شبكة قدس الإخبارية

صاروخ إيراني يهدد أهم موردٍ اقتصادي إسرائيلي

٢١٣

 

صاروخ إيراني بهدد أهم موردٍ إقتصادي إسرائيلي
نداء بسومي

ترجمة خاصة – قدس الإخبارية: سقط صاروخ إيراني صباح اليوم بشكل مباشر في منطقة "رمات غان" وسط "تل أبيب الكبرى" وسط فلسطين المحتلة ، مخلفًا دمارًا واسعًا في الأبنية السكنية والتجارية، ومثيرًا القلق من تهديد مباشر لأحد أعمدة الاقتصاد الإسرائيلي الحيوية.

بحسب تتبع "شبكة قدس" للفيديوهات التي نشرها المستوطنون واستطاعت الإفلات من الرقابة العسكرية، فإن المنطقة التي سقط فيها الصاروخ تبعد حوالي مئة متر فقط عن "برج موشيه أفيف"، أحد أعلى الأبراج في دولة الاحتلال، ويقع ضمن مجمّع بورصة الماس في "رمات غان"، أحد أكثر المواقع حساسية اقتصاديًا لدى الاحتلال.

وبحسب ما نقلته إذاعة جيش الاحتلال، فإن أحد الصواريخ التي أُطلقت نحو منطقة "تل أبيب الكبرى" كان مزودًا برأس حربي مركّب من عدة قذائف صغيرة، ويُعتقد أنها انفجرت وتفرّقت في محيط واسع، ما أدى إلى إصابات وأضرار متعددة في أكثر من موقع، وهو ما أثار اشتباه جيش الاحتلال بأن الصاروخ قد يكون من نوع القنابل العنقودية – وهي قنابل تنفجر في الجو أو عند الاصطدام وتطلق شظايا مدمرة على نطاق واسع. قوات سلاح الجو وقيادة الجبهة الداخلية فتحتا تحقيقًا موسعًا في نوعية هذا الصاروخ، خاصة وأن المنطقة المستهدفة تحتوي على منشآت بالغة الأهمية.

ويظهر الفيديو القادم من مجمع بورصة الماس في "رمات غان" للحظة قصف المنطقة، أن الصاروخ المستخدم قد يكون هو الصاروخ المزود بقنابل عنقودية. 

عصب الاقتصاد الإسرائيلي 

 

 

يقع "برج موشيه أفيف" في منطقة "بورصة الماس" في رامات غان، ويبلغ ارتفاعه 244 مترًا بـ69 طابقًا، وكان يُعرف سابقًا باسم "برج بوابة المدينة" قبل أن يُعاد تسميته تخليدًا لاسم موشيه أفيف بعد وفاته  وكان أطول برج حتى عام 2016، قبل أن يتجاوزه برج "عزرائيلي شارونا".

ويحاط البرج بمجموعة من ناطحات السحاب التجارية مثل برج شيراتون، برج أيالون، برج نعوم، وبرج الماس الذي يحوي أكبر مركز لتجارة الألماس في العالم.

هذا المجمع الضخم ليس مجرد موقع تجاري بل قلب اقتصاد الاحتلال، إذ يرتبط تاريخ الحركة الصهيونية وصعود الاقتصاد الإسرائيلي بالألماس منذ ما قبل القرن التاسع عشر، وظلّ حتى اليوم يشكّل أحد أعمدة الدخل القومي والتبادل التجاري.

في عام 2022، كان الألماس السلعة الإسرائيلية الأولى في كل من الاستيراد والتصدير، وهو ما يعكس حجم تأثير هذه الصناعة في بنية الاقتصاد الإسرائيلي. وقد احتفظت دولة الاحتلال بمكانتها كأحد أهم مراكز تصنيع وتجارة الألماس عالميًا، حيث تمر عبرها قرابة نصف تجارة الألماس في العالم.

وتضم بورصة الألماس الإسرائيلية نحو 30 شركة هندية، ويعيش في محيطها قرابة 80 شخصًا يمثلون العائلات الهندية العاملة في القطاع، وقد منحتهم سلطات الاحتلال مكانة قانونية خاصة.

ومنذ عام 2018، حصل العاملون الهنود في قطاع الألماس على إقامات دائمة لهم ولعائلاتهم، مع امتيازات تتعلق بتجديد تأشيراتهم. كذلك تحتضن "رمات غان" فرعًا لبنك الدولة الهندي "SBI"، وهو البنك الأجنبي الوحيد الذي يعمل داخل دولة الاحتلال.

وقد واجه قطاع الألماس العالمي في السنوات الأخيرة ضربتين عنيفتين: الأولى خلال جائحة كوفيد-19 بسبب تراجع الطلب العالمي، والثانية خلال الحرب الروسية الأوكرانية نتيجة اضطراب سلاسل الإمداد.

لكنّ "إسرائي"ل، وعلى خلاف دول أخرى، استطاعت أن تتجاوز الأزمتين دون خسائر تُذكر. غير أن الأمور تغيرت بعد انطلاق عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وما تلاها من عدوان إسرائيلي واسع على قطاع غزة، إذ تلقى قطاع الألماس الإسرائيلي ضربة قاسية، حيث انخفضت واردات الألماس الخام في نوفمبر/تشرين الثاني إلى الربع مقارنة بالشهر نفسه من العام 2022، كما تراجعت صادراته بنسبة 68.16%.

الهجوم الإيراني الصاروخي اليوم، والذي طال منطقة تُعد شريانًا اقتصاديًا لإسرائيل، يُعد نقلة نوعية في طبيعة المواجهة. الصاروخ لم يصب منشآت الألماس بشكل مباشر، لكنه سقط على بُعد أمتار قليلة من مركزها، في منطقة تشهد تركيزًا عاليًا للأنشطة التجارية الحساسة والرمزية.

وهذا التهديد المباشر لبورصة الألماس لا يمكن فصله عن سياق الحرب الاقتصادية الأوسع، خاصة أن الهند – وهي أكبر شريك في قطاع الألماس الإسرائيلي – باتت متورطة في شراكات عسكرية وأمنية مع "تل أبيب".

فإلى جانب استثماراتها في الألماس، شاركت الهند في تطوير طائرات مسيّرة إسرائيلية من طراز "هيرميس 900" التي أسقطتها الدفاعات الإيرانية أمس، والتي استخدمت في العدوان على غزة، كما تشكّل الهند شريكًا رئيسيًا في مشروع "الممر الاقتصادي الهندي الشرق أوسطي الأوروبي" بدعم إماراتي، الذي يقع ميناء حيفا في مركزه، مما يعمّق من تورطها في دعم البنية الأمنية والاقتصادية للاحتلال.

ويفتج الهجوم الأخير بابًا جديدًا في معادلة الردع الإقليمي، حيث لم تعد الضربات تقتصر على أهداف عسكرية أو رمزية، بل باتت تلامس فعليًا البنية التحتية لأهم مورد اقتصادي إسرائيلي. وإذا ما تكرر هذا النوع من الاستهداف، فإن الاقتصاد الإسرائيلي، وفي قلبه تجارة الألماس، سيواجه تهديدًا وجوديًا لم يسبق له مثيل منذ تأسيس الدولة.