فلسطين المحتلة - قدس الإخبارية: يقوم علم التنبؤات الجوية اليوم في أكبر الدول وأصغرها على نماذج عددية حاسوبية، تتمثل باستقبال حواسيب عملاقة الملايين من البيانات على شكل متغيرات "بيانات مُناخية رصدية" كسرعة الرياح والرطوبة ودرجات الحرارة والضغط الجوي من خلال عشرات آلاف محطات الرصد الجوي المنتشرة حول العالم ومن خلال بالونات تطلقها الدول في أوقات مُحددة مرتين يومياً منتصف النهار ومنتصف الليل، والتي تُعرف برصدات الراديوساوند " بالونات هيليوم تحمل جهاز رصد على متنها " في المجال الممتد من سطح الارض حتى طبقات الجو العليا.
تقوم تلك الحواسيب بتحليل البيانات المستلمة عبر خوارزميات ومعادلات اعدت خصيصاً لهذا الغرض لتخرج لنا بتوقعات مُقسمة إلى عدة فترات زمنية، تنبؤات قصيرة المدى، مُتوسطة المدى وتنبؤات بعيدة، وذلك من خلال فئتين اثنتين:
أولها فئة معادلات الديناميكا التي تقيس التغيرات في الغلاف الجوي، أما الفئة الثانية المعادلات الفيزيائية التي تهتم بالبيانات اليومية مثل درجات الحرارة وتشكلات الغيوم و توقعات الأمطار.
- الصورة المُرفقة أدناه لحاسوب عملاق يُعتبر الأكثر سرعة على الإطلاق على مستوى العالم، يُسمى " تايتن "، مُهتمه إجراء عمليات معاجلة ومُحاكاة معقدة على مستوى الأرصاد الجوية والفيزياء.
تُرسم هذه البيانات على خرائط وتلخص على شكل ارقام في جداول ، وتحدث هذه العملية 4 مرات في اليوم ، وتبلغ دقتها نسباً عالية خصوصاً عندما تكون الفترة 3 أيام أو أقل، ويكون التحديثان الصباحي والمسائي عادة ً أقوى وأكثر ثباتاً ودقة من تحديثات الظهيرة ومنتصف الليل، لأن بيانات البالونات التي تطلق الى طبقات الجو منتصف النهار ومنتصف الليل تحتاج لعدة ساعات لتُعالج، وتضاف الى فترة تحديث الصباح والمساء.
ومن اكثر تلك النماذج شهرة هما النموذج الاميركي GFS والمركز الاوروبي ECMWF الاول تشغله حكومة الولايات المتحدة والثاني تشغله دول الاتحاد الاوروبي مجتمعة ، تتطور تلك النماذج بين فترة واخرى، وما بين العام والذي يليه تضاف تحسينات على تلك النماذج مما يزيد من دقة تنبؤاتها الامر الذي من شأنه ايصال علم الرصد الجوي الى مستويات متقدمة لم تشهدها دول العالم قبل ذلك ، فقد وصل اليوم الامر بنا الى توقع الساعة التي تبدأ فيها الامطار في منطقة ما والساعة التي تنتهي بها، وتوقعات الثلوج وسمكها وما شابه.
ومن يدرى ففي ظل هذه الثورة الهائلة في عالم التكنولوجيا قد تصل بنا الامور الى توقعات لم تخطر على بالنا من قبل، ومع ذلك فتلك النماذج تخطيء احيانا التحليل وتحدث تغيرات طفيفة يكون لها تأثير واضح على النشرات الجوية وذلك لأنها بنيت على بيانات غير مكتملة نتيجة خطأ هنا او هناك او لخطأ ما في الاحتساب اثناء عملية التحليل وهذا امرٌ طبيعي، لن ينتهِ وذلك لأن هامش الخطأ وارد في معظم الأحيان، بنسبة ضئيلة غالباً .
ينتشر اليوم الكثير من المهتمين في هذا المجال ويطلقون توقعات يومية بناءً على قراءاتهم للخرائط الجوية التي تصيب في الكثير من الاحيان وتخطئ احيانا اخرى وذلك لأسباب ذكرناها سابقاً ، علما أن خرائط المركز الزوروبي في أغلبها مدفوعة، أما خرائط النموذج الامريكي مجانية بكل تفاصيلها تهتم بحالة الطقس اليومية وتطلق توقعات مناخية تصل الى 100 عام قادمة، ومن القضايا الجميلة في هذه النماذج انها تعطي توقعات موسمية وشهرية تزيد دقتها كلما قلت المدة ومن المنخفضات التي تم التنبؤ بها قبل مدة خيالية هي عاصفة اليكسا التي توقعها النموذج الامريكي قبل ما يقارب 12 يوما، ووصلت الى البلاد حسب التوقعات الاولى التي ظهرت على الخرائط وهي مدة ليست بالسهلة ولا بالقليلة في علم الرصد الجوي.
واخيرا يجب ان نعلم ان الرصد الجوي هو علم قائم بذاته ومهما بلغت قدرات العلماء فيه الا انه يبقى فوق كل ذي علم عليم، واذا تكررت اخطاء العاملين فهذا ليس فشلا ً بقدر ما هو نسبة خطأ معينة " جزء من كل "، الامر الذي يدعونا الى ان نغير من نظرتنا لتلك الاخطاء، ولتغيير ثقافتنا بهذا الاتجاه ، فان اصابوا في التوقعات فعلينا شكرهم على مساعدتنا وتنبيهنا وان اخطأت التوقعات فلا يجب ان تتغير ردة الفعل لانهم قاموا بما يمليه عليه ضميرهم من تحذيرنا ولنا في كوارث حدثت بالأمس القريب العديد من العبر والدروس.
في سياق متصل، وقبل ختام التقرير، يجدر الاشارة الى أن اول نشرة جوية مستندة على استنتاجات الحواسيب، صدرت يوم 2 نوفمبر من العام 1965 .
المصدر: موقع طقس الوطن