تطوي مسيرات العودة وكسر الحصار التي انطلقت في 30 مارس 2018، عامها الأول، والشعب الفلسطيني مصمم على إكمال مشواره في كسر الحصار المفروض على قطاع غزة منذ 12 عاماً، والذي أصاب جميع مناحي الحياة.
المسيرات التي شاركت فيها جميع فئات الشعب الفلسطيني من رجال وشيوخ ونساء وأطفال أرسلت رسالة للاحتلال الإسرائيلي مفادها أن رهانك على مقولة أن الكبار يموتون والصغار ينسون هي خاطئة، وليثبت أهل القطاع أن أطفالهم باتوا يعرفون قراهم ومدنهم وأراضيهم التي هجر منها آبائهم وأجدادهم ومازالوا يحفظونها ويطالبون بالعودة إليها.
لم تخرج المسيرات عن كونها سليمة وأصبح الحجر هو سلاح الفلسطينيين لمواجهة جنود الاحتلال المدججين بجميع أنواع السلاح من قنابل غاز، ورصاص حي، ورصاص متفجر، والذين أصابوا من خلالها المتظاهرين بشكل متعمد.
خلفت المسيرة على مدار عام كامل، 266 شهيداً، و29700 إصابة، العشرات منهم بترت أطرافهم، فيما يعاني المئات من إصابتهم الصعبة بفعل الرصاص المتفجر والذي هشم عظام أطرافهم.
لكن مع اشتداد همجية الاحتلال على المتظاهرين بدأت المواجهة تأخذ طابع آخر من قبل المتظاهرين السلمين الذين لم يقفوا مكتوفي الأيد أمام هذه الغطرسة الإسرائيلية وذلك من خلال ابتكار الوحدات المختلفة التي تربك حسابات الاحتلال وقياداته وجعلته في حالة استنزاف دائم وعلى مدار العام ومن هذه الوحدات:
- وحدة الكوشوك التي يقوم عملها على جمع وحرق إطارات السيارة قرب الحدود الإسرائيلية ومواقع الجنود الإسرائيليين بهدف التغطية على المتظاهرين وتشويش الرؤية أمام قناصة الاحتلال.
- وحدة البالونات الحارقة والمتفجرة والتي بدأ عملها بإطلاق الطائرات الورقة والبالونات تجاه مستوطنات غلاف غزة، وكبدت الاحتلال ملايين الشواقل بفعل الحرائق التي التهمت محاصيل المستوطنين الإسرائيليين.
- وحدة قص السلك والتي تمثل عملها في فتح ثغرات في السياج الإلكتروني الحدود حول قطاع غزة ليتمكن المتظاهرين من اجتياز الحدود وحرق الدشم العسكرية واتلاف المعدات الخاصة بالجيش الإسرائيلي والتي يستخدمها لاكتشاف أنفاق المقاومة على طول الحدود مع قطع غزة.
- وحدة الارباك الليلي وهي وحدة تقوم مهمتها بإزعاج والتشويش على الجنود الإسرائيليين والمستوطنين في غلاف غزة وعلى طول الحدود، ويستخدم الشبان خلالها العبوات الصوتية المتفجرة التي تحدث أصوات انفجارات ضخمة تثير الذعر بين الجنود والمستوطنين.
- الحراك البحري فلم يكتفي الفلسطينيون في المسيرات التي ينظمونها مساء كل يوم الجمعة على الحدود الشرقية فنقلوا الفعاليات إلى جانب آخر من خلال البحر عبر استخدام قوارب صيد صغيرة والتي تحمل على متنها عشرات الشبان الذين يرفعون أعلام فلسطين ويتقدمون باتجاه الشواطئ المحتلة مع قطاع غزة، وتواجههم الزوارق الحربية الإسرائيلية بالرصاص الحي وقنابل الغاز.
- هذه الوحدات شكلت رعب وحيرة لدى أجهزة أمن الاحتلال من جرأة الشباب المشاركين فيها، فهم يتمتعون بنفس طويل وإصرار على مواصلة الفعاليات دون كلل أو ملل، وقد نشاهد ابتكارات جديدة يعمل على إيجادها هؤلاء الشبان من أجل إرهاق جيش الاحتلال ووضعه في حالة استنزاف بشكل مستمرة.
الاحتلال أصبح يدرك تماماً أن الفلسطينيين ليس لديهم ما يخسرونه فهم يعشون في واقع صعب ولا يستطيع أحد أن يتحمل هذا الوضع وسيعملون على تغيره مهما كلفهم من ثمن.
ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أصبح يعلم جيداً أن هذه التظاهرات في حال استمرت تجعل مستقبله السياسي في مهب الريح، خاصةً ونحن على أعتاب انتخابات برلمانية إسرائيلية، لذلك نتنياهو يعمل جاهداً من خلال الجولات المكوكية التي يقوبها الجانب المصري بينه وبين حركة حماس لتخفيف الضغط عليه من خلال تقديم بعض التحسينات التي لا ترتقي إلى طموح وتطلعات الشارع الغزي.
لذلك من المتوقع أن يكون هناك حشد من قبل أهالي القطاع في ظل الدعوات المستمرة والحثيثة من قبل الهيئة الوطنية العليات للمسيرات، وأنه أيضاً يتوقع أن يكون هناك اصابات كثيرة في ظل استنفار وتهب الجيش الاحتلال على الحدود الشرقية لقطاع غزة