غزّة- خاص قُدس الإخبارية: لم يعد شاطئ بحر غزة المتنزه الجميل في نظر أهالي القطاع، بل أصبح مشكلة بعد ما لفظ ما فيه على أجساد المصطافين الذين وجدوا فيه غايتهم في الترويح عن أنفسهم خلال أيام الإجازة والهروب من حر الصيف، وذلك بعدما توشحت أجسادهم بالسواد بفعل المياه العادمة التي تصبّ فيه بشكل مباشر كل يوم.
ولعل أحواض مياه الصرف الصحي العشوائية الواقعة في منطقة القرية البدوية شمال قطاع غزة، قد شكلت أزمة ومعاناة كبيرة لدى سكان تلك المنطقة بما فيها منطقة بيت لاهيا وبيت حانون في أقصى شمال القطاع، حيث تُشكّل هذه البرك خطرًا كبيراً وداهماً على حياة الأهالي منذ سنوات طويلة، في ظل تكريس كافة الحلول والجهود لإيجاد حل.
الجدير بالذكر، أن هذه البرك تبعث الأمراض والأوبئة، ولاسيما الحشرات الضارة إضافة إلى ضخها لشاطئ البحر دون تكرير مسبق بسبب أزمة انقطاع الكهرباء التي تؤثر بشكل واسع على عملية التكرير المتواصلة للمياه والتي من شأنها التخفيف من تراكم الملوثات.
ويعانى سكان المنطقة من تلك الأحواض، كما تعرضت منازلهم لغرق جراء انهيار أحد البرك وتدفق مياه الصرف الصحي اتجاه منازل الأهالي نتيجة ارتفاع منسوب المياه العادمة، الأمر الذي خلّف إصاباتٍ وحالات وفاة في صفوف النساء والأطفال.
الاحتلال يتحرك لحماية نفسه
والاحتلال من جانبه لم يعد يقف مكتوف الأيدي ولا يستطيع تجاهل المخاطر الكارثية لهذه الأحواض مدركاً أن مخاطر البيئة في قطاع غزة والتي تتصاعد يوم بعد يوم لن تبقى محدودة داخل السياج، بالرغم من فرضه حصاراً شاملًا على قطاع غزة، وإعاقته أي محاولة جادة للتخلص من تلك الأحواض وفى ظل أزمة الكهرباء المتواصلة والتي تعدّ جزءاً كبيراً ورئيسيًا في تفاقم المشكلة بعد تخفيض الاحتلال لقدرة الكهرباء عن القطاع.
في السياق، شرعت الجهات المختصة في سلطة المياه والصرف الصحي بضخ كميات هائلة من مياه الصرف المتراكمة في الأحواض باتجاه شاطئ البحر دون تكرير، الأمر الذي أثار غضب الاحتلال بعد وصول المياه العادمة لشواطئ مدينة عسقلان مما دفع الاحتلال لاتخاذ قرار وبشكل فوري خلال اجتماع عقدته سلطة المياه بحكومة الاحتلال بحضور رؤساء بلديات مستوطنات "سديروت وشاعر هنيغف" المجاورة للقطاع، للحد من التلوث الكارثي.
والاجتماع كان باتفاقٍ مع الجانب الفلسطيني الذي يعجز في ظل تراكم الأزمات عن إيجاد حلول جذرية، من خلال مد خطوط وأنابيب أرضية تعمل على تحويل المياه من تلك الأحواض باتجاه محطة تقنية في منطقة "كيبوتس ايرز" قرب بيت حانون، ومن ثم يتم تكريرها واستخدامها من قبل الاحتلال في الزراعة بدلاً من ضخها لشاطئ البحر وتدمير الآبار الجوفية.
وكان الاحتلال سبق وأن قدم عرضاً في وقت سابق للجهات الفلسطينية المختصة، طالباً تحويل مسار تلك المياه عبر أنابيب واستصلاحها في مجال الري والزراعة لكن الجانب الفلسطيني رفض هذا العرض.
السبب انقطاع الكهرباء
من جهته، أوضح مدير عام المياه والصرف الصحي في بلدية غزة المهندس ماهر سالم، أن البلدية تقف عاجزة على إيجاد حلول جذرية للتخلص من مياه الصرف الصحي والتي تعتمد بشكل أساسي على الكهرباء حيث تتم عملية التكرير في الوقت الطبيعي على مدار اليوم من ثم يتم الضخ لشاطئ البحر فهي تكون بوضع أقل خطورة مما يحدث الآن.
وأضاف في حديثه لـ"قُدس الإخبارية"، أن الأحواض التي توجد في شمال قطاع غزة هي أحواض قديمة وقد تضرر منها الأهالي كثيراً فتحاول البلدية وبالتنسيق مع كافة الجهات المعنية على المستوى الاقليمي والدولي المساعدة في إيجاد حل لها والتخفيف من مجمل المخاطر التي تحيط بالسكان.
وأكد أن انقطاع التيار الكهربائي منذ أشهر متواصلة وغياب الحلول أمام طواقم البلديات المنتشرة، دفع الأمر إلى ضخ تلك المياه إلى شاطئ البحر,، وذلك لارتفاع المنسوب الذي قد ينذر بكارثة تصيب المنازل المحيطة بالمنطقة الأمر الذي أزعج الاحتلال بعد وصول تلك المياه عبر الأمواج لشواطئ المدن المحتلة.
وأردف، "كان لنا وبعد تراكم الأزمة الموافقة على العرض الاسرائيلي السابق الذي يقضى بسحب تلك المياه عبر أنابيب وصولًا للمدن المحتلة، خوفاً من تزايد حدة التلوث الذي أصاب القطاع والذي يزداد يوما عن يوم"، مشيرًا إلى أن ما يقارب من 65- 70 ألف لتر مكعب من المياه العادمة تتدفق لمياه البحر بشكل يومي أكثرها في منطقتي غرب وشمال مدينة غزة حيث تصب بشكل مباشر للبحر دون معالجة أو تكرير.
من جهتها، حذّرت مصلحة مياه بلديات الساحل بقطاع غزة من أن استمرار تدفق المياه العادمة ينذر بحدوث أزمة حقيقية ستؤدي إلى أضرار خطيرة على صحة الأهالي الذين ينتشرون على البحر هروباً من الحر الشديد.
وأوضحت، أن عدم المقدرة على معالجة مياه الصرف الصحي بشكل عام سيؤدي إلى ضخ حوالي 110,0000 متر مكعب يومياً من مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى شاطئ البحر بشكل مباشر، مما سيؤدي إلى منع الاصطياف في البحر لهذا الموسم المتنفس الوحيد لسكان قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من عشر سنوات