شبكة قدس الإخبارية

ورشة المنامة الأبعاد وسبل المواجهة

hxC3R
صلاح عبد العاطي

 

شكل الإعلان المشترك الأمريكي – البحريني عما سمي بـ "ورشة السلام من أجل الازدهار" التي ستعقد على أراضي البحرين في نهاية شهر يونيو من العام الحالي صدمة كبيرة في نفوس الفلسطينيين والشعوب العربية والإسلامية واحرار العالم لما تمثله هذه الورشة من مخاطر وأبعاد أبرازها:

1- أنها تأتي في سياق التحضيرات التي تسبق الإعلان عن صفقة القرن التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية ومحاولة الضغط على الفلسطينيين لقبول بيع حقوقهم الوطنية وكرامتهم بالأموال، التي معظمها سكون قروض لتشغيل الإنسان الفلسطيني في مشاريع اقتصادية سوف تخدم الاحتلال الإسرائيلي بالدرجة الأولى، وتكرس تأبيد هيمنته الاستعمارية على الأراضي الفلسطينية .

2- تسعي ورشة البحرين لتوظيف الانقسام السياسي البيئة الإقليمية والدولية الحبلى بالصراعات والاستقطابات لتمرير مخططات شطب الحقوق الوطنية الفلسطينية وحرمان الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير والاستقلال والعودة، وإعادة ترميم صورة إسرائيل وتطبيع العلاقات معها كدولة طبيعية، وليست القوة القائمة بالاحتلال وفق القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

3- ان استضافة حكومة البحرين لهذه الورشة يأتي مناقضا للإرادة الشعبية ومخالفا لرأي الجماهير والمواقف الرسمية التاريخية التي ترفض وبقوة الأنشطة التطبيعية وعبرت عن ذلك افرادا وجماعات وجمعيات وبأشكال عدة، ولعل البيان الصادر من المبادرة الوطنية البحرينية لمناهضة التطبيع مع العدو الصهيوني هو أصدق وأوضح أشكال الاجماع الشعبي الرافض لإقامة تلك الورشة ذات الأبعاد الخطيرة على الوجود الفلسطيني في أرضه التاريخية.

4- أن مقاطعة الفلسطينيين لورشة العمل بالمنامة وعدم وجود ممثل لهم يعني بأن ورشة المنامة والتي سوف يشارك فيها مسؤولون من دولة الاحتلال الإسرائيلي لا صفة شرعية لها، باعتبارها نقطة الانطلاق لما سمي بصفقة القرن، الامر الذي يرتب يجعل من المشاركة الفلسطينية والعربية خطأ استراتيجيا فادحا سيؤدي لإضعاف الموقف العربي تجاه القضية الفلسطينية.

5- ان عقد ورشة المنامة، وبمشاركة عربية وإسرائيلية وأميركية، وفي ظل غياب الفلسطينيين يمس ادعاءات العرب المشاركين عن تمسكهم بالحقوق الفلسطينية، لذا فحكومة البحرين والدول العربية المشاركة مطالبة بمراجعة موقفها على قاعدة رفض أي نشاط يضر بالحقوق والقضية الفلسطينية واحترام الإرادة الفلسطينية والإرادة الشعبية العربية الرافضة لكافة أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني والمساس بمشاعر المواطنين، إذ أن القضية الفلسطينية في وجدان أفراد الشعب كافة.

ان طرح فكرة الازدهار الاقتصادي تحت الاحتلال تكذبها حقائق الصراع والتاريخ والواقع الذي يعيشه الفلسطينيين، الذي يؤكد بانه لا يمكن تحقيق كذبة "الازدهار" تحت الاحتلال في ظل الإفقار المتزايد والحرب الاقتصادية والحصار والاستيطان والسيطرة على المعابر وغيرها من جرائم الحرب التي أدت قطع السياق التنموي التطوري للمجتمع الفلسطيني وانتهكت كل حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة بموجب قرارات الشرعة الدولية ذات الصلة ومعايير حقوق الانسان والقانون الدولي الإنساني، للواهمين بان هناك أموال كثيرة سوف تغيير من الواقع الإنساني الصعب الذي يعيشه الفلسطينيين نود الإشارة بان الأموال معظمها قروض والمنح غير متوفرة وغير مضمونة، حتى لو وُعِد بتقديمها، وكذلك لا يوجد أحد لا من المستثمرين يمكن أن يدعم ويستثمر أموالًا كثيرة، في ظل هذه الأوضاع المرشحة للانهيار والانفجار في كل وقت، جراء التّنكّر الإسرائيلي الكامل للحقوق الفلسطينية، والمقاومة الفلسطينية المتوقعة ضد مخططات صفقة القرن ، ومخرجات ورشة البحرين.

سبل المواجهة:

بالرغم من وحدة الموقف الفلسطيني رسميًا وفصائليًا وشعبيًا، في مواجهة صفقة القرن، وورشة المنامة بالبحرين، إلا أنها جهودًا مبعثرة ، وبعض النظر عن اعلان المشاركين عن فشل ورشة المنامة او نجاحها يتطلب ذلك من الفلسطينيين الاستعداد لمواجهة مخرجات الورشة والخطوات الامريكية والإسرائيلية الهادفة الي حسم الصراع واستبدال المرجعيات الدولية بشرعية الغاب ووهم الازدهار الاقتصادي .

لذلك، فإن الرد المناسب والمنتظر على تحديات المرحلة تلبية نداء الوحدة على أساس البرنامج المشترك، والمشاركة الحقيقية، ولحين انجاز المصالحة واستعادة الوحدة يتوجب الدعوة لعقد اجتماع فوري بمشاركة قادة جميع القوى السياسية وممثلين الفعاليات النقابية والشبابية والنسوية والمجتمع المدني والقطاع الخاص، للتوافق على اعتماد استراتيجية وطنية قادرة على فرض معادلات موجهة لتغيير موازين القوى بما يخدم الكفاح الفلسطيني، وخطة عمل فعلية في مواجهة التحديات والمخاطر التي تتعرض لها القضية الفلسطينية بحيث تشمل :

1- تعظم الاشتباك الشعبي والدبلوماسي والقانوني والإعلامي مع الاحتلال ، وتعزيز مقومات الصمود بما في ذلك رفع الإجراءات العقابية عن قطاع غزة حماية الحريات العامة ، توفير الاحتياجات اليومية للمواطنين الفلسطينيين، والتصدي لأي محاولات لتكريس انفصال قطاع غزة عن الضفة الغربية، والعمل المشترك لتطوير وتعميم نموذج مسيرات العودة الكبرى، وتطوير وتعزيز تجربة غرفة العمليات المشتركة. وبما يكفل التصدي للاستعمار الاستيطاني بوصفه الخطر الرئيسي الراهن، إضافة إلى السياسات العنصرية والتهجير القسري وتهويد مدنية القدس والسياسيات العنصرية والإعتداءات والحصار الإسرائيلي على القطاع.

2- تفعيل دور المؤسسات الدولية، عبر التحرك الجاد عبر الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والاتحاد الأفريقي وحركة عدم الانحياز بما يضمن تبني حركة المقاطعة بقرار من الجمعية العامة ومحاصرة التحركات الأميركية والإسرائيلية وفضح سياساتهم العدوانية.

3- تفعيل الدبلوماسية الفلسطينية والسفارات والجالية الفلسطينية لتنشيط مختلف أشكال التضامن الشعبي العربي والدولي والضغط من أجل موقف عربي ودولي جاد لمساندة الشعب الفلسطيني.

4- استثمار فتوى محكمة العدل الدولية وتقارير لجان التحقيق الدولية واحالتها لمحكمة الجنائيات الدولية، واستخدام مبدأ الولاية القضائية الدولية بما يكفل ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين وتقديمهم للعدالة ومحاسبتهم على ما اقترفوه من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

5- الضغط على الدول الاطراف الموقعة على اتفاقيات جنيف لعقد مؤتمر عاجل للدول الأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقية جنيف الرابعة لتطبيق الاتفاقية بالضغط علي سلطات الاحتلال من أجل أن توقف عدوانها واحتلالها للشعب الفلسطيني، وإجبارها على الالتزام بأحكام القانون الدولي الإنساني .

6- مطالبة الاجسام التابعة للأمم المتحدة بممارسة دورها في حماية حقوق الإنسان، وفرض الحماية للمدنيين الفلسطينيين والنظر في جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي والمساءلة عنها وتطبيق قرارات الشرعة الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية بما يكفل حق تقرير المصير للشعب

7- تفعيل دور المجتمع الدولي والاتحاد الأوربي والمؤسسات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني لتقديم كافة أشكال الدعم والتضامن السياسي والاقتصادي والثقافي مع الشعب الفلسطيني والاستمرار في تمويل مؤسسات السلطة ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية ووكالة الغوث .

8- تنشيط كافة اشكال العمل الشعبي الاحتجاجية في الاراضي الفلسطينية ضد مخططات تصفية القضية الفلسطينية ومؤتمر المنامة.

ختاما لابد من العمل على كافة المسارات بشكل متوازي لمواجهة التحديات والمخاطر الوطنية بما يكفل حث كافة اصدقاء الشعب الفلسطيني دول ومؤسسات وكل محبي الحرية والعدل والسلام والديمقراطية في العالم لتكثيف جهودهم وتفعليها وبذل جل مساعيهم لمؤازرة الشعب الفلسطيني في نضاله العادل من اجل انهاء الاحتلال، وتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة حتى يتسنى له العيش بحرية وكرامة على ارض وطنه مثله في ذلك مثل كل شعوب الأرض.