة من "التبلد الإرادي" التي وصفها بأنها مرعبة بقدر الأفعال ذاتها.

وحذّر باكر من أن أفعال الحكومة جعلت من "إسرائيل" علامة سامة في نظر المجتمع الدولي، إذ تتزايد عزلة تل أبيب حتى بين الدول التي كانت صديقة لها، وتلحق السمعة السلبية ليس فقط بحكومتها بل أيضًا بمواطنيها ويهود العالم. وأوضح أن الأضرار التي لحقت بالاقتصاد، والبحث العلمي، وقطاعات أخرى باتت ملموسة وتتصاعد بوتيرة خطيرة.

وتوقع باكر أن تنهار في نهاية المطاف خطط حكومة اليمين، حتى في حال فاز دونالد ترامب بولاية جديدة، مشيرًا إلى أن أوهام الترانسفير والضم الشامل ستتحطم أمام الواقع، في ظل تدهور مكانة إسرائيل عالميًا. واستشهد بتراجع نتنياهو الأخير تحت الضغط الدولي وإصداره أوامر للجيش بإعادة إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، واصفًا ذلك بأنه "مجرد بداية" لسلسلة تنازلات إسرائيلية مقبلة.

وختم باكر بالقول إن مليوني فلسطيني محاصرين في جنوب القطاع بلا أفق أو خطة سيجلبون ضغطًا دوليًا هائلًا على "إسرائيل"، يفرض العودة إلى طاولة المفاوضات لإيجاد حل سياسي حقيقي، لافتًا إلى أن كل البدائل الأخرى القائمة على الإنكار أو إدارة الصراع ستنهار. ودعا أحزاب المعارضة الإسرائيلية إلى التحرك العاجل لرسم بديل سياسي واقعي يوقف سياسات الضم والعنف، ويحافظ على ما تبقى من مكانة إسرائيل الدولية، معتبرًا أن هذا واجب لا يمكن التخلي عنه، وبدونه تفقد المعارضة مبرر وجودها.