سيستهدف الضمان الاجتماعي 1,1 مليون مواطن لإشراكهم فيه جبراً، سيبلغ حجم الاقتطاع الشهري لمتوسط رواتب بمعدل 3500 شيكل اجمالي 8,32 مليار شيكل سنوياً.
تشغيل هذه الأموال بنسبة أرباح 7% سيحقق صافي أرباح سنوية لمؤسسة الضمان بقيمة 582 مليون شيكل، خلال عشر سنوات سيتراكم مبلغ يقدر بـ 90 مليار شيكل (25 مليار دولار).
هذا هو "المال الغزير" الذي تحدث عنه باسهاب وزير العمل الحبيب. ستصبح مؤسسة الضمان المؤسسة المالية الأضخم والأغنى في الوطن، وستستطيع هذه المؤسسة اقراض حكومة الموزمبيق أوقات الشدة.
هذا بالنسبة لمؤسسة الضمان، أمورها تمام، أما بالنسبة للفرد المشمول في الضمان - بوضعيته الحالية - فالوضعية مختلفة: من يتقاضى راتباً بمعدل 4000 شيكل شهرياً وبعد التزامه بالضمان لمدة 15 سنة (180دفعة) سيتقاضى في النهاية (4000*15*%2) = 1200 شيكلا شهرياً فقط. فتدبر.
لربما أن هذا خازوق يمكن ابتلاعه برأس مرفوع، شعب الجبارين يستطيع. ولكن ما لا يمكن ابتلاعه هو قشر الجوز: هذا أن حد الفقر والفقر المدقع في فلسطين للعام 2017 لأسرة مكونة من 5 أفراد يبلغ 1,974 شيكلا و2,470 شيكلا على التوالي، حسب مؤشرات جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني مؤخراً.
علماً أن من يرتضي أن يكون الحد الأدنى للأجور في الوطن الحبيب 1,450 شيكلاً لن يشتم للجنة رائحة، هذا والله تعالى أعلى وأعلم.
هذا ضمان للغالبية العظمى من العمال والموظفين الأحباء في الوطن الحبيب بالإبقاء عليهم زاحفين تحت خط الفقر الوطني وكل خطوطنا وطنية يا وطني الرائع وقد يخرج عليك زبانية الدين واعظين بأن هذا عملٌ تعبدي عظيم، وإعمالٌ للسنة؛ "أن الفقراء لهم الجنة"، بل "ويدخلونها قبل الناس"، أما الدنيا ومتاعها فللأوغاد.
الغالبية العظمى للرواتب التقاعدية ستكون تحت خط الفقر بدرجات سفلى وسافلة، نحن مجتمع محافظ. نعم، لكن على ماذا؟ على ضمان "الزحف"، زحفنا المقدس تحت خط الفقر الوطني. هذا خطٌ يجب المحافظة عليه في حياتك، لحظة وفاتك، وما بعدها. هذا مهم، أما الأهم، فالسلامة.. سلامة رأس المال.
- لماذا تأتي معظم القوانين في الوطن الرائع على شكل خوازيق مختلفٌ أشكالها
المطالبة بتعديل قانون الضمان الاجتماعي هو أضعف الايمان، أما تعديله لموازاة خط الفقر، فهذا لعمري من نكد الدهر، من نكد الدنيا على الحر أن يعتصم ويحتج في الميادين العامة ليطالب براتب تقاعدي يلامس خط الفقر ليزحف عليه لا تحته.
وإذا تحقق؛ فهذا انجازٌ إنجازٌ آخر سنزرعه في القيعان، وفي حدائق انجازاتنا الأمامية والخلفية والمحيطة، سنسقيه بدمع العين. وكلنا أمل رغم الألم، بأن يكون انجازاً كلاسيكياً أملساً.