عبد الرحيم النوباني الملقب بـ "أبو النوب" من قرية مزارع النوباني هو أسير فلسطيني سابق حُرّر في العام 1976. أمضى في سجون الاحتلال 22 عاماً منها 20 عاماً متواصلة، ومن ثم اعتقل بعدها لعامين.
يروي في حديث لنا ما شهده من ذكريات الصمود في الأسر في وجه تعسف الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين. كانت بداية "أبو النوب" في سجن كفار يونا، ومن هناك "تجول" في مختلف السجون، حيث نُقِلَ من سجن إلى سجن أكثر من 35 مرة. ولتجربة سجن بئر السبع مكانة مميزة لديه. إذ يقول إن سنوات الاعتقال التي أمضاها في بئر السبق كانت عبارة عن "أيام حافلة ومزدحمة تماماً بالنضال ضد إدارة السجن والسجانين، ومحاولات البناء في الجبهة الداخلية".
شَهِدَ "أبو النوب" عدة إضرابات كان أشهرها إضراب نفحة عام 1980، والذي سرد لنا مقدماته وتفاصيله قائلاً: "منذ العام 1978 بدأت الحركة الاسيرة بتكوين نفسها وإنشاء تنظيمات لضبط السجون وحالة أي معالم للفوضى فيها. تنبه الاحتلال لتلك التنظيمات ومحاولة الأسرى السيطرة على إدارة السجن. بعدها افتتح سجن نفحة ونقل إليه عدد من الأسرى القياديين".
كان "أبو النوب" واحداً من المنقولين من بئر السبع. وفي عام 1978 بدأ الأسرى في سجن نفحة بالتخطيط لخوض الإضراب عن طريق عقد جلسات تعبوية وتوعوية تشرح للأسرى آلية خوض الإضراب ونتائجه المُحتملة على حياة الأسير. وبتاريخ 14 71980 بدأ إضراب سجن نفحة، وصادف ذلك اليوم الأول من شهر رمضان، وكان الإضراب كاملاً إلا عن الماء وشرب الحليب.
يستذكر "أبو النوب" ما تعرض له الأسرى خلال فترة الإضراب من ضرب وتعذيب وتنقيل بين الأقسام. لم يكن هذا الإضراب سهلاً على الأسرى إذ كان الأول من نوعه في تجربة الحركة الأسيرة الفلسطينية، والإضرابات السابقة لم تكن تزيد عن بضعة أيام.
رغم ذلك ازداد الأسرى عِناداً وإصراراً على مواصلة الإضراب حتى تحقيق مطالبهم، وفي اليوم الثاني والثلاثين وهو ثاني أيام عيد القطر قَبِلَ الاحتلال بالتفاوض معهم عن طريق جهاز الشاباك، وتمت الموافقة على ما يقارب 80% من مطالب الأسرى وتعميم تطبيقات ذلك على كلّ السجون وليس سجن نفحة فحسب.
وقد كان من بين مطالب الأسرى زيادة عدد البطانيات، فازدادت من اثنتين إلى ست. كما تمت الموافقة على أن يكون الباب من شبك يتخلله الهواء، في حين كانت الأبواب مسبقاً من صاج. كما كان من مطالبهم التي تحققت إطالة فترة الفورة من ساعة في اليوم إلى ساعة ونصف ومرتين في اليوم بعد أن كانت مرة واحدة.
وقد استشهد في هذا الإضراب أربع أسرى، اثنان منهما أثناء الإضراب نفسه وهما علي الجعبري وراسم حلاوة، واثنان آخران بعد فك الإضراب نتيجة الأمراض التي خلّفها الاضراب في جسديهما، وهما أنيس دولة واسحق مراغة. ويخبرنا أبو النوب أن سبب الاستشهاد قد يكون "الزوندا" وهي علبة فيها سائل أو حليب يُجبر الأسير عليها عن طريق الفم أو الأنف حتى يصل أنبوبها إلى المعدة.
هي تجربة مليئة بالتحديات تحدث عنها "أبو النوب" يظهر فيها مدى تمادي الاحتلال اتجاه الاسرى الفلسطينيين وما يتعرض له الاسير الفلسطين من تعذيب وقهر وقد اكمل الاسير النوباني كل فترته الاعتقاليه في اجواء يملئها العنفوان والتحدي إلى أن تمّ الافراج عنه بعد اثنين وعشرين عاماً، والتي رغم طولها لم تستطع النيل منه ليكمل مشوار حياته النضالية بعد خروجه من السجن.