لقد أطلق النار
١.
الدليل على جنون الرجل هو أنه كان يطعم القطط بيديه، والعصافير من قلبه، والأحلام.. حسنا.. الأحلام من روحه، من كلّه.
إنه غير واقعيّ. فأي إنسان واقعي قادر على مطاردة الفراشة بين الدروع؟
هل تريدون دليلا آخر على جنون الرجل؟
لقد اصطحب كلبته التي اسمها "جيسيكا" (كان يناديها "ابنتي") إلى عمليته الأخيرة.
لم تتهمه الكلبة بالجنون، كما فعل البعض، بل دافعت عن الجسد الذي سقط في الاشتباك
في مقطع الفيديو الوحيد المنشور من مكان العملية تظهر "جيسيكا" وهي تطارد عناصر الأمن الاسرائيلي وتبعدهم عن الجثمان المحتضر للمجنون. عن الفراشات التي ترفّ رفتها الأخيرة حول القلب المرتجف. حول معصم اليد المرفوعة للجسد المخترق تماما بالمنطق المنطقي الوحيد: الاحتلال مستمر؟..
الاختلال مستمر؟
هذا هو الردّ!
٢.
نتصفح مثلا موقع عرب ٤٨، ونقرأ التقرير الذي أورده الموقع عن شادي بنّا
نسخ أعمى عن تقارير بالعبرية،يقول التقرير بأن المدعو كان طبيعيا.. "صدمة" بين معارفه. بل إن البعض قد شاهده يطعم القطط قبل رحيله نحو القدس. ( يا للغرابة!)
اي مجنون يعتنق الاسلام؟ يطعم القطط؟ ثم يرشق دمه على باب القلعة الحصينة؟
لا بد وأنه لا يملك حساب فيسبوك. ولا حسّا قوميا مسؤولا يقي عرب ما وراء الجدار، عرب ما تحت اللحاف، عرب مشارف المواطنة غضب الدولة وقانون القومية والهجمة الفاشية التي تريد حرمانهم من حقوقهم في الاشتكاء على سوء أخلاق الحرّاس في مطار بنغوريون.
ومع أن محل الشهيد، حيث عائلته، لا يبعد عن مكاتب تحرير عرب ٤٨ أكثر من ٨٠٠ متر سيرا على الأقدام.. كتب الموقع تقريره عن "الصدمة" التي اصابت جيران ومعارف الشهيد.
هل يستوجب الواجب القوميّ من الموقع القومي الذهاب لمقابلة أهل المجنون؟
ليس بالضرورة (والحق يقال أن الدنيا شتاء.. أي مجنون يخرج في هذا البرد؟ )
٣.
طيّب، ما الذي نعرفه إذا عن شادي بنّا الذي قرر صبيحة يوم شتوي أن يفتح النار على الاحتلال؟:
أ.
سيقول طفل مرّ صبيحة عيد الأضحى الماضي بباب محل الزهور أن المجنون قد اصطحبه إلى city center ليشتري له ملابس العيد. (هذه قصّة حقيقية، والولد يسكن في شارع اسمه "وادي الزيتون" في حيفا)
ب.
وستقول الناصرة أن ثلاثة فتيان قد قرروا تنفيذ عملية.
كان هذا في سنوات التسعينيات. بعد اوسلو يعني. بعد أن وقع الشهيد الكبير على وثيقة التنازل الكبير.
ببساطة. هجم الفتيان الثلاثة على جندي، خطفوا سلاحه بعد أن أشبعوه ضربا، ولاذوا بغنيمتهم.
انزرعت البذرة
بذرة الجنون تغوص في الطين
تشرّش.
تمتد في عروق الجمجمة.
انزرعت البذرة.
ليلة عيد ميلاده الثامن عشر. اقتحم الشين بيت منزله. وتعمّد شادي، يتيم الأم، بالأمّ، في مسالخ المخابرات.
ثلاثة سنوات من الحبس الأمني مع ابني مجموعته.
لم تكن أخته تملك مالا تدفعه لمحام، فتطوع وليد الفاهوم للدفاع عنه.
كانت أخته الكبيرة نشطة في الدفاع عن الأسرى وتعمل مع الأسير المحرر منصور كردوش في جمعية أنصار السجين..
(لكن.. لا.. هذا تفصيل لا علاقة له بما حدث. فشادي أطلق الرصاص لأنه مصاب بالجنون. واجب أحزاب الكنيست القومي يحتم التأكيد على جنون الرجل.)
٤.
اسئلة ختامية:
• ما الذي فعله المجنون؟
لقد اشهر إسلامه ومن ثم ذهب إلى إطعام القطط وبيع الزهور. ولم ينتسب إلى تنظيم الدولة
• من هو المختل عقليا حقا؟
أهو شادي بنّا، أم قومي عربي يصدّق "إسرائيل" ويروّج لمقولاتها
• ما الذي فعله المجنون بعد يومين من إشهار صفقة القرن؟
قبل يوم من خطاب عباس عن ثلاثمائة ضابط اسرائيلي؟
قبل اسبوع من عزومة الهبّاش في الماصيون؟
قبل شهر من انتخابات الكنيست؟
لم يوقّع على عريضة
لم يدعُ إلى ندوة
لم يغير البروفايل بكتشر
لقد أطلق النار!
المصدر: باب الواد