الكشف عن أنفاق المقاومة خلال الاشهر الاخيرة عن طريق تكنولوجيا خاصة بكشف الانفاق لا يبدو مجرد كلام، ولا يمكن أن تغامر “إسرائيل” على لسان زعيمها الأول وعلى ألسنة المستوى الأمني الأول فيها بفضيحة علمية ستنكشف سريعًا؛ بيد أنه من المعقول أن ثمة تقدم بحثي علمي ربما لا زال في بداياته، وبالتأكيد لا زال قاصرًا عن تقديم حلول قطعية ويواجه الكثير من الصعوبات والمعضلات ومحدودية القدرات.
أي عمل بشري يحتمل نسب معينة من الخطأ، وعمليات حفر الأنفاق يدخل فيها الخطأ البشري والعوامل الطبيعية من تربة وأمطار وغيرها من متابعة امنية واستخبارية، فالاكتشافات الأخيرة مبنية على الامور التكنولوجية الناقصة والجانب الاستخباري وعمليات الرصد والمتابعة التي بدونها لن تكون وسائلهم التكنولوجية ذات فاعلية، مشكلة الانفاق لم تنتهي بعد وان التكنولوجيا الاخيرة وبعكس الشائع في وسائل الاعلام لم تحل المشكلة بشكل كامل، كل ذلك يؤكد وجود دلالات واهداف اخرى للعدو من اعلانه المتكرر عن اكتشاف نفق هنا ونفق هناك ومن خلال متابعتي البحثية لانفاق المقاومة واعلانات العدو المتكررة لاكتشاف الانفاق يمكننا ملاحظة النقاط التالية :
- الاحتلال يريد تأمين رعب مضادّ يحتاج إليه أمام رعب الأَنْفاق الهجومية، وخلق حالة إحباط لدى العاملين بالأنفاق والحاضنة الشعبية للمقاومة، ويزيد المخاطرة المادّية التي تتكبّدها المُقاوَمَة مع كلّ نفق يُحفر، كأنّه يرسي المعادلة الآتية: إن كان كلّ نفق هجومي تقدّر كلفته من عمّال وموادّ بمئات الآلاف أو الملايين من الدولارات، فهو بعد إنشاء العائق الارضي يكشف في دقائق من دون كلفة إضافية .
- يهدف الاحتلال من ذلك ان تتردد المقاومة و تتباطئي في بناء الانفاق طالما شعرت أن الاحتلال الاسرائيلي قد أوجد الحل السحري لمشكلة الانفاق الاستراتيجية .
- محاولة منه لتأليب الرأي العام العالمي على المقاومة من خلال الحديث عن استثمار ملايين الدولارات في حفر الانفاق ، بدلا من استثمار هذه الأموال في التخفيف من معاناة سكان القطاع، وفي هذا الاطار يقوم الاحتلال بتنظيم جولات للمبعوثين والسفراء الدوليين للانفاق المكتشفة اخرها كانت جولة لمبعوث الرئيس الأمريكي للسلام جيسون غرينبلات .
- غالبا ما تكون الانفاق المكتشفة إما انفاق قديمة تم استخدامها خلال معارك المقاومة مع الاحتلال او انفاق اكُتشفت منذ فترة نتيجة لعوامل الطبيعة او الجهد الاستخباري الميداني على الارض، ولكن العدو يختار أوقات محددة لاستثمار اكتشافها ميدانيا، وهذا كان واضحا في اكتشاف نفق رفح الاخير وهنا يقول اليكس فيشمان المحلل العسكري الاسرائيلي "في إسرائيل، كان لديهم معرفة حول النفق الذي حفر تحت معبر كيرم شالوم، ولكن في الآونة الأخيرة كانت الظروف مواتية لتحييده، والمعلومات حوله واردة منذ عدة أشهر، وربما كانت الأطراف المهتمة في المنطقة مهتمة بانتظار تدمير هذا النفق، والعمل في الوقت المناسب الذي يخدم أي غرض عسكري أو سياسي"، واليوم من الواضح ان من الاهداف عن تحديد هذا الوقت للإعلان عن اكتشاف نفق جباليا هو التأثير على مسيرة العودة الكبرى عبر تغيير الرواية التي باتت تسيطر على العالم حول سلمية هذا هذه المسيرات.
- يحاول الاحتلال عبر الدعاية الكبيرة تعزيز الجبهة الداخلية، لا سيما الذين يطالهم تهديد الأنفاق، والبحث عن شركاء دوليين في مجال الاستثمار في أبحاث تكنولوجيا الأنفاق، حيث يلاحظ تركيزًا كبيرًا على حجم الإنفاق الإسرائيلي الكبير على الأبحاث الخاصة بهذه التكنولوجيا .
- من الممكن أن يكون لاستعراض اسرائيل لقدراتها في مجال الانفاق أهدافا اقتصادية تتعلق برغبتها في تشغيل صناعاتها العسكرية من خلال تصدير أسلحتها، الامر الذي تعتبره استمرارا لدبلوماسيتها الهادفة لإنشاء تعاون وتحالف مع العديد من دول العالم ، فهي تهدف لتسويق منظومة أمنية جديدة تعتبرها رائدة في محاربة سلاح الانفاق ، ولقد أشار ليبرمان لهذا المعنى قبل أيام في تصريح لمراسل يديعوت أحرنوت أن دولا عديدة طلبت معلومات ولكن اسرائيل لا ترغب حاليا في بيع هذه التكنولوجيا لحين إكمالها على حد زعمه.