أعلن وزير الحرب الإسرائيلي نفتالي بينيت، قبل أيام قليلة في منتدى «كوهيلت»، رسميا، أن الأرض المصنّفة (ج) في الضفة الغربية المحتلة تخصّ الكيان الإسرائيلي، ووعد بالعمل على تطبيق السيادة على جميع أجزائها، وهي المنطقة التي تشكّل أكثر من 60% من مساحة الضفة الغربية المحتلة.
ويعني ذلك أننا أمام عملية تطهير عرقي، تتمثّل في إزالة الوجود الفلسطيني، والسعي إلى زيادة أعداد المستوطنين في الضفة الغربية إلى مليون خلال عقد من الزمان.
وكان بينيت قد تعهّد أيضا، قبل حوالي شهر، بالعمل على تنفيذ عمليات هدم واسعة النطاق في المناطق المصنّفة (ج). وجاءت تصريحاته في لقاء عقده مع سفراء الاتحاد الأوروبي في تل أبيب؛ حيث أبلغهم بوجود نية بهدم جميع المباني الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الأمنية الكاملة، حتى لو كانت بتمويل أوروبي. وسبقت تلك التصريحات تصريحات نُسبت إلى قائد "المنطقة الوسطى" في الجيش، التي قال فيها إن جيشه «بلور خطة لشنّ حملة غير مسبوقة على المباني الفلسطينية في المنطقة المصنفة (ج)».
كما أعلن إنشاء «منتدى المعركة على مستقبل المنطقة ج»، وهي هيئة تهدف إلى تعزيز الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة والمصنفة كمنطقة «ج». واعتبرت مصادر قضائية إسرائيلية مطلعة أن مداولات الهيئة تعني -عمليا- بدء ضمّ تلك المناطق إلى الكيان الإسرائيلي. واجتمعت الهيئة عدة مرات في الأسابيع الأخيرة؛ بهدف دعم الاستيطان والمستوطنين، وربط «البؤر الاستيطانية» غير القانونية بشبكة المياه والكهرباء الإسرائيلية، كما طالبت الهيئة بمنع إخلاء المستوطنات (غير القانونية)، وتسريع الإجراءات القانونية لفرض المزيد من الواقع الاستيطاني بالضفة، قبل موعد الانتخابات.
تتزامن تلك الخطوات مع تصريحات للسفير الأمريكي ديفيد فريدمان، الداعمة لمشاريع الضم والتهويد في الضفة الغربية المحتلة، واستخدم السفير في تصريحاته مصطلح «يهودا والسامرة»، وهو المسمى ذاته الذي يطلقه الاحتلال على الضفة الغربية، كما اعتبر الفلسطينيين الموجودين في الضفة «مجرد مقيمين لا سكان أصليين.
تحدث هذه التطورات دونما تعليق يُذكر أو إجراءات حقيقية لوقفها، حتى من أولئك الذين أعلنوا أنهم سيقفون سدا منيعا أمام ما يُسمى بـ«صفقة القرن» وتعهّدوا قائلين إنها «لن تمرّ»، أم أن معارضتهم كلامية لتخدير مشاعر الناس وتضليل الرأي العام لا أكثر؟!
ليس مبررا ولا مفهوما حجم المبالغة والتهويل المتعلق بمصطلح «صفقة القرن»، بما في ذلك ما نراه من تركيز شديد على الطقوس الإعلامية والاحتفالية المرتبطة بالمصطلح. وهنا لا أشكك بوجود المخطط بقدر ما أشكك في استخدامه كوسيلة للتضليل الإعلامي، وجعل الناس ينتظرون الأسوأ من بعض الزوايا دون الانتباه للخطر الكبير الذي يعيشونه.
فبات الجميع ينتظر الصفقة لتدخل من الباب الرئيسي دون أن ينتبهوا إلى تسلّلها من النوافذ والأبواب الخلفية شيئا فشيئا لتقضم ما تبقى من أرض ومقدسات. فما الصفقة وما المؤامرة وما العدوان إن لم يكن استهداف الأرض والمقدسات والإنسان؟ وهو ما يجري ويتصاعد في فلسطين هذه الأيام مع اهتمام دون المستوى بكثير!