شبكة قدس الإخبارية

حرب جديدة على غزة!

عماد الافرنجي

يبدو أن جهات عدة اتخذت قرارًا وتنفذه بحذافيره يقضي بإعدام مليوني فلسطيني في قطاع غزة، هذا ما يمكن فهمه مما جرى ويجري في الشريط الساحلي الضيق المحاصر منذ نحو 12 عامًا، وشنّ عليه الاحتلال الإسرائيلي ثلاثة حروب شرسة لكنه لم ولن يرفع الراية البيضاء، ولن يمرر صفقة القرن.

المؤسسات الخيرية التي كانت بلسمًا شافيًا لعشرات آلاف الفقراء والمساكين والأيتام جففت مواردها المالية وأغلقت حساباتها البنكية وصودرت أموال العديد منها، بل انضم كثير من العاملين فيها إلى فئة الفقراء، والمنظمات الدولية الكبرى التي كانت تضخ في غزة ملايين الدولارات أغلقت مثل مكتب منظمة التعاون الاسلامي، فيما أوقفت منظمات وهيئات عربية وغربية مشاريع إغاثية وتشغيلية وتنموية بملايين الدولارات.

لم يقف الأمر عند هذا الحد حتى انضمت السلطة الفلسطينية إلى المحاصرين لغزة بطريقتها الخاصة، بدأت بإجراءات عقابية في تقليص الكهرباء وتحويلات المرضى للعلاج وغياب الدواء والمماطلة في منح جوازات السفر، وعملت بصورة منتظمة على قطع رواتب آلاف الموظفين التي يساهم الاتحاد الأوروبي بنسبة كبيرة فيها، وتطورت إلى إحالة الآلاف إلى التقاعد الإجباري وربما لن يتوقف إلا بإحالة كل الموظفين للتقاعد، ثم تقليص رواتب موظفي قطاع غزة بنسبة 30% ويقدرها خبراء الاقتصاد بحوالي 30 مليون دولار شهريًا.

ومع دوران عجلة المصالحة المتعثرة أعادت السلطة ضريبة الدخل ورسوما أخرى على سكان غزة كانت ألغتها منذ الانقسام، وأعادت فرض ضريبة القيمة المضافة على شركات الاتصالات والبنوك والتأمين، ورفعت سعر الوقود المصري نحو 20%، بينما تضع السلطة بنظام المقاصة مع الاحتلال 100 مليون دولار شهريًا في خزينتها من فواتير تجار غزة، بينما لا زالت عائلات الشهداء تجوب الشوارع بمسيرات واعتصامات تطالب بحق أبنائها في حياة كريمة.

يترافق ذلك مع تراجع حجم المساعدات التي تقدمها منظمة الغذاء العالمي لسكان غزة وغيرها من المنظمات الدولية والجمعيات الأهلية، إضافة إلى التقليصات التي تنفذها الأونروا نتيجة تراجع التمويل لموازنتها وبرامجها التي قد تصل إلى كارثة حقيقية إذا لم يتوفر تمويل لبرامج الطوارئ والمساعدات الإنسانية، ولا زال نحو 5 آلاف أسرة (أكثر من 20 ألف نسمة) دون مأوى منذ عدوان 2014، عشرات التجار في السجن، والمصانع مغلقة، والمياه غير صالحة للاستخدام الآدمي، والبيئة والبحر ملوثان، والطعام مسرطن، ووصلت نسب الفقر والبطالة إلى معدلات غير مسبوقة سيكون لها انعكاسات خطيرة على النسيج المجتمعي.

هي حرب بكل ما تحمله الكلمة من معنى لأهداف سياسية، مقومات الحياة كلها في غزة مهددة حتى الأمن الغذائي للناس التي قد تنفجر في أية لحظة من شدة الحرب التي تنفذ بحق الصامدين، والأكثر قهرًا هو تنصل المسؤول عن دوره، والتعامل مع غزة كأنها حمولة زائدة أو منطقة غير فلسطينية.

قطاع غزة منطقة محتلة يتحمل الاحتلال مسؤولية ما يجري فيها، ثم من وقع ونفذ اتفاق أوسلو وقيام سلطة بلا سلطة أراحت الاحتلال، وكذلك تتحمل الأمم المتحدة التي أوجدت "إسرائيل" وجعلت من شعبنا لاجئين مسؤولية سياسية وإنسانية.

الرئيس والوزير، والمسؤول وقائد الفصيل، وكل عربي ومسلم مشارك في الجريمة بحق غزة إن لم يتحرك لرفع الظلم عن غزة وإنقاذها من الانهيار، وإلا لن يرحمكم التاريخ ولن تغفر لكم الأجيال.