شبكة قدس الإخبارية

"فيسبوك" يحارب المحتوى الفلسطيني.. الأهداف وطرق المواجهة

هيئة التحرير

فلسطين المحتلة - خاص قدس الإخبارية: لا يزال موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" مستمرا في استهداف المحتوى الفلسطيني وملاحقة الحصابات والصفحات الفلسيطينية، بزعم مخالفتها لسياسة النشر المتبعة في الموقع والتي تصنف تلك الحسابات والصفحات بأنها "تحريضية"، والحديث هنا يدور عن نشر صور وأخبار حول أحداث تتناول الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين وممتلكاتهم وأراضيهم.

العشرات من الصحفيين والنشطاء الفلسطينيين وحتى الصفحات الإخبارية تعرضت حساباتهم للحظر أو الإلغاء على منصة "فيسبوك" بالإضافة لحظر وإلغاء حسابات العديد من مدراء تلك الصفحات والناشرين عليها، وبدا ذلك واضحا خلال فترة ملاحقة قوات الاحتلال الإسرائيلي للمطارد أحمد نصر جرار وحتى بعد استشهاده، لمجر نصر صور وأخبار تتناول الشهيد وعمليات مطاردته من قبل الاحتلال الإسرائيلي.

هذه الحملة من قبل موقع "فيسبوك" وغيرها من الحملات السابقة، والتي راح ضحيتها العشرات من الحسابات والصفحات الفلسطينية، وباعتراف فيسبوك نفسه كانت بتحريض من حكومة الاحتلال الإسرائيلي وتحت عينها، كما أكد تقرير صادر عن الموقع قبل عدة أسابيع والذي اعترف فيه بإقدامه على إغلاق عشرات الحسابات الفلسطينية بطلب من حكومة الاحتلال الإسرائيلي ضمن اتفاق ممنهج جرى بين الطرفين.

في الوقت ذاته، تتغاظى إدارة موقع "فيسبوك" عن آلاف التعليقات عبر الحسابات والصفحات الإسرائلية المحرضة ضد الفلسطينيين منها صفحة "The Palestinian lie השקר הפלסטיני" التي تحوي على العديد من المواد التحريضية والتي تدعو لاعتقال وقتل الأطفال الفلسطينيين، وتفند المنشورات الفلسطينية عن ممارسات الاحتلال بصور لحالات قليلية تزعم تشبع الاحتلال الإسرائيلي بالروح الإنسانية تجاه الفلسطينيين.

استهداف منظم

الصحفية والناشطة الفلسطينية نائلة خليل أكدت على أن ملاحقة أي محتوى فلسطيني حقيقي ومنحاز لفلسطين على شبكات التواصل الاجتماعي وخصوصا "الفيسبوبك" يؤكد على أن الأيدي الصهيونية موجودة في كل مكان، "فيسبوك وجوجل وغيرهم من الشركات العالمية التي لديها مالكين وكبار موظفين صهاينة، وهم منحازون للصهيوينة ودولة الاحتلال".

وقالت خليل لـ قدس الإخبارية: "هذا كليشيه وإن بدا كذلك، لأن أي متفحص لما تتتم ملاحقته على الفيسبوك سيكون لديه يقين أن هذا عمل منظم بمعايير يجب أن تكون خانقة للفلسطينيين، ويشعر كل فلسطيني أن عيون الفيسبوك عليه قبل عيون الشاباك وعملاء اسارئيل".

وأضافت أن على النشطاء الفلسطينيين والمدافعين عن الحق في حرية الرأي أن يجتهدوا من أجل استعادة حقهم في التعبير عن الرأي وحمايته، بعيدا عن المستوى الرسمي الفلسطيني، بمنطق الربح والخسارة، وليس بمنطق الأخلاق والقضايا العادلة.

استهداف كل شيء فلسطيني

الصحفي معاذ مشعل أحد القائمين على صفحة "فلسطين 27" التي تم حظرها من قبل إدارة "فيسبوك" أكد على أن هذه الحملة التي يقوم بها "فيسبوك" ضد المحتوى الفلسطيني، وصلت ذروتها بعد أحداث جنين واستشهاد المطارد أحمد جرار".

وأشار إلى أن "فيسبوك" أقدم على حذف الصفحة "فلسطين 27" بسبب صورة للشهيد أحمد نصر جرار دون سابق إنذار أو إرسال تبليغ من قبل إدارة فيسبوك لإدارة الصفحة، فيما جرى بعد ذلك حظر غالبية الناشرين ومديري الصفحة وتجميد العديد من الحسابات".

وأكد مشعل لـ قدس الإخبارية إلى أن جميع المحاولات لإزالة الحظر من قبل إدارة الصفحة باءت بالفشل، أضف إلى ذلك أن كل المحاولات لعمل "آدمنز" جدد أو حسابات شخصية بديلة يتم وقفها في منتصف العمل بداعي الفحص الأمني".

وأوضح مشعل أن هذا العمل من قبل إدارة "فيسبوك" يؤكد على تحوله إلى مؤسسة أمنية تعمل وفق عمليات استخبارية من خلال اختراق الخصوصية، حيث تبين لإدارة الصفحة بعد عدة عمليات بحثية أن "فيسبوك" أصبح على علم بعنوانِ بروتوكول الإنترنت المعروف بالرمز "IP" الذي يتم عمل تلك الحسابات الجديدة البديلة من خلاله، لذلك يقوم بحظر الصفحات والحسابات الشخصية بناء على هذه المعلومات التي من المفروض أنها سرية، مشيرا إلى وجود خط تواصل بين إدارة الصفحة وإدارة "فيسبوك" لأخذ قرار برفع الحظر عنها خصوصا أنها أصبحت تمتلك فاعدة جماهيرية عريضة تقدر بحوالي 80 ألف متابع.

وأكد مشعل على أن صفحة "فلسطين 27" هي صفحة تأريخية تعنى بتدوين التاريخ الفلسطيني المقاوم للاحتلال، من خلال تسليط الضوء على الكثير من القضايا التي مر بها الفلسطينيون على مر سنوات الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، بطرق إعلامية جديدة".

وقال: "هذا العمل الإعلامي الجديد يبدو أنه ما يرق للاحتلال الإسرائيلي الذي شن حملة تحريض وتبليغ ضد الصفحة لدى إدارة فيسبوك والتي هي بدورها انصاعت لطلبات الاحتلال كما جرت العادة وقامت بحظرها وحظر مدرائها وناشريها".

تقييد العمل الصحفي

من جانبه يؤكد الصحفي علي عبيدات على أن الحملة التي يشنها "فيسبوك" على حسابات الصحفيين والنشطاء الفلسطينيين، إنما هي تؤثر على ممارسة العمل الصحفي داخل الأراضي المحتلة، وهو ما يسعى إليه الاحتلال لمنع فضح ممارساته عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي تصل إلى كل شخص حول العالم.

وأشار عبيدات إلى أنه جرى حظر حسابه الشخصي من قبل "فيسبوك" 3 مرات، واحدة خلال 2015 وواحدة خلال 2017، وواحدة مطلع العام الجاري 2018، على خلفية نشر صور لتغطيات صحفية للعمليات الفدائية والمواجهات مع قوات الاحتلال خلال الانتفاضة التي انطلقت عام 2015.

وأوضح عبيدات لـ "قدس الإخبارية" أن الحظر يحد من عمل الصحفي، فهو تعدي واضح على حرية التعبير، وقال: "كل ما كنت أنشره عبر صفحتي الشخصية هو تغطيات صحفية للأحداث وليست مواد تحريضية كما يدعي الفيسبوك".

وأضاف، أن "الحظر مضر على جانبين، جانب النشر أولا، حيث أنت كصحفي الحساب الذي تملكه أو الصفحة التي تنشر عليها، هي منبر إعلامي وبالتالي فإن الحظر يعني منعك من ممارسة عملك الصحفي".

وثانيا، "فيسبوك يعتبر أحد الأدوان المهمة لكل الصحفيين خصوصا العاملين في مناطق الصراع، كالأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث يستقى من تلك الحسابات والصفحات المعلومات الصحفية التي يجري تبادلها مع صحفيين آخرين، وبالتالي فإن حرمان أي صحفي من هذا الحق يعني حرمانه من الحصول على المعلومات وتبادلها، وهو اعتداء على القوانين التي تقدس العمل الصحفي وتضمن حمايته".

ودعا الصحفي عبيدات إلى عدم الملل في مواجهة إجراءات "فيسبوك" ضد المحتوى الفلسطيني، ومواجهة عمليات الحظر التي تستهدف الحسابات الفاعلة في فضح ممارسات الاحتلال بعمل حسابات أخرى على درجة مشابهة من القوة والتفاعل.

فتوى قانونية

خبير القانون الدولي وحقوق الإنسان ماجد العاروري أكد على أن الإجراءات التي تقوم بها إدارة "فيسبوك" بالاستجابة لطلبات تتعلق بإغلاق صفحات فلسطينية بناء على طلب من الحكومة الإسرائلية يشكل اعتداء سافرا على حرية التعبير وعلى حق الناس بإبداء رأيهم بحرية في قضايا عامة.

وقال العاروري لـ قدس الإخبارية إن "حرية التعبير تعني تقبل السلطات العامة لأكثر الآراء الصادمة لها والناقدة لسياساتها وإجراءاتها، وكيف حين يكون النقد موجها لسلطة احتلال تقر الشرعية الدولية أنها قوة احتلال وتنتقد على إجراءاتها التي وصفها القانون الدولي بغير الشرعية".

وأضاف، "أعتقد أن على إدارة "فيسبوك" ألا تكون عائقا أمام حرية التعبير وألا تخضع لضغوط حكومية كتلك القادمة من الحكومة الإسرائيلية وغير المغطى أصلا حتى بقرارات قضائية مدنية".

وأكد على أن إدارة "فيسبوك" لا تراقب أي صفحات تتعلق بالتحريض من قبل صفحات إسرائيلية ولم تسعى السلطة الفلسطينة إلى الوصول اتفاق مع إدارة "فيسبوك" يتعلق بمنع الصفحات الإسرائيلية من التحريض، في الوقت ذاته أقرت قوانين تتيح حجب مواقع إلكترونية فلسطينية على خلفية انتقادها الداخلي".

ودعا العاروري المؤسسات الحقوقية ووزارة الخارجية الفلسطينية بممارسة نوع من الضغط على إدارة "فيسبوك" حتى لا يكونو طرفا منحازا في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وتعزيز رقابتها على الصفحات الإسرائيلية التي تحرض على الفلسطينين.

كما طالب العاروري بجهد رسمي للضغط على "فيسبوك" من أجل تطبيق نفس البنود التي تطبق على الصفحات الفلسطينية على الصفحات الإسرائيلية.