شبكة قدس الإخبارية

ملخص عن عمليات الإبعاد من الوطن.. صلاح الحموري أقرب الأمثلة

08147773848534082908838144022731
هيئة التحرير

رام الله - خاص قدس الإخبارية: أعادت واقعة إبعاد المحامي والناشط الحقوقي صلاح الحموري إلى فرنسا بعد سحب هويته المقدسية، تسليط الضوء على سياسة الإبعاد والتهجير التي تتبعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية الصراع عام 1948.

إن سياسة الإبعاد والتهجير والترحيل الجماعي والفردي سياسة خطيرة مارستها "العصابات الصهيونية" بحق الفلسطينيين بعد أن مهد لها عدد كبير من المفكرين والسياسيين الصهاينة من خلال كتاباتهم وآرائهم منذ بدء نشاطات الحركة الصهيونية في مطلع القرن العشرين؛ فبعد هزيمة الجيوش العربية أمام العصابات الصهيونية عام 1948، وجدت هذه العصابات مثل "الهاجاناة" "والأرغون" "واشتيرن" "والبالماخ" فرصتها لطرد وتشريد الفلسطينيين من خلال ارتكابها سلسلة من المجازر وهدم القرى الفلسطينية، لتشرد نحو 750 ألف فلسطيني عن مدنهم وبلداتهم وقراهم إلى مخيمات اللجوء، منتهكة بذلك كل الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية.

وقد استمرت سلطات الاحتلال باتباع سياسة التهجير والترحيل الجماعي بحق أبناء الشعب الفلسطيني؛ ففي عام 1967، وفي أعقاب احتلالها لما تبقى من الأراضي الفلسطينية، أبعدت الآلاف من المواطنين الفلسطينين، لتواصل بعد ذلك عمليات إبعاد النشطاء السياسيين من كافة التنظيمات الفلسطينية خارج وطنهم، كوسيلة من وسائل العقاب لهم ولأقربائهم وذويهم، ضاربة بعرض الحائط كل الاعراف والمواثيق الدولية التي تحرم ذلك.

عمليات إبعاد الفلسطينيين عن وطنهم بعد عام 1967م لم تتوقف، لكنها سارت بشكل متعرج، وتصاعدت خلال انتفاضة 1987م بشكل فردي وجماعي، وتراجعت بشكل ملحوظ بعد قيام السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994م، وحتى اندلاع انتفاضة الأقصى في أيلول 2000 م؛ لكنها سرعان ما تصاعدت وتيرتها خلال انتفاضة الأقصى، لا سيما سياسة الإبعاد من الضفة إلى قطاع غزة.

إن كافة قرارات الإبعاد العسكرية الإسرائيلية بحق الفلسطينين كانت تحظى بقرارات من أعلى هيئة قضائية (المحكمة الإسرائيلية العليا)؛ ما يعني إضفاء الصفة الشرعية القضائية والقانونية على جرائم الاحتلال؛ الأمر يعكس مدى تواطؤ القضاء الإسرائيلي مع الجهات الأمنية.

وفقا للتفسير الدولي فإن الإبعاد القسري يعني نقل الشخص رغماً عنه داخل أو خارج الحدود الوطنية، ويشكل بذلك ممارسة قسرية غير قانونية للأشخاص المحميين، ويمثل انتهاكاً خطيراً وخرقاً فاضحاً لاتفاقية جنيف الرابعة، والمادة 147 منها تعتبره جريمة حرب "يحظر النقل الجبري أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أي دولة أخرى محتلة أو غير محتلة أياً كانت دواعيه".

وكذلك المادة 49 من ذات الاتفاقية (عمليات الإبعاد الفردية أو الجماعية، بالإضافة إلى عمليات تسفير الأشخاص المحميين من الأراضي المحتلة إلى أراضي الدولة التي تحتلها أو إلى أراضي أي بلد آخر، سواء أكان محتلاً أم غير محتل، تعتبر محظورة بصرف النظر عن دوافعها).

وعدّ قانون روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الإبعاد جريمة حرب، وعرف الإبعاد القسري بأنه: تهجير قسري للأشخاص المعنيين عن طريق الطرد، أو غيره من أفعال الإكراه؛ كما اعتبر إبعاد جزء من سكان الأراضي المحتلة أو جميعهم، سواء داخل أراضيهم أو خارجها، على أيدي قوة الاحتلال، جريمة حرب.

كما إن المادة السابعة (د) من قانون روما أيضاً نصت على أن "الإبعاد القسري للسكان يشكل كذلك جريمة ضد الإنسانية في حال تنفيذه على نطاق واسع أو بطريقة منظمة كجزء من سياسة حكومية".

وبالإضافة إلى ذلك كانت المادة التاسعة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واضحة في نصها (لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً)؛ بمعنى أن الإبعاد هو ممارسة محظورة وغير قانونية وفقاً للقانون الدولي، ولا يجوز اللجوء لممارسته، وتعتبر ممارسته أياً كانت الظروف والدوافع جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب تستوجب الملاحقة والمحاكمة الدولية .

الإبعاد وقانون الطوارئ لسنة 1945م:

استندت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في انتهاج سياسة الإبعاد ضد الفلسطينيين على نص المادة (112) من قانون الطوارئ لسنة 1945م، سواء كان المبعد الفلسطيني خارج البلاد، فتأمر سلطات الاحتلال الإسرائيلي ببقائه خارج وطنه "فلسطين"؛ أو كان داخل البلاد فتأمر سلطات الاحتلال الإسرائيلي بإبعاده بعد توقيفه ثم نقله بالقوة إلي خارج فلسطين، ويمكن أن يكون الأمر ضد شخص واحد أو شخصين أو أكثر.

وقانون الطوارئ الذي استندت إليه سلطات الاحتلال الإسرائيلية في إبعاد الفلسطينيين هو قانون باطل من الناحية القانونية؛ لذا فإنه يجب عودة جميع المبعدين الفلسطينيين وتعويضهم عن معاناتهم.

الإبعاد والأوامر العسكرية الإسرائيلية:

قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلية عندما احتلت الأراضي الفلسطينية عام 1967م، بإصدار أوامر ومناشير عسكرية مخالفة في ذلك القانون الدولي والعرف والقضاء الدولي، منها على سبيل المثال: الأمر العسكري رقم (290) والذي طبق في قطاع غزة، والأمر رقم (329) الذي طبق في الضفة الغربية، ومنح بنص المادة (23) القائد العسكري الإسرائيلي الصلاحية بطرد أي إنسان فلسطيني خارج البلاد، سواء اتهم بأي جرم أم لا

ويمكن استعراض أبرز موجات الأبعاد التي تعرض لها أبناء الشعب الفلسطيني على يد سلطات الاحتلال على النحو التالي:

موجة الإبعاد الكبرى عام 1948:

في عام 1948م، طردت وشردت السلطات الإسرائيلية نحو 750 ألف فلسطيني من مدنهم وبلداتهم وقراهم إلى مخيمات اللجوء والشتات، واعتبر الرئيس الأول لإسرائيل (حاييم وايزمان) عملية الطرد هذه بمثابة "معجزة تمت لتطهير الأرض".

موجة الأبعاد عام 1967:

في عام 1967 أعادت سلطات الاحتلال سيناريو عام 1948 بتشريد الفلسطينيين عن أرضهم إلى مخيمات اللجوء في الدول المجاورة، حيث بلغ عدد النازحين الفلسطينيين منذ بداية حرب عام 1967 وحتى نهاية عام 1968 حسب المصادر الفلسطينية، 408 آلاف: منهم 361 ألفًا من الضفة، و47 ألفًا من قطاع غزة.

موجات الإبعاد في ظل الحكم العسكري بعد عام 1967 حتى عام 1987

لم تكتف "إسرائيل" بتهجير أعداد كبيرة من الفلسطينيين؛ بل اتخذت سلسلة من الإجراءات والقرارات العسكرية التي طبقتها في كل من الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس، وقطاع غزة؛ لتبعد المزيد من أبناء الشعب الفلسطيني عن وطنهم أفرداً أو جماعات؛ فكانت تجمع المواطنين الفلسطينين في الأحياء والقرى والمخيمات وتختار من بينهم أعداداً كبيرة من الشبان على أساس الاشتباه بأنهم عسكريون فتعتقلهم وتقوم بإبعادهم؛ وقد رحلت بهذه الطريقة عن قطاع غزة وحده أكثر من 8000 مواطن في عملية واحدة.

موجات الإبعاد خلال الانتفاضة الأولى (1987 حتى 1993):

استمرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى أواخر عام 1987 في سياسة إبعاد الفلسطينيين عن أرض وطنهم تحت حجج وذرائع تتعارض وتتناقض مع الأعراف والقوانين الدولية مستندة في ذلك على قوانين الطوارئ وسلسلة من الأوامر العسكرية؛ فأبعدت الكتاب، والصحافيين، والنقابيين، ورؤساء الجامعات والبلديات، وأعضاء الغرف التجارية، ورؤساء الجمعيات والأطباء والمحامين، والمدرسين وعلماء الدين، والطلبة، والناشطات في الحركة النسائية.

من أبرز موجات الإبعاد خلال هذه الفترة: إبعاد نشطاء الانتفاضة والحركة الطلابية ومبعدي قرية بيتا جنوب مدينة نابلس ومبعدي جامعة النجاح الوطنية ومبعدي مرج الزهور.

ويمكن استعراض أعداد المبعدين الفلسطينيين الذين أبعدتهم سلطات الاحتلال الإحلالي منذ عام 1967 وحتى 1992 من خلال الجدول التالي:

موجات الإبعاد خلال انتفاضة الأقصى:

مع انطلاقة انتفاضة الأقصى عام 2000، سارعت سلطات الاحتلال بالعودة إلى استخدام أسلوب الإبعاد؛ فبتاريخ 10 أيار 2002م، أبعدت تسعة وثلاثين مواطنًا فلسطينيا احتموا داخل كنيسة المهد في بيت لحم، 13 تم إبعادهم إلى خارج الوطن عن طريق مطار اللد، وتم نقلهم إلى قبرص، ومن ثم وزعوا على عدة دول أوروبية؛ و26 فلسطينيًا تم إبعادهم إلى قطاع غزة؛ وأبعدت عددًا من الأسرى الإداريين إلى قطاع غزة؛ ففي 14 تشرين أول 2003، أبعدت 18 معتقلاً إداريًا فلسطينيًا من أبناء المحافظات الشمالية إلى قطاع غزة، كما أبعدت عددًا من أقارب المطلوبين لها، أو المنفذين لعمليات ضدها من أبناء المحافظات الشمالية إلى قطاع غزة، أمثال: انتصار العجوري وشقيقها؛ وأبعدت عددًا من الأسرى المضربين عن الطعام كشرط لإطلاق سراحهم مثل: هناء الشلبي.

وجاءت موجة الإبعاد الجديدة إلى خارج فلسطين وإلى قطاع غزة في إطار صفقة التبادل بين حركة حماس بالجندي الأسير جلعاد شاليط حيث أبعدت سلطات الاحتلال 43 أسيرًا إلى خارج فلسطين؛ و163 إلى قطاع غزة.

#فرنسا #صلاح_الحموري #الإبعاد