غزّة- خاص قُدس الإخبارية: ليس غريبًا أن ترى سيدة تمسك بظهر زوجها أو أحد محارمها وتجلس خلفه فوق دراجة ناريّة مساءً في الشوارع الرئيسية لغزّة، لكّن الأمر لن يستمر على هذه الشاكلة طويلًا وربما لن يبدو الأمر مألوفًا بعد اليوم، خاصة بعدما أعلنت دائرة المرور في غزّة منع النساء من ركوب الدراجات النارية خلف أقاربهم، بعد حادثة مرورية بدراجة نارية راحت ضحيتها سيدة تركب خلف ابنها وسط قطاع غزّة.
وأصدرت دائرة المرور بيانًا ينص على مخالفة أي شخص يقود دراجة نارية وخلفه سيدة لا تتبع أسس الأمان والحماية لها، بالرغم من عدم وجود قرار أو مادة قانونية في دائرة المرور لعام 2000، تمنع النساء ركوب الدراجة خلف قائدي الدراجة النارية.
العقيد ماهر اللُي نائب مدير دائرة المرور، أوضح البيان قائلاً، " القرار يكون بطبيعة الحال لمحاسبة الشخص على عدم أخذ احتياطات السلامة وعوامل الأمن على الطريق".
وأضاف في حديثه لـقُدس الإخبارية، "ولكنّ احتياطات السلامة للسيدة على الدراجة النارية يحتاج إلى ركوبها بشكل متوازي بحيث تكون قدم على اليمين والأخرى على اليسار في كلا الاتجاهين، وارتداء القبعة الخاصة بها والمسك بالشخص الذي يقود الدراجة، هذا كله يتنافى مع العادات العامة في لباس السيدات للبنطال والقميص لركوب الدراجة، لكي تستطيع الجلوس بشكل صحيح ولا أحد يقبل رؤية ذلك"، بحسب قوله.
أما عن درجة عقوبة الشخص المخالف فأوضح، أن "أي شخص لا يلتزم باحتياطات السلامة والأمان سوف يعرض نفسه للمساءلة والتحقيق وسيتم توقيفه عبر دوريات المرور الثابتة والمتحركة، والعقوبة ما نص عليها القانون بفرض غرامات مالية تصل في بعض الأحيان إلى 200 شيقل أو أكثر في حال وجود حركات بهلوانية، والقانون يتحدث عن احتياطات السلامة المرورية بشكل عام".
وأضاف في مستعرض حديثه، "نحن نعيش حالة استثنائية في قطاع غزة بسبب الحصار الظالم عليه والظروف الاقتصادية الصعبة، وعلى أساس ذلك نقارن فيه الغرامات المالية ونحاول التعامل بروح القانون والتخفيف عن الناس، ولكن عندما يتعلق الأمر بأرواح الناس يكون هناك حزم نوعا ما"
وبحسب العميد اللُي، "نؤكد على وجود احترام الحرية الشخصية لكلا الجنسين ولا نريد فهم البيان بطريقة خاطئة بأننا نكبت الحرية، فمن الممكن أن يكون رجل على الدراجة ويلبس ثياب طويلة ويجلس بطريقة خاطئة على الدراجة، فانه يعاقب على ذلك مثله مثل المرأة التي ترتدي جلباب ومن الممكن أن يعلق في أحد أجزاء الدراجة ويحدث شيء خطير لها"
ونوه اللُي إلى من يرافق عائلاتهم بشكل كامل على الدراجة يخالف ويعاقب قانونياً، مبررًا ذلك بالقول "نحن بحاجة إلى أمهاتنا وعوائلنا في قطاع غزة، والحفاظ على الأرواح هي مسؤولية شرعية دينية قبل أن تكون قانونية".
بين الرفض والقبول!
انتقادات واسعة للقرار، حيث اعتبره المعلقون الرافضون بأنّه مخالفٌ لحرية المرأة وانتهاك لحقها في ممارسة حياتها بشكل طبيعي دون قيود وتمييز بينها وبين الرجل، كما رصدت "قدس الإخبارية" عددًا من التعليقات على القرار.
المحامي محمد مطير وهو ناشط شبابي، اعتبر أن" البيان يمسّ بالحرية الشخصية للمرأة، فمن قبل تكررت حوادث السير للذكور ولم يصدر بيان بمنع ركوب الدراجة النارية بدون أخذ الاحتياطات اللازمة للأمان والسلامة، بالإضافة إلى أن البيان يظلم فئة كبيرة من الناس في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تحرم أسرًا كثيرة من توفير المواصلات".
وكان للفتيات رأيهن أيضًا، بهذا البيان، حيث اعتبرن ذلك ظلم في حقهن، فقالت مها أبو شمالة، "لقد رأيت صياغة البيان كانت خاطئة فمن الممكن فرضه على الرجل والمرأة دون انحياز للجنس الآخر، واذا أرادت السيدة ركوب الدراجة وهي ترتدي ملابس بديلة عن الجلباب فهي لها حرية الاختيار ولا يوجد حق للحكومة أن ترفض ذلك بحجة العادات والتقاليد"
وأضافت، "المرأة قادرة على مواجهة العادات والتقاليد وعلى المسؤولين ترك المرأة تتحمل نظرة مجتمعها بالكيفية التي تراها مناسبة، مع العلم أنّه يوجد سيدات مسلمات في غزة ويلبسن بنطالًا ولا يضعن الحجاب، ولا أحد يمنعهن من ذلك بدعوى التقاليد، ومن المؤكد أنه لا يوجد فرق بين امرأة تمشي في الشارع وهي مرتدية بنطالًا أو أنها تركب دراجة نارية برفقة أحد أقاربها وهي ترتدي البنطال أيضاً".
بعض الآراء تقبلت قرار المرور بغزة حرصًا على سلامة السيدات اللواتي قد يتعرضن للخطر جراء جلستهن الجانبية وعدم اتخاذ اجراءات السلامة القانونية المشترطة في قائد المركبة ومرافقه، كما أن العديد من الناس يرفضن المخاطرة التي تدفع السيدات لركوب دراجة نارية بشكلٍ غير قانوني وفي ساعات متأخرة أو مناطق غير مكتظة سكانيًا بالأغلب.
ووافقت الفتاة منى حجازي قرار مرور غزة بمنع السيدات من ركوب الدراجات قائلة "إنه جاء متأخرًا، ومن المفترض أن يكون مسبقًا، لمنع المخاطرة بحياة النساء وقبل أن تفقد سيدة حياتها في حادث مروري في المنطقة الوسطى بقطاع غزة قبل أيام".