مُضطر عبر هذه الأسطر أن أرد على من يسألونني عن سبب، ومبررات، ودوافع جيش العدو من وراء نشاطه المُكثف في سماء قطاع غزة، فمنذ 3 أيام تقريباً تشهد أجواء القطاع نشاطا وانتشارا كثيفا لطيران الاستطلاع وأيضاً للطيران الحربي.
أولاً: من خلال قراءة وتحليل ما هو مُتوفر من معلومات “إعلامية” وعبر شبكات التواصل الاجتماعي “الإسرائيلية” سأنطلق في عرض تحليلي لما يجري، مع العلم أنني لست مُطلعاً على ما يجري في الكرياه وفي غُرفة اجتماعات الكبينيت أو في الحُفرة تحت مبنى الكرياه.
كما هو معروف تم إقرار الميزانية في كيان العدو “إسرائيل” قبل أيام، وهذه الميزانية أُقر خلالها قانون الترتيبات، وهو عبارة عن الخطة التي ستسير عليها الوزارات في تنفيذ ما عرضته من خطط عمل.
من ضمن الوزارات التي حصلت على نصيب – “مزرعة أسود” من الميزانية، وزارة الجيش والأذرع الأمنية، وفور حصول جانتس على حصته، سارع كوخافي إلى أخذ المال وتوجه الى الكرياه وبدأ فوراً العمل، هذا العمل انصب على تنفيذ “خطة تنوفا – الخطة متعددة السنوات” بشكل عام كونها الخطة الرئيسية للجيش والتي تتعامل مع كافة الساحات، التي بقيت في درج مكتبه طوال 3 سنوات من عُمر الشلل السياسي الذي ضرب الكيان، والآن حان الوقت لتنفيذ الخطة، سواء ما يتعلق بتدريب الجيش أو ترتيب هيكليته، أو صرف رواتب المُتقاعدين والنظاميين والدائمين وغيرهم.
الخطة تحتوي أيضاً على برنامج عملياتي تدريبي وحقيقي، وهي مكونة من صناعة جيش يملك كماً هائلاً من المعلومات، هذه المعلومات تحتاج عملاً متواصلاً على مدار الساعة لجمعها من العدو في كافة الساحات، لبناء ما أسماه كوخافي “بالبنك الالكتروني للمعلومات” اللازمة لساعة الصفر، كوخافي في لحظة جلوسه مرتاحاً في الكرياه، أصدر تعليماته إلى كافة أذرع الجيش بالنزول إلى الميدان في خطة تدريب مُكثفة ومتواصلة، وأصدر الأمر 8 للاحتياط للمشاركة في التدريبات دون تأخر، وكذلك أخرج كل المعدات القديمة والحديثة لتمارس التدريب في الميدان، ربما فعل ذلك آخذاً بتوصيات يتسحاك بريك من خارج الجيش، ولأن خطة تنوفا تتكون من عنصر الحرب والأذرع مُتعددة المجالات أو الإبعاد، لذلك كل الجيش بكافة أذرعه العسكرية والأمنية تشارك اليوم في المُناورات وبكافة المُعدات، ولا تركز فقط على قطاع غزة وحده بل أيضاً تعمل في الساحات الأخرى التي تعتبرها المؤسسة العسكرية ساحات استراتيجية.
إذاً لا يوجد شيء عبثي عند الاحتلال من كثافة الطيران في سماء غزة، ما يجري اليوم هو أن الميزانية حولت لكوخافي لتنفيذ خطته تنوفا، حيث أن تنوفا قائمة على جمع أكبر كم من المعلومات اللازمة لأي مواجهة قادمة مع إيران أو لبنان أو غزة، وذلك يحتاج لمناورات كثيفة جداً في دولة الاحتلال بحيث لم يبق أحد من الاحتياط ومن الجنود العاديين في بيته، لأن كوخافي يُريد أن يُعوض ما فات من تدريب وإعداد وتنفيذ خطته.
ولا ننسى أن الجيش في أزمة عميقة وخاصة بعد معركة سيف القدس، وهذه الأزمة يجب أن تُحل لأن صورة الجيش عند الجمهور قد تضعضعت ووصلت إلى مستويات خطيرة من عدم الثقة بالجيش، وهذا يؤثر على مُستقبل الكيان كله.
خُلاصة القول:
الآن لا علم لي ماذا يفعلون في غزة، لكن هُناك جمع للمعلومات وربما جُهد استخباري خفي للحصول على المعلومات، أصبح من الصعب الحصول عليها بسهولة.
ولا أنسى في الختام أن تنوفا قائمة على مبدأ “حرب مُباغتة” وكوخافي يسعى لاستعادة روح المُبادرة التي فقدها جيشه وخاصة شعبته شعبة الاستخبارات التي ضربت مصداقيتها عشية معركة سيف القدس.