استنزاف العدو في الضفة من خلاله العمليات المتنوعة والمنتشرة في نقاط مختلفة ممتدة وتعزيز دور المطاردين وحمايتهم ستعمل على تقويض القوة العسكرية للعدو عبرَ استنزافِ مقدراتها وتكبيدها خسائر مادية وتدميرِ لمعنويات الجنود من خلال جرهم إلى دائرةٍ مفرغة من المواجهات المتقطعة، فالقاعدة العسكرية تقول أرهق عدوك بالهجمات المتكررة إذا كانت قواته مستريحة، واعمل على تجزئته إذا كان موحداً، وهاجم عندما يكون عدوك أقل استعداداً، وبادر بالعمل في الوقت الذي لا يتوقعه منك عدوك.
يا نبض الضفة لا تهدأ اعلنها ثوره، يعتبر إقرار رئيس الشاباك (الأمن الداخلي) الإسرائيلي أمام لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست إحباط 480 هجوم للمقاومة الفلسطينية في الضفة واعتقال 590 مقاوم منفرد إضافة إلى تفكيك 219 خلية لحماس في الضفة منذ بداية العام، على أن استمرار الضفة في استنزافها للاحتلال، يشكل ضربة موجعة لمشروع التنسيق الامني، ويعزز نجاح المقاومة في تجاوز التنسيق الأمني مع الاحتلال، وان شباب الضفة لديهم القدرة على امتلاك زمام المبادرة ومفاجأة العدو على حين غرة.
حقيقة مهمة يجب التأكيد عليها، وهي أن أي مقاومة وثورة في التاريخ الحديث والقديم، لم تشهد خطا بيانيا مستقيما للعمليات المسلحة والفعل المقاوم، فهذا مستحيل تماما، بل كانت القاعدة هي اختلاف اتجاهات الخط البياني، فتارة يرتفع وتارة ينخفض الخط البياني تبعا للظروف الموضوعية.
ستعود وتتهيأ الظروف الممكنة لانطلاقة جديدة للمقاومة بالضفة – بعد زوال الأسباب القاهرة التي اضطرت المقاومة إلى الغياب عن المشهد - ستعود للقيام بواجبها بإذن الله تعالى، ولن تكل المقاومة أو تمل حتى إعادة الحق لأهله، وأهل الضفة ورجالها أصحاب تجربة وثقة فريدة مع مقاومتهم، فالأرقام عن عدد العمليات المتزايدة وحجم الاستنزاف الذي يحدثه المطارد نعالوة للاحتلال منذ شهور في رحلة المطاردة المستمرة حتى الان، بكل تأكيد تشير أن الضفة مقبلة على الانفجار بوجه الاحتلال وأزلام التنسيق الأمني المقدس.
تشير احصائيات العمل المقاوم التي شهدها العام الحالي لحدوث أكثر من 4367 عملا مقاوما مما أدى لمقتل 11 إسرائيليا وإصابة أكثر من 159 آخرين، من أبرزها 40 عملية إطلاق نار و33 عملية طعن ومحاولة طعن و15 عملية دعس ومحاولة دعس و53 عملية تم فيها إلقاء أو زرع عبوات ناسفة محلية الصنع و262 عملية إلقاء زجاجات حارقة صوب آليات ومواقع الاحتلال العسكرية والمستوطنات.
حينما تتكلم الارض تخرس الدعاية فالوقائع على الارض تتحدث وهي من تحسم كل جدل او ثرثرة او دعاية مضللة، وتحدد فيما اذا كانت المقاومة بالضفة في حالة تقدم او تراجع، اذا نظرنا الى ما يجري في الضفة الان فان اول ما يلفت نظرنا هو تصريحات قادة الاحتلال، وهي تحدد حقيقة ما يجري، فقد نشر عدد من محللي المواقع والقنوات العبرية مؤخراً توقعاتهم حول الأحداث الأخيرة التي شهدتها الضفة الغربية، حيث شهدت الضفة عدة عمليات وشهداء خلال الأسابيع القليلة الماضية، "تال ليف رام" المحلل العسكري لصحيفة “معاريف” العبرية يقول إن الضفة تشهد ارتفاعاً ملحوظاً في الأحداث خلال الأسابيع الماضية، فيما زعم “جال برغر” مراسل قناة “كان” العبرية أن حركة حماس تتجهز لتنفيذ عمليات فدائية من الضفة المحتلة في حال فشلت مباحثات التهدئة في قطاع غزة، وأضاف أن الحركة تستثمر ملايين الشواقل سنوياً لتأسيس خلايا في الضفة لاستخدامها في حال اندلاع حرب جديدة بالقطاع، حيث يشكل ذلك ضغطاً على جيش الاحتلال في التعامل مع الضفة وغزة.
وعندما يقول رئيس الشاباك "نداف ارغمان" أن الهدوء النسبي في الضفة مخادع فهو يعلم مدى قناعة أهالنا بالضفة بالمقاومة المسلحة وانها السبيل للتخلص من الاحتلال وعدوانه وفشل كل المحاولات الحثيثة لترهيب المواطنين من الإقدام على أي عمل مقاوم، من خلال حملات الاعتقالات والتهديد.
من بين اهم قواعد حرب العصابات قاعدة تدوير مكان العمليات العسكرية، فحينما يركز العدو المحتل قواه وامكانياته في منطقة معينة، وحينما تشعر المقاومة بان الاستمرار في الصراع في تلك الجبهة مضر لها، تتحول الى مكان اخر اكثر مناسبة لمواصلة مقاومتها وهذا ما أكد عليه سن تزو عندما قال: أزعج عدوك وعكر صفاء تفكيره, وقم بملاحظة نشاطاته وتحركاته, وأجبره على أن يكشف عن مآربه, لكي تكتشف نقاط ضعفه المحتملة.
الضفة هي الذخر الاستراتيجي للمقاومة وقوتها وتطورها يخدم مشروع المقاومة والتحرير ويقرب من زوال الاحتلال، فعندما تكون المقاومة الفلسطينية في الضفة بخير لن تنعم اي مدينة واي شارع في العمق الصهيوني بالأمن، وعندما تكون المقاومة بالضفة بخير لن يتجرأ المستوطنين من السير والعربدة في شوارعها ولن تتمدد المستوطنات.
هل تذكرون زمن عباس السيد وطوالبة ورائد الكرمي كيف شلت اسرائيل من الداخل وزادت الهجرة العكسية هي مقاومة الضفة التي يحاربها الكون كله العدو والقريب فوجود عباس هو اداة وظيفية لمحاربة المقاومة وتحطيم قدرتها على النهوض لذلك عباس كما أكد هو إنه يجلس مع رئيس الشاباك من أجل التنسيق الأمني وإنه في اتفاق على ٩٩٪ من القضايا، لذلك نهوض الضفة وتطورها يعني نهاية مشروع الانهزام بلا رجعة وأن تغيير البيئة الأمنية في الضفة لن يضمن تحقيق المصالحة فقط، بل سيقودنا الى وضع القضية الفلسطينية في مسارها الصحيح.